التعليم الطبي يواجه كارثة بدأت بعد أن تقرر زيادة عدد المقبولين فى كليات الطب من 9 آلاف قبل 5 سنوات إلى 25 ألفًا كتبت الأسبوع الماضى أن سوء أحوال التعليم فى بعض كليات الطب يمكن أن يكون سبباً مهماً فى زيادة نسبة الأخطاء الطبية التى نراها كثيراً هذه الأيام، وأخرها تعرض 4 مرضى لفقدان البصر بعد إجراء جراحات بسيطة، بمستشفى التأمين الصحي. وعقب النشر ، فوجئنا جميعاً بخبر صادم مصدره كلية طب جامعة جنوب الوادى ، حيث كشفت نتائج امتحانات طلاب الفرقة الأولى رسوب 245 طالباً من 398 ، بنسبة 61.6٪ ، بالإضافة لفصل 101 من الراسبين لتجاوزهم عدد مرات الرسوب ، وفوجئنا أيضا بتأكيد رئيس الجامعة أن من أهم الأسباب التى أدت لذلك أن الطلاب من البداية غير مؤهلين لدخول كلية الطب، والحقيقة التى يؤكدها الأطباء أنفسهم أن التعليم الطبى يواجه كارثة بدأت بعد أن تقرر زيادة عدد المقبولين فى كليات الطب من 9آلاف قبل 5 سنوات إلى 25 ألفاً، بحجة سد العجز ومواجهة الهجرة. والنتيجة أن الكليات التى كان يطلق عليها كليات القمة ، وكان لا يلتحق بها إلا «كريمة» الطلاب من الحاصلين على 95٪ وأكثر ، انخفض تنسيقها بصورة مذهلة، حيث وصل مجموع الطب فى الجامعات الخاصة والأهلية إلى 74٪ ، وطب أسنان 73٪ ، والصيدلة 68٪ ! والمشكلة الأخطر أنه تم افتتاح 22 كلية طب جديدة خاصة وأهلية لاستيعاب زيادة الأعداد ، لكن معظمها غير مجهز بالمستشفيات والمعامل اللازمة ، ولا هيئات التدريس الكافية ، والنتيجة طلاب غير قادرين على التكيف مع الدراسة ، مثل طلاب جنوب الوادى الذين تم فصلهم بعد أول عام ، أو خريجين غير مؤهلين ولا مدربين ، لكنهم رغم ذلك يحصلون على عضوية نقابة الأطباء العريقة ،ويحملون تراخيص رسمية بممارسة المهنة ، ليرتكبوا أكبر جريمة فى حق المريض والمنظومة الصحية كلها. أتمنى أن تدرك نقابة الأطباء أن هذه المشكلة هى أكبر خطر يواجه المهنة ، وأنها الأولى باهتمامها إذا كانت تريد بالفعل حماية المهنة ، بدلا من تفرغها لمعاركها الوهمية مع أى مريض يتجرأ ويتهم طبيبا بالخطأ أو الإهمال ، والإصرار على التعامل مع شكاوى المرضى على أنها مؤامرة لتشويه سمعة الطبيب المصرى. رغم كل ذلك، تبقى نقطة ضوء مبشرة ، وتحية خاصة يجب توجيهها للدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة، والذى تعامل بمنتهى الشفافية والحسم مع قضية مرضى العيون الذى أصيبوا بالعمى بأحد مستشفيات التأمين الصحى ، حيث بادر الوزير فوراً بإعلان تقارير اللجان التى شكلها، و التى أشارت لوجود تقصير واضح من أطباء قسم العمليات وعدم الالتزام بإجراءات وبروتوكولات مكافحة العدوى، وسارع الوزير بتحويل الواقعة إلى النائب العام؛ ليتم التحقيق القضائى فى أسبابها وملابساتها ،وبادر أيضا بالوقف والإحالة للتحقيق لكل المسئولين عن الواقعة بمختلف درجاتهم، بدءا من رئيس الإدارة المركزية للخدمات الطبية بالهيئة ، ومدير المستشفى، وأطباء طب وجراحة العيون المشاركين فى الإجراءات الجراحية . هذا الحسم هو المطلوب دائما فى كل ما يمس حياة وصحة المريض