يعد قصر العينى أيقونة الطب فى مصر والشرق الأوسط، وواحدًا من أعرق الصروح الطبية والتعليمية فى العالم العربى، وارتبط اسم قصر العينى بتخريج أجيال من الأطباء والعلماء الذين ساهموا فى تطوير الطب الحديث داخل مصر وخارجها. كما أن مستشفى قصر العينى، ظل لقرون الملاذ الأول لعلاج المصريين من مختلف الفئات، ومركزًا متقدمًا للتعليم الطبى والبحث العلمى، يجمع بين الجانب الأكاديمى والعملى، يضم اليوم قصر العينى شبكة واسعة من المستشفيات والمراكز التخصصية التى تقدم خدماتها لملايين المرضى سنويًا. ويكشف لنا فى هذا الحوار الأستاذ الدكتور حسام صلاح، عميد كلية طب قصر العينى، ورئيس مجلس إدارة المستشفيات عن خطط التطوير داخل الكلية والمستشفيات، وأبرز إنجازاتها فى التعليم الطبى والبحث العلمى، إلى جانب رؤيته لمستقبل قصر العينى ودوره فى خدمة المجتمع. اقرأ أيضًا | عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي بداية.. ما أبرز التغييرات فى المناهج الدراسية لتتماشى مع المعايير العالمية؟ - بالفعل هناك تطوير وتحديث فى قطاعات عديدة، قطاع التعليم الطبى الجامعى البكالوريوس وقطاع التعليم الخاص بالدراسات العليا وما تحتويه من دراسات ماجستير ودكتوراه ودبلومات مهنية، ففى مرحلة البكالوريوس بدأنا بتحديث المناهج، فقد رصدنا أن هناك بعض الشكاوى من ثقل وتضخم حجم المناهج بما يفوق احتياج المخرج النهائى لجدارات خريج كلية طب سوف يمارس ممارسة عامة، فقد تم التركيز على أولويات التعليم والمعلومات الأساسية التى يحتاجها الطبيب كى يمارس عمله بوزارة الصحة، وأهم شىء فى نجاح أى منظومة هو الحوكمة، فبناء المنهج يبدأ بمجلس القسم ثم يعبر على لجنة مناهج ثم مجلس الكلية، فلابد أن تكون المناهج معتمدة كى تحقق الجدارات التى يحتاجها الخريج، وأؤكد أن الزيادة فى المناهج تضر والنقصان أيضًا يضر، واستطعنا خلال عام أكاديمى 2024 /2025، أننا نعمل على مراجعة مناهج كل المراحل، واستطعنا تعديل المناهج بما يتناسب مع المتطلبات التى يحتاجها خريج كلية الطب، فتطوير المناهج عملية ديناميكية لن تتوقف عند مرحلة معينة، خاصة مع التطور السريع الذى يشهده العالم الآن فى مختلف تخصصاتها. ما أبرز العوامل التى ساعدت الكلية على الوصول إلى التنافسية؟ كى نستطيع أن نصل لهذه التنافسية كان يجب علينا أن نعرف موقعنا وكذلك اتجاهات العالم الخارجى، كما أن هناك تدويلًا للتعليم والجامعات محليًا ودوليًا ولكى نصل لهذه المرحلة لابد أن يكون موقعنا ذا حيثية داخلية وخارجية ، أيضاً لابد من معرفة التهديدات الداخلية والخارجية المحيطة كى نبتعد عنها قدر الإمكان، وجعل بيئة العمل والتطور يسيران فى مسار سلس، ولكى نستطيع المنافسة يجب أن نكون على دراية كاملة بتوجهات العالم، جامعات الجيل الرابع لابد أن تحقق المعادلة وهى العلاقة بين البحث العلمى والخدمة المجتمعية والاقتصادية بالإقليم المحيط، لذلك يجب عمل علاقات دولية مع الجامعات الأجنبية . كما أنه لابد على العلماء المصريين أن يساعدوا بلدهم للنهوض بالاقتصاد وأن يدخل الصناعة يداً بيد مع الجامعات. هل من الممكن أن تحل برامج الذكاء الاصطناعى محل الطبيب؟ هناك استراتيجية أطلقها د. محمد سامى رئيس جامعة القاهرة لإدخال الذكاء الاصطناعى بالمناهج، وهنا أقصد تعليم الذكاء الاصطناعى، فكلية الطب مثلاً أدخلت مقرراً للذكاء الاصطناعى فى الممارسة الطبية، وأؤكد على أن برامج الذكاء الاصطناعى هى برامج داعمة للمعرفة ولا تحل محل الطبيب. كيف يتم دعم شباب الباحثين والأطباء داخل الكلية والمستشفيات؟ البحث العلمى والمشاريع البحثية والبحوث التطبيقية هى مهنة ولابد أن ننظر لها على هذا الأساس كى نستطيع التقدم وتعزيز الخدمات الطبية، ولكن إن نظرنا لها على أنها رسالة عامة نضعها فى الرف فنحن هكذا نمشى بالطريق الخطأ، لذلك يهتم قصر العينى بشباب الباحثين وتقديم كل الدعم لهم فأنشأنا مركز «قصر العينى للبحث العلمى والابتكار»، لتعزيز البحث العلمى ومشاريع البحث العلمى، وأطلقنا مبادرات مثل مبادرة قصرى1 وقصرى 2 لدعم الباحثين بتمويل وصل ل 2 مليون جنيه لتحفيز الباحثين للتقدم بابتكاراتهم فى المجالات الطبية فى صورة مشروعات ذات مخرجات واضحة، وأؤكد أن الذى يفرق كلية عن أخرى هو وضعها على المستوى الدولى فى البحوث العلمية. ما أبرز الأبحاث الطبية التى خرجت من قصر العينى مؤخرًا؟ بالفعل هناك كثير من الأبحاث التى تم تطبيقها على أرض الواقع منها جهاز التنفس الصناعى «EZVent» والذى حصل على الترخيص التجارى الرسمى، ليصبح أول جهاز مصرى يُصمم ويُصنّع بالكامل محليًا بمعايير عالمية، قد تم تطويره واختباره سريريًا داخل وحدة الرعاية المركزة، وحقق نتائج إيجابية دون أى آثار جانبية، ما يؤهله للاستخدام الفعلى فى وحدات الرعاية الحرجة، ويعد الجهاز نموذجًا ناجحًا لربط البحث العلمى بالصناعة وتحقيق الاكتفاء الذاتى من المعدات الحيوية، بدعم فريق طبى وهندسى مصرى، تحت إشراف د. ياسر نصار الباحث الرئيسى للمشروع. أيضاً نجح فريق من أساتذة مستشفى الأطفال الجامعى (أبو الريش اليابانى) فى ابتكار تقنية جديدة تحمل اسم Aortic strain by tissue speckle tracking للكشف المبكر عن تصلب الشرايين، ونجح هذا الفريق فى توظيف تقنية التتبع الجزيئى بالموجات فوق الصوتية المصممة فى الأساس لقياس وظائف عضلة القلب لاستخدامها بشكل مبتكر فى قياس مرونة الشريان الأورطى والكشف عن تصلبه قبل ظهور أى تغيرات عبر الوسائل التقليدية. ما الدور الذى يلعبه قصر العينى فى خدمة غير القادرين والفئات الأكثر احتياجًا؟ مستشفى قصر العينى ملك الشعب، فهو الملاذ الآمن للمواطن المصرى، لذلك عملنا على نظام حوكمة للخدمة العلاجية متميزة لإرضاء المرضى، فمستشفى قصر العينى يضم كوادر طبية متميزة وقوية، لذلك لن تجد مشكلة طبية ليس لها حل به، فالمستشفى يضم 5200 سرير، 480 سرير رعاية، وما يكثر عن 200 حضانة، والمستشفى يستقبل سنوياً 2.5 مليون مريض، واتخذنا حوالى 54 ألف إجراء للقضاء على قوائم الانتظار بالمستشفى، كما أن المستشفى يجرى حوالى 100 ألف عملية جراحية فى السنة، كما أن مستشفيات الأطفال تستقبل حوالى 900 ألف طفل فى العام، وإجراء عمليات جراحية. هل هناك خطط للتوسع فى قصر العينى؟ مستشفيات قصر العينى عمرها ما يقرب من 200 سنة، وعلى مدار أربع سنوات وبمعاونة مكاتب مصرية و دولية إنجليزية ويونانية تم عمل دراسة ورؤية كاملة لتطوير قصر العينى حتى 2050 ليطابق المعايير المحلية والدولية لتقديم الخدمات العلاجية المتميزة للمواطن المصرى، وكذلك تم عمل رؤية مستقبلية للتطوير بدراسة هندسية كى نصل إلى استقبال 4 ملايين مريض سنوياً فى عام 2040 وذلك بعد دراسة حجم التضخم. ما أسباب مشكلة هجرة الأطباء إلى الخارج؟ - أرفض مصطلح «هجرة الأطباء» فالرأى العام يحاول تغيير المفهوم الحقيقى للمضمون، فكل الفئات تسافر إلى الخارج، فالسفر ميزة وإن دل يدل على أن التعليم فى مصر عظيم فى كل مراحله، فالاتصال بالخارج أمر مهم حتى فى قانون 49 بند يسمى «إجازة دراسية ومهمة علمية» وذلك لإرسال عضو هيئة تدريس لأحد البلاد يتعرف على مهارات جديدة موجودة بالخارج تفيد الكلية وبلده فيما بعد.