محمد جمال الزهيرى حققت جامعة هارفارد الأسبوع الماضى انتصارًا قانونيًا كبيرا فى صراعها مع إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بعدما أصدرت محكمة فيدرالية حكما قضائيا ينص على أن الحكومة الأمريكية خالفت القانون عندما جمدت ما يقرب من 2.6 مليار دولار من أموال مخصصة لتمويل الأبحاث بزعم «القضاء على معاداة السامية». اقرأ أيضًا| ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية إضافية بعد غرامة الاتحاد الأوروبي على جوجل وكانت إدارة ترامب قد اتخذت إجراءات ضد عدة جامعات وعلى رأسها جامعة هارفارد على خلفية حركة الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين التى عمت حرم هذه الجامعات فى أعقاب اشتداد العدوان الصهيونى على قطاع غزة قبل حوالى عامين، ومن أول الإجراءات التى اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد هارفارد هى إلغاء المنح، كما سعت أيضا إلى منع الطلاب الأجانب من الالتحاق بالجامعة. وركزت قضية هارفارد على تمويلها البحثى، وقالت الجامعة الوحيدة التى رفعت دعوى قضائية بشأن هجوم الإدارة الموجه على تمويل أبحاثها، أن الإدارة قد خالفت التعديل الأول لحقوقها الدستورية وحقوق الإجراءات القانونية الواجبة عندما سعت إلى حرمانها من هذا التمويل. واعتبرت القاضية أليسون بوروز، قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية فى بوسطن فى حكمها أن تخفيضات إدارة ترامب ترقى إلى انتقام غير قانونى، بسبب رفض هارفارد مطالب الإدارة الأمريكية بتغييرات فى حوكمة هارفارد وسياساتها، مؤكدة أن أبحاث الجامعة المدعومة فيدرالياً لا علاقة لها بالتمييز ضد اليهود، وهى الذريعة التى اتخذها البيت الأبيض لمعاقبة الجامعة التى تأسست عام 1636. اقرأ أيضًا| ترامب يعلن استضافة قمة مجموعة العشرين 2026 في ميامي وكتبت بوروز أن مراجعة السجل الإدارى تجعل من الصعب استنتاج أى شىء آخر، غير أن «الحكومة» استخدمت معاداة السامية على أنها ستار لهجوم مستهدف ذى دوافع أيديولوجية على جامعات هذا البلد الرائدة. وأضافت أنه الآن، تقع على عاتق المحاكم مهمة التدخل بالمثل، والعمل على حماية الحرية الأكاديمية وحرية التعبير كما يقتضى الدستور، وضمان عدم إخضاع الأبحاث المهمة لإنهاءات منح تعسفية وغير سليمة، حتى لو كان ذلك يعرضها لغضب حكومة ملتزمة بأجندتها مهما تكلف الأمر. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذا الحكم قد لا يكون نهائيا فى هذه القضية، إلا أنه يعتبر ردا مؤقتا على محاولات إدارة ترامب لإعادة تشكيل التعليم العالى النخبوى بالقوة. فى المقابل، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض، ليز هيوستن، فى بيان، بأن الحكومة تخطط لتقديم استئناف فورى، ووصفت بوروز بأنها «قاضية ناشطة عيّنها الرئيس السابق باراك أوباما». وأكدت أنه بالنسبة إلى أى مراقب منصف، من الواضح أن جامعة هارفارد قد فشلت فى حماية طلابها من المضايقات، وسمحت للتمييز بأن يتفشى فى حرمها الجامعى لسنوات، كما أن هارفارد لا تتمتع بحق دستورى فى أموال دافعى الضرائب. ويرى محللون، أن الجامعات الأمريكية العريقة باتت مستهدفة بحملة الإدارة الأمريكية الواسعة لاستغلال التمويل الفيدرالى لفرض التغيير فى الجامعات الأمريكية التى يدعى ترامب أنها تسيطر عليها أفكار معادية للسامية و«يسارية متطرفة».. كما أكد المحللون أن الصراع بين ترامب والجامعات الأمريكية لا ينفصل عن طبيعة اللحظة التاريخية التى تمر بها الولاياتالمتحدة، حيث أصبحت الجامعات أكثر من مجرد مؤسسات تعليمية، وامتدت لتكون مراكز لتشكيل الرأى العام وصناعة النخب المؤثرة.. وبينما يرى أنصار ترامب أن هذه الجامعات منحازة فكريًا وتحتاج لإصلاح جذرى، يعتبر المدافعون عنها أنها خط الدفاع الأخير عن قيم الديمقراطية والتعددية، وهو ما يجعل هذا الصراع مفتوحًا على عدة احتمالات، أبرزها أن يتحول مستقبل الجامعات الأمريكية إلى مرآة للانقسام السياسى والفكرى الذى يشق المجتمع الأمريكى من الداخل.