تُحيي الأوساط الفنية والثقافية اليوم الذكرى المئوية لميلاد الفنان الراحل فؤاد المهندس، الذي وُلد في السادس من سبتمبر عام 1924، ورحل عن عالمنا في مثل هذا الشهر عام 2006، بعد مسيرة فنية امتدت لعقود من الإبداع والريادة، جعلته أحد أبرز أعمدة الفن والكوميديا في مصر والعالم العربي. النشأة والبدايات وُلد فؤاد زكي المهندس في حي العباسية بالقاهرة، وكان الابن الثالث لأسرة مثقفة، حيث كان والده زكي المهندس عالمًا لغويًا بارزًا، وكان لمنزله دور كبير في الحفاظ على اللغة العربية وتنمية الحس الفني لدى الأبناء. تلقى تعليمه الأساسي في مدارس العزب التركية، التي أسهمت في تشكيل شخصيته الصلبة وثقافته الفنية. التحق بكلية التجارة، وهناك انضم إلى فريق التمثيل الجامعي، حيث بدأت ملامح موهبته الفنية تتضح. تأثر كثيرًا بالفنان نجيب الريحاني بعد مشاهدته في مسرحية "الدنيا على كف عفريت"، وسعى للانضمام إلى فرقته، إلا أن وفاته حالت دون ذلك. كانت انطلاقته الحقيقية بعد انضمامه إلى فرقة "ساعة لقلبك" في بداية الخمسينيات. ثنائي فني استثنائي مع شويكار شكّل فؤاد المهندس ثنائيًا فنيًا شهيرًا مع الفنانة شويكار، بدأ بمسرحية "السكرتير الفني"، وامتد لعشرات الأعمال في المسرح والسينما. وقد جمعت بينهما علاقة زواج، بعد أن عرض المهندس عليها الزواج خلال أحد العروض المسرحية. ورغم انفصالهما لاحقًا، استمر التعاون الفني بينهما، وكان آخر أعمالهما المشتركة مسرحية "روحية اتخطفت". المسرح أولوية دائمة رغم تقديمه قرابة 70 فيلمًا سينمائيًا، ظل المسرح هو المجال الأقرب إلى قلب فؤاد المهندس، الذي اعتبره وسيلة لتقديم رسائل مجتمعية هادفة. من أبرز مسرحياته "هالة حبيبتي"، التي ناقشت أوضاع الملاجئ، و"سك على بناتك" التي تناولت مشاكل تربية الأبناء. كما قدم مسرحية "إنها حقًا عائلة محترمة" أثناء تعافيه من جلطة بالقلب، مؤكدًا أن المسرح كان سببًا في تعافيه. حضور قوي في وجدان الأطفال حرص فؤاد المهندس على تقديم أعمال للأطفال، وكان أبرزها فوازير "عمو فؤاد" التي عُرضت في شهر رمضان ولاقت نجاحًا واسعًا في مصر والعالم العربي. كما قدّم عددًا من الأغاني الموجهة للصغار، مستفيدًا من خلفيته المبكرة في الغناء المدرسي. مدرسة فنية متكاملة ترك المهندس أثرًا واضحًا في أجيال من الفنانين، وكان يعتبر الفنان عادل إمام بمثابة ابنه البكر فنيًا، وحرص على دعمه في بداياته. كما يُعد من المؤسسين لمدرسة كوميدية راقية تعتمد على الموقف الذكي واللغة العربية السليمة. وفاته توفي فؤاد المهندس في 16 سبتمبر 2006 عن عمر ناهز 82 عامًا، بعد شهر واحد من وفاة رفيق دربه الفنان عبد المنعم مدبولي. ورغم رحيله، ما زالت أعماله تُعرض وتُدرس، ويُعد اسمه مرادفًا للفن الهادف والكوميديا الراقية في الوجدان العربي. اقرأ ايضا| 3 ورش وندوتان و9 عروض في خامس أيام «القاهرة للمسرح التجريبي»