تحولت العاصمة الصينيةبكين هذا الأسبوع إلى مسرح سياسي وعسكري استثنائي، حيث جمعت الصين قادة روسياوكوريا الشماليةوإيران إلى جانب أكثر من عشرين زعيمًا عالميًا، وبينما نسج شي جين بينغ خيوط قمة دبلوماسية رفيعة المستوى، اختتم المشهد بعرض عسكري ضخم حمل رسائل رمزية قوية، في تحدٍ مباشر للغرب. رؤية جديدة للعالم وأوضحت "سي إن إن" أن الرئيس الصيني شي جين بينغ استضاف خلال الأيام الثلاثة الماضية قمة في إحدى أكثر مدن الموانئ الصينية ازدحامًا، عُرضت خلالها رؤيته لنظام عالمي جديد، وشارك في القمة قادة من آسيا والشرق الأوسط، في مقدمتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. ولفتت الشبكة إلى أن الاجتماع شهد للمرة الأولى اجتماع هذا الرباعي في حدث واحد، وهو ما تعتبره واشنطن تجسيدًا ل"محور الاضطرابات" المناهض للولايات المتحدة. وفي يوم الأربعاء، قاد شي جين بينغ العرض العسكري على شارع السلام الأبدي في بكين، مستعرضًا صواريخ أسرع من الصوت قادرة على حمل رؤوس نووية، وطائرات مسيّرة تحت الماء، وآلاف الجنود، وبحسب "سي إن إن"، فإن الرسالة كانت واضحة: الصين لا تخشى تحدي الغرب وتسعى لإعادة ضبط القواعد العالمية. توازنات جديدة أكدت الشبكة أن الغرب يرى في إيرانوكوريا الشماليةوالصينوروسيا محورًا ناشئًا يدعم موسكو في حربها ضد أوكرانيا، فبينما تمد بيونج يانجموسكو بالسلاح وحتى بالقوات، وتدعم طهران بقدرات عسكرية، توفر بكين غطاءً اقتصاديًا وصناعيًا. وأشار محللون وفق "سي إن إن" إلى أن الصين تظهر نفسها كقوة وحيدة قادرة على الضغط على بوتين لإنهاء الحرب، لكنها لا تنوي لعب هذا الدور وفق قواعد الغرب. ورصدت الشبكة صورًا أظهرت دفئًا في العلاقات بين الحاضرين، حيث احتضن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الرئيس الروسي بوتين، وسار إلى جانبه ومع شي جين بينغ وسط ابتسامات ودية. هذه اللحظات الرمزية، وفق المحللين، لا تقل أهمية عن التصريحات الرسمية، وتؤكد تقاربًا متزايدًا بعيدًا عن الغرب. الغرب في مرمى الانتقادات في خطاباته خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون، دعا شي جين بينغ إلى "معارضة عقلية الحرب الباردة ووقف ممارسات المواجهة والتنمر". كما أعلن تقديم مئات الملايين من الدولارات كمنح للدول الأعضاء، مطلقًا حملة لإصلاح النظام الدولي. وقال: "لا ينبغي فرض القواعد الداخلية لعدد قليل من البلدان على الآخرين". أوضحت "سي إن إن" أن الصين تراهن على فاعلية رسالتها بعد أن فرضت الولاياتالمتحدة تعريفات جمركية عالية على الدول النامية وأثارت تساؤلات بين حلفائها. واعتبر محللون أن بكين تسعى لطرح نفسها ك"بديل موثوق" للنظام الدولي بقيادة أمريكا. بحسب برايان هارت، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن العرض العسكري يُعدّ المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة الصينوروسياوكوريا الشماليةوإيران معًا. وأضاف أن هذا الحدث يمثل لحظة مميزة رغم غياب مؤشرات على تنسيق عملي دائم بينهم. أما ستيف تسانج، مدير معهد الصين في جامعة لندن، فأكد أن شي يريد الإشارة إلى أنه قادر على وضع قواعد تحدد من يقبله المجتمع الدولي، بصرف النظر عن موقف الغرب. التاريخ في خدمة الحاضر أشارت "سي إن إن" إلى أن العرض العسكري صادف الذكرى الثمانين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية. واستغل شي، على غرار بوتين، هذه الذكرى لإعادة صياغة رواية تضع الصينوروسيا في موقع "حارسي النظام الدولي ما بعد الحرب"، مقابل نظام أمريكي "مهيمن" يرى الزعيمان أنه يتجاهل مخاوف بلديهما الأمنية.