بينى وبين المفكر الكبير الدكتور « مصطفى الفقى « محبة خالصة لوجه الله، منه نتعلم. درس الفقى الأخير فى ثقافة الاعتذار، يُحتذى، يوماً ما قال الفقى فى خالد الذكر الزعيم « جمال عبد الناصر « قولاً كريهاً، عددته عليه من زلات اللسان، والهنات التى تقع أحياناً من الكبار. يومها اعتذر الكبير لأسرة الزعيم اعتذار الكبار، ولم يمارِ، ولم يتكبر، ولم يركبه العناد، وتواضعاً بادر بالاعتذار للمحبين ، وهمس فى أذنى حبى لناصر ليس محتاج إثبات ، مكتوب ومنشور ومقروء . معلوم، الاعتذار من شيم الكبار، وفضيلة الاعتذار تدخل فى باب الفضائل، ولسان الحال، أنا أحمل لك يا قلبى بين يديّ اعتذاراً يفوق كلمات الاعتذار وحبّاً يفوق كلمات اللوم والعتب. فى حضرة صديقى الإعلامى النابه « شريف عامر « فى برنامج « يحدث فى مصر» ، عبر فضائية «MBC مصر»، مساء الثلاثاء الماضى، سأل شريف الدكتور الفقى، عن النماذج الإيجابية للرجال الأقوياء فى المنطقة العربية، فقدم اسم خالد الذكر «جمال عبد الناصر» . ومستوجب التسجيل الأمين ، قال الفقى ما نصه : « من ينكرون على عبد الناصر حقوقه التاريخية، يهملون قدرته على تغيير ثقافة الناس سلباً وإيجاباً». وبذكاء لا يخلو من دهاء، لفتنا إلى أن الحملات التى تُشن على عبد الناصر غير موضوعية وجميعها افتراءات، وأن التحليل الموضوعى للرئيس الراحل يُنصفه فى كثير من الأشياء، ويدينه فى أشياء أخرى «. تجلى الكبير إنصافاً لخالد الذكر موضوعية منه مُحببة، ويصح القول لم يقل أحد من المحبين إن ناصر كان معصوماً، وراجع ناصر فى حياته فى وثائق منشورة ما كان منه وكان منهم، معترفاً بالأخطاء التى شابت عصره، وانتوى تغييراً جذرياً، لكن ملاك الموت كان حاضراً، فلم يتمكن من التغيير الذى ارتضاه نفسياً وعزم عليه فعلياً. موضوعية الفقى تُحسب له ويُؤجر عليها وطنياً، ودرس لكل من تسول له نفسه هدم رمز من رموز هذا الوطن، والوقوف فحسب على أخطائها، ونكران مُنجزاتها، وتشويه سيرتها التى هى من سيرة وطن عظيم، مصر أغلى اسم فى الوجود بشعبها الأصيل . ناصر أصاب وأخطأ والتاريخ محاسب عتيد، وتاريخ ناصر وراءه، و كتابه بيمينه ، وما تركه فينا عميق الأثر، ومن ينكره كمن ينكر الشمس ساطعة فى كبد السماء، وأخطاء ناصر السياسية معلومة للكافة، ومن الإنصاف ذكرها ملحقة بمُنجزاته. التحزب يخل بالموضوعية، والتعاطى مع عصر ناصر دون حسابات عصره المعقدة، وتكالب القوى الاستعمارية على ثورته ، يحرف النظرة للحقائق، ويظلمه تاريخياً. درس الفقى اعتذار خليق بالاتباع، واعتذاره ضمنياً، معترفاً بزعامة ناصر، وكونه نموذجاً للقادة الشجعان القادرين على التغيير، حرياً بتمعن وتفكر من يعادون ناصر جهلاً بمنجره ، ويشوهون عصره جملة، ويمسكون فى الهوامش دون المتون، ويقولون فيه قولاً سيئاً، فحسب يراعون الموضوعية، ولخلق الإنصاف التاريخى. ما يحزن أن أحكام هؤلاء الجزافية على الحقبة الناصرية فضلاً عن الانحراف عن الموضوعية التأريخية، أخشى أحكامهم تصدر عن هوى، للأسف مثل هذه الأحكام غير البريئة من الهوى تصب فى نهر الإخوان المالح، ترفده بماء أجاج ، يغب منه إخوان الشيطان غباً، والإخوان يستبطنون ثأراً من ناصر وثورة ناصر الذى أطاح بخلافتهم، وشتت شملهم، وطاردهم فى أقصى الأرض. السرديات الوهمية عن ناصر والحقبة الناصرية والإمساك بسفاسف الأمور، والجبنة والتوست والعيش الأسمر، والوقوف على الهوامش المتهاوية، ما يستهوى إخوان الشيطان، ويحتفون به ويشيرونه تشييراً كثيراً ، ويتخذونه سبيلاً لإشانة ناصر فى قبره.