لم يكن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، يتوقع أن يتحول مؤتمر حزب العمال البريطاني نهاية الشهر الجاري إلى ساحة صراع داخلي قد يهدد استقرار زعامته. فتحت استقالة أنجيلا راينر من منصب نائبة الزعيم، بعد فضيحة ضريبية، الباب أمام سباق محموم على المنصب الثاني في الحزب. اقرأ أيضًا| موقع أمريكي: استقالة نائبة رئيس الوزراء البريطاني لهذا السبب ولا يقتصر هذا السباق على اختيار خليفة راينر، لكنه يوضح معركة أوسع بين تيارات الحزب، ويمنح خصوم ستارمر الداخليين فرصة نادرة لتقويض سلطته، وفقًا لصحيفة "تليجراف" البريطانية. ومع تزايد الأسماء المطروحة من مختلف الأجنحة – يسارًا ويمينًا وشخصيات سابقة مثيرة للجدل – يبدو أن كير ستارمر يواجه أسوأ كوابيسه السياسية منذ دخوله مقر "10 داونينج ستريت". أزمة استقالة راينر.. «بداية الشرارة» جاءت الشرارة الأولى، من استقالة أنجيلا راينر، نائبة الزعيم البريطاني، بعدما تم الكشف عن أنها لم تسدد رسوم الدمغة العقارية عند شراء منزلها الثاني في شرق ساسكس. وتركت هذه الاستقالة، فراغًا سياسيًا حساسًا، خاصة أن المنصب لا يعيّنه كير ستارمر مباشرة، بل يُنتخب من قِبل أعضاء الحزب بعد تحديد المرشحين من قِبل النواب، ما يعني أن القاعدة الشعبية قد تفرض اسمًا يقيّد يد رئيس الوزراء البريطاني. «إميلي ثورنبري».. الطموح المتجدد كانت السياسية المخضرمة إميلي ثورنبري، أول من ألمح علنًا إلى نيتها خوض السباق، مستغلة استقالة راينر لتوجيه انتقادات مباشرة لكير ستارمر. وعادت ثورنبري، التي شعرت بالتهميش حين استبعدها ستارمر من الحكومة البريطانية العام الماضي لصالح صديقه اللورد هيرمر، لتقود المعارضة في ملفات حساسة مثل غزة. لكنها تواجه سمعة "شخصية من شمال لندن" بعيدة عن الطبقات الشعبية، وسابقة إقالتها في عهد إد ميليباند بسبب سخريتها من رموز الهوية الوطنية، بحسب صحيفة «تليجراف» البريطانية. «لويز هيج».. الصوت القادم من الشمال أثار اسم آخر الجدل، وهو لويز هيج، وزيرة النقل البريطانية السابقة، التي أُقيلت عبر مكالمة هاتفية بعد الكشف عن إدانة جنائية قديمة تعود لعشر سنوات. كثير من زملائها اعتبروا الإقالة قاسية وغير منصفة، خاصة أنها تمثل الصوت الشمالي المهم داخل الحزب. وقادت هيج، تمردًا ناجحًا ضد إصلاحات الرعاية الاجتماعية الحكومية هذا العام، ويُتوقع أن تخوض السباق لإجبار رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، على الإصغاء أكثر إلى القاعدة الحزبية. لكن وفقا للصحيفة البريطانية ذاتها، في حال فوزها، سيجد الحزب نفسه أمام سؤال «كيف يسمح لمُدانة بالاحتيال بشغل منصب رفيع؟». اقرأ أيضًا| رئيس الوزراء البريطاني: يجب توفير الضمانات الأمنية لأي اتفاق بين روسيا وأوكرانيا «روزينا ألين-خان».. رهان اليسار نافست الطبيبة السابقة روزينا ألين-خان، راينر سابقًا على منصب النائب، وتفكر أيضًا في العودة إلى السباق، وهي صوت بارز لليسار الذي تراجع بعد هزيمة كوربين في 2019، ورغم شعبيتها لدى الأعضاء القاعديين، فإنها تواجه صعوبة في الحصول على دعم 20% من نواب البرلمان لبلوغ ورقة الاقتراع. وقد تمنحها، مواقفها الأخيرة، مثل الاستقالة احتجاجًا على خصخصة خدمات الصحة ودعمها لمعارضي سياسات غزة، دفعة بين قواعد الحزب الأكثر راديكالية. «إد ميليباند».. العودة المحتملة إد ميليباند.. قد يبدو اسمه مفاجئًا في قائمة المرشحين المحتملين، لكنه، زعيم الحزب السابق ووزير الطاقة الحالي البريطاني، ويتمتع بشعبية كبيرة بين القواعد العمالية بفضل تمسكه بأجندة "الحياد الكربوني". كما صنفته استطلاعات "ليبر ليست" كأكثر أعضاء الحكومة البريطانية شعبية، وهو ما يجعله ورقة خطيرة أمام كير ستارمر. وسيعزز فوز ميليباند، نفوذ الجناح الأخضر داخل الحزب البريطاني، لكنه قد يذكّر الناخبين البريطانيين بأسباب خسارة حزب العمال انتخابات 2015. هل تعود «أنجيلا راينر»؟ المفارقة أن أسوأ سيناريو لستارمر قد يتمثل في عودة راينر نفسها للمنصب. فرغم فضيحتها الضريبية، تبقى ثاني أكثر سياسيي الحزب شعبية بعد ميليباند، وتحظى بدعم واسع بين النواب والقاعدة الحزبية. وإذا ترشحت وفازت، فسيُطرح سؤال حتمي حول هيبة كير ستارمر وقدرته على ضبط صفوفه. معركة تهدد استقرار ستارمر ولا يقتصرالسباق على منصب نائب الزعيم على اختيار شخصية بديلة، ولكنه يوضح توازن القوى داخل حزب العمال البريطاني. فالأسماء المرشحة لنصب نائب الزعيم البريطاني تمثل تيارات متصارعة، وهي: «اليسار، والأصوات الشمالية، والوجوه الخضراء، وحتى خصوم ستارمر الشخصيون». وإذا خرج المنصب من تحت سيطرته (كير ستارمر)، فقد يجد رئيس الوزراء البريطاني نفسه في موقع أضعف، يتعرض لضغوط متزايدة من الداخل وهو لم يكمل بعد عامه الأول في السلطة...