قفزت الأوقية ببورصة الذهب العالمية خلال تعاملات اليوم الاثنين أكثر من 36 دولار ، وسط ترقب الأسواق لاجتماعات بنك احتياطي الفيدرالي الأمريكي غداً الثلاثاء ، والإعلان عن مسار أسعار الفائدة يوم الأربعاء. وتتوقع الأسواق قيام بنك احتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة ، وهو ما سيؤثر بالضرورة على أسعار الذهب وأداء الأوقية بالبورصة العالمية ، ويؤدي إلى توجه المستثمرين نحو الملاذ الآمن. وأوضح الدكتورعبد لحميد نوار استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ، أنه بعد تسعة أشهر من تثبيت أسعار الفائدة عند نطاق 4.25%–4.5%، بدأت الإشارات من "جيروم باول" رئيس احتياطي الفيدرالي ، في أغسطس 2025 تشير إلى تحوّل استراتيجي. في بيانات سوق العمل الأمريكية — والتي أظهرت إضافة 22 ألف وظيفة فقط في أغسطس، وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، وزيادة غير متوقعة في طلبات إعانة البطالة — لم تعد تسمح بالانتظار. رغم تحذيرات باول من أن التضخم ما زال تهديدًا، فإن ضعف سوق العمل أصبح يفرض أولوية اقتصادية. والآن، قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) غدٍ 17 سبتمبر 2025، تشير توقعات السوق إلى احتمال يصل إلى 90% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وفقًا لمؤشر CME FedWatch، مع احتمال ضئيل لخفض أكبر (50 نقطة). لافتا إلى أن هذه ليست مجرد خطوة تقنية بل إشارة إلى بداية دورة تيسير نقدي قد تمتد إلى اجتماعات أكتوبر وديسمبر.. *علاقة قرار الفائدة المرتقب بأسعار الذهب؟* قال نوار طالما كان الذهب "الأصل غير المدر للعائد"، لكنه يلمع بالتحديد عندما تتراجع العوائد الأخرى. فكلما انخفضت أسعار الفائدة، قلّت تكلفة حمل الذهب (لأنه لا يدفع فوائد)، وكلما يصبح الدولار أضعف، مما يجعل الذهب أرخص للمشترين الدوليين. ويرتفع الطلب عليه ك تحوط ضد التضخم وضد عدم اليقين الاقتصادي. واليوم، تضاف عامل جديد: *فقدان الثقة في استقرار السياسة الاقتصادية*، خاصة مع تضارب المواقف بين البيت الأبيض (الذي يضغط بقوة لخفض كبير) والفيدرالي (الذي يحاول التوازن)، التدخل السياسي في المؤسسات الإحصائية المستقلة بإقالة رئيسة الهيئة العامة لإحصاءات العمل الأمريكية (Bureau of Labor Statistics - BLS)، إيريكا ماكنترفير، والتي تم تعيينها من قبل إدارة بايدن. هذا التوتر كله يصب في صالح الذهب. *القفزة الفعلية للذهب في 2025* واضاف استاذ الاقتصاد ، أنه منذ بداية 2025، قفز سعر الذهب بأكثر من 40%، ليتجاوز مستويات قياسية تاريخية، مدفوعًا بثلاثة محركات رئيسية: 1. شراء البنوك المركزية (الصين، روسيا، الهند، تركيا) – حيث اشترت المصارف الرسمية 1,200 طن في النصف الأول من 2025 2. تدفقات صناديق الاستثمار المُدارة في البورصات ETF سواء للمؤشر ات أو السلع، أو القطاعات، أو حتى العملات، والتي عادت بعد عام من الخروج الصافي. 3. تزايد عدم اليقين حول الاستقرار المالي والتوجهات التجارية لإدارة الرئيس ترامب. *السيناريوهان المحتملان لما بعد إجتماعات سبتمبر* *السيناريو الصعودي (المحتمل بشكل متزايد):* إذا بدأ الفيدرالي سلسلة منخفضة ولكن منتظمة من تخفيضات الفائدة (25 نقطة في سبتمبر، أكتوبر، ديسمبر)، وسط استمرار الطلب من البنوك المركزية وعدم تحسن واضح في سوق العمل، فقد يشهد الذهب قفزة حقيقية إلى 3800 دولار للأوقية بحلول نهاية 2025، و3900 دولار في منتصف 2026. والوضع الجيوسياسي (تصعيد في الشرق الأوسط أو أوكرانيا) يمكن أن يسرّع هذا الصعود. في هذه الحالة، لن يكون الذهب مجرد "ملاذ آمن"، بل أصل استراتيجي في عصر التقلب المالي. *السيناريو المعتدل (الواقعي حالياً):* إذا خفض الفيدرالي الفائدة مرة واحدة فقط في سبتمبر، ثم عاد إلى وضع "الانتظار والمراقبة"، فقد يستقر الذهب في نطاق 3400–3600 دولار. وسوف يستمر الدعم من البنوك المركزية والدولار الضعيف، مع غياب موجة تيسير نقدي حقيقية لكبح الزخم. و يرى نوار أن الذهب ليس في بداية طريقه، بل في منتصف القفزة.. والأسواق لا تنتظر، لكنها تستبق. خفض الفائدة في سبتمبر 2025 — إن تم — لن يكون مجرد حدث نقدي، بل نقطة تحوّل. إذا كانت هذه البداية، فالذهب على طريقه إلى آفاق لم تُرسم بعد. وإذا كانت مجرد خطوة تكتيكية، فسيبقى الذهب مدعومًا ببنية قوية من الطلب الرسمي والخوف الاستراتيجي. وعندما يُقال أن *الذهب لا يلمع فقط حين يتأزم العالم، بل حين تتراخى أدواته النقدية* ، فإننا اليوم، نجد أن كلا الشرطين متوفر.