أيام قليلة ويبدأ الترشح لعضوية البرلمان، وهذه الأيام هناك اجتماعات معلنة وأخرى غير معلنة، وتكثر النقاشات والتحالفات. لكن يظل السؤال الأهم: ماذا نريد نحن من عضو البرلمان القادم؟ ماذا نتوقع منه أن يفعل، وكيف نأمل أن يكون أداؤه؟ نحن ننتظر أن يكون قريبًا من الناس، حاضرًا فى قضاياهم، صادقًا في مواقفه، وأن يتعامل مع المسئولية باعتبارها تكليفًا لا تشريفًا. نرجو أن يوفق الله الشعب المصري فى اختيار مَن يعبر حقًا عن مصالحه، ومَن يكون قادرًا على أن يتحمل هذه الأمانة الكبيرة. الهيئة الوطنية للانتخابات حددت يوم 13 سبتمبر 2025 موعدًا لفتح باب تلقى طلبات الترشح لانتخابات البرلمان، ليستمر استقبال الطلبات لمدة محددة وفق القواعد المنظمة. وتأتي هذه الخطوة تمهيدًا لانطلاق العملية الانتخابية، التي يجب أن تُجرى وفق الدستور خلال الستين يومًا السابقة لانتهاء مدة المجلس الحالي فى يناير 2026. هذا يعنى أن مصر مقبلة خلال الشهور القليلة القادمة على استحقاق انتخابى كبير، سيحدد شكل البرلمان حتى عام 2030 تقريبًا. البرلمان القادم ليس مجرد مجلس جديد، بل اختبار حقيقى لقدرة الدولة والمجتمع على تجديد الحياة السياسية بروح أكثر جدية وفاعلية. المطلوب أن يكون النائب صوتًا للأمة لا مجرد ممثل لدائرته، وأن يتحمل مسئوليته كاملة فى التشريع والرقابة، وهما الركيزتان الأساسيتان لأى برلمان قوى.. النائب الذي نحتاجه هو مَن يمتلك رؤية واضحة تتجاوز المصالح الضيقة. نريده نائبًا يناقش قوانين التعليم والصحة والاستثمار والتحول الرقمي بنفس الحماس الذي يتحدث به عن مشكلات الخدمات اليومية. نريده نائبًا يراقب الحكومة بضمير، يدفعها إلى الشفافية، ويحاسبها إذا قصرت، ويشجعها إذا أحسنت. فالبرلمان ليس خصمًا للحكومة ولا تابعًا لها، بل شريك يوازن بين النقد والدعم، بين الرقابة والتعاون. البرلمان الفاعل هو الذي يسن تشريعات تلمس تفاصيل الحياة اليومية، في العمل والسكن والصحة والتعليم، وهو الذي يرفع صوت الناس حين يشتد عليهم العبء الاقتصادي أو حين تضيق بهم الأزمات.. وتبقى المسئولية الكبرى على الناخبين. حسن الاختيار هو بداية الطريق. كل صوت يُلقى في الصندوق هو شهادة ثقة، وأمانة تحدد شكل السنوات المقبلة. فإذا أحسن الناس الاختيار، سيكون لدينا مجلس قوي يليق بتاريخ مصر وطموحاتها، أما إذا سيطر الضعف والمصالح الضيقة، فسندفع جميعًا الثمن. الانتخابات فرصة جديدة لبداية مختلفة، أكثر وعيًا ومسئولية، يكون فيها صوت الشعب هو الأقوى، ويكون فيها النائب مؤتمنًا على هذا الصوت.