يواصل الشيخ الشعراوى خواطره حول الآية 255 من سورة البقرة قائلا: وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله : «سورة البقرة فيها سيدة آى القرآن لا تقرأ فى بيت فيه شيطان إلا خرج منه آية الكرسي».. وعن أبى أمامة قال: قال رسول الله : «من قرأ دبر كل صلاة آية الكرسى لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت».. وعن على كرم الله وجهه عن رسول الله قال: «من قرأها يعنى آية الكرسى حين يأخذ مضجعه آمنه الله تعالى على داره، ودار جاره، وأهل دويرات حوله». اقرأ أيضًا| خواطر الشعراوى| حدود ملك الله كل هذه المعانى قد وردت فى أفضال هذه الآية الكريمة، وقد جلس العلماء يبحثون عن سر هذه المسألة فقال واحد منهم: انظروا إلى أسماء الله الموجودة فيها. وبالفعل قام أحد العلماء بحصر أسماء الله الحسنى فيها، فوجد أن فيها ستة عشر اسمًا من أسماء الله، وبعضهم قال: إن بها سبعة عشر اسمًا من أسماء الله الحسنى، وبعضهم قال إن فيها واحدًا وعشرين اسمًا من أسماء الله، كل ذلك من أجل أن يستنبطوا منها أشياء، ويعلموا فضل وفضائل هذه الآية الكريمة. والذين قالوا إن بها ستة عشر اسما من أسماء الله قالوا: إن بها اسم علم واجب الوجود «الله». واسم «هو» فى «لا إله إلا هو»: هو الاسم الثاني. و«الحيّ» هو الاسم الثالث. و«القيوم» هو الاسم الرابع. وعندما ندقق فى قول الحق «لا تأخذه سِنة ولا نوم» نجد أن الضمير فى «لا تأخذه» عائد إلى ذاته جل شأنه. و«له ما فى السماوات وما فى الأرض» فيها ضمير عائد إلى ذاته سبحانه. وكذلك الضمائر فى قوله: «عنده»، و«بإذنه»، و«يعلم»، و«من علمه»، و«بما شاء»، و«كرسيه» كلها تعود إلى ذاته جل شأنه. و«لا يؤده حفظهما» فيها ضمير عائد إلى ذاته كذلك. و«هو» فى قوله سبحانه «وهو العلى العظيم» اسم من أسمائه تعالى. و«العلي» اسم من أسمائه جل وعلا. و«العظيم» كذلك اسم من أسمائه سبحانه وتعالى. اقرأ أيضًا| خواطر الشعراوى| موجبات الحمد لكن عالمًا آخر قال: إنها سبعة عشر اسمًا من أسماء الله؛ لأنك لم تحسب الضمير فى المصدر المشتق منه الفعل الموجود بقوله: «حفظهما»، إن الضمير فى «هما» يعود إلى السماوات والأرض. و«الحفظ» مصدر. فمن الذى يحفظ السماوات والأرض؟ إنه الله سبحانه وتعالى، وهكذا أصبحوا سبعة عشر اسمًا من أسماء الله الحسنى فى آية الكرسي.. وعالم ثالث قال: لا، أنتم تجاهلتم أسماء أخرى؛ لأن فى الآية الكريمة أسماء واضحة للحق جل وعلا، وهناك أسماء مشتقة، مثال ذلك: «الله لا إله إلا هو». «الحى هو». «القيوم هو». «العلى هو». «العظيم هو». ولكن العلماء قالوا ردًا على ذلك: صحيح أنها أسماء مشتقة ولكنها صارت أعلامًا. المهم أن فى الآية الكريمة ستة عشر اسمًا، وإن حسبنا الضمير المستتر فى «حفظهما» نجد أنها سبعة عشر اسمًا، وإذا حسبنا الضمير الموجود فى المشتقات مثل «الحى هو»، و«القيوم هو»، و«العلى هو»، و«العظيم هو»، صارت أسماء الله الحسنى الموجودة فى هذه الآية الكريمة واحدًا وعشرين اسمًا. إذن هى آية قد جمعت قدرًا كبيرًا من أسماء الله، ومن ذلك جاءت عظمتها. وهذه الآية الكريمة قد بيّنت ووضحت قواعد التصور الإيماني، وأنشأت عقيدة متكاملة يعتز المؤمن أن تكون هذه العقيدة عقيدته. والآية فى ذاتها تتضمن حيثيات الإيمان، إنه ما دام هو «الله لا إله إلا هو»، وما دام هو الحيّ القيوم على أمر السماء والأرض، وكل شيء بيده، وهو العلى العظيم، فكل هذه مبررات لأن نؤمن به سبحانه وتعالى، وأن نعتز بأن نعتقد هذه المعتقدات، وتكون هى الدليل على أن المؤمن فخور بهذا الدين الذى كان أمر الألوهية المطلقة واضحًا وبيّنًا فيه. ولذلك فمن الطبيعى ألا يقهر الحق أحدًا على الإيمان به إكراهًا، لأن الذى يقهر أحدًا على عقيدة ما، هو أول مَنْ يعتقد أنه لولا الإكراه على هذه العقيدة لما اعتقدها أحد. ونحن فى حياتنا اليومية نجد أن أصحاب المبادئ الباطلة هم الذين يمسكون السياط من أجل إكراه الناس على السير على مبادئهم. وكل من أصحاب هذه المبادئ الباطلة يعلم تمام العلم أنه لو ترك السوط والقهر ما سار إنسان على مثل هذه المبادئ الباطلة.