فى إطار جهود الدولة لتحسين جودة الحياة للمواطنين فى مختلف المحافظات، تأتى مبادرة «حياة كريمة» لتكون شرارة التغيير فى العديد من القطاعات الحيوية، ومن أبرزها تطوير القطاع الصحى، هذه المبادرة الرئاسية تعمل على توفير خدمات طبية وعلاجية متكاملة، وبناء وتطوير المنشآت الصحية، وتدريب الكوادر الطبية، ومن خلال هذه الجهود تهدف المبادرة إلى تحسين الصحة العامة للمواطنين، وتعزيز التنمية المحلية، وتحقيق حياة كريمة للجميع فى مختلف محافظات الجمهورية. ويستعرض هذا الملف التغيرات الإيجابية التى طرأت على القرى بفضل مبادرة حياة كريمة، وهذه التغيرات ساهمت فى تحسين جودة الحياة للمواطنين فى القرى، حيث تم تحقيق العديد من الإنجازات فى القطاع الصحى. قدم مشروع حياة كريمة خدمة من أعظم الخدمات للمواطنين فى القرى النائية بالوادى الجديد وهى توفير الخدمات الطبية والعلاجية لهم، بعد أن ظلت هذه القرى محرومة من كثير من الخدمات لعدم توافر البنية التحتية الاساسية، وتابعت «الأخبار» مشروعات حياة كريمة التى دخلت الخدمة فى محافظة الوادى الجديد التى رصدت لها الحكومة أكثر من 2.5 مليار جنيه لتنفيذ أكثر من 200 مشروع متنوع فى مختلف القطاعات والتى عادت بالنفع على المواطن البسيط الذى بدأ يشعر بتحسن الخدمات وعلى رأسها الخدمات الطبية والعلاجية. يقول إسلام عمران، من أهالى مدينة الفرافرة: «هناك طفرة متميزة فى إنشاء وحدات صحية ونقاط إسعاف وتسيير قوافل دورية للخدمات العلاجية للمواطنين، ومنها قرية اللواء صبيح التى شهدت إنشاء وحدة طبية متكاملة، تم تأسيسها وتجهيزها بكافة الأجهزة الطبية، وتوفير الكوادر الطبية». ويضيف إسلام: «إن قرية اللواء صبيح كانت تعانى من تدهور كبير فى قطاع المنشآت الصحية، ولكن بدخول مشروع حياة كريمة بدأ المسئولون على مستوى المحافظة فى توحيد الجهود من أجل الارتقاء بالخدمات الصحية بها». يقول سيد عمر، من أهالى قرية اللواء صبيح: «إن إنشاء وحدة صحية بالقرية وفر عليَّ الانتقال الى مستشفى الفرافرة التى تبعد ما يقرب من 17 كيلومترا عن القرية، كما وفرت مديرية الشئون الصحية أطقم أطباء سواء بصفة دائمة أو مؤقتة، وذلك بسبب العجز الشديد فى الأطباء الذى كانت تعانى منه الوحدة الصحية بالقرية، وكل هذه الجهود كان لها أثر طيب فى اطمئنان المواطن بوجود طبيب مقيم بالوحدة أو من خلال القوافل الطبية المتكررة طوال العام والتى ساهمت بشكل ملحوظ فى تطور الخدمات الطبية والعلاجية المؤداة للمواطن». ويقول محمد حامد، من مدينة الفرافرة: «إن قرى الفرافرة شهدت خلال الفترة السابقة استقبال العديد من الكوادر الطبية المتطوعة وجمعيات أهلية وكلية الطب من جامعة الوادى الجديد وقوافل دورية طبية لحياة كريمة، وأن تلك الجهود تساهم بشكل مباشر فى تخفيف الأعباء على المواطن بالقرى المحرومة من الخدمات الصحية، وأن الوحدة الصحية بقرية اللواء صبيح تحولت بعد افتتاحها إلى مكان آدمى لاستقبال المرضى وعلاجهم، وأن أهالى القرى المجاورة يأتون إلى الوحدة الصحية لتلقى العلاج». مطروح «طاقة نور».. أول مركز نهارى لأطفال التوحد ضمن مبادرة «حياة كريمة»، دشّنت محافظة مطروح مركز «طاقة نور» للرعاية النهارية لأطفال التوحد بمدينة مرسى مطروح، كأول مركز من نوعه بالمحافظة يخدم الأطفال وأسرهم ويخفّف عنهم أعباء السفر خارج الإقليم، جاء القرار استجابة لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسى بالاهتمام بذوى القدرات الخاصة، بحسب ما أكده اللواء خالد شعيب محافظ مطروح. أُقيم المبنى على مساحة إجمالية قدرها 1800 متر مربع، ويتكوّن من 11 غرفة تشمل قاعات العلاج الحسى والوظيفى والتخاطب، وقاعات تعليمية، وجزءا ترفيهيا وحديقة مزودة بألعاب وأدوات رياضية مناسبة، وكلها أُنشئت على يد متخصصين لضمان بيئة آمنة وداعمة، وبلغت تكلفة إنشاء المركز 3.5 مليون جنيه، وهو ما يعكس حجم الاستثمار فى خدمة مجتمعية موجهة لشريحة لطالما عانت من نقص الخدمات المتخصصة. وتحوّل الموقع الذى كان قطعة أرض فضاء غير مستغلة على الجانب الشرقى لكورنيش المدينة إلى صرح خدمى يوفر برامج رعاية وتأهيل للأطفال المصابين بالتوحد، ويقدم دعمًا ماديًا ومعنويًا للأسر.. وعبر أهالى الأطفال عن تقديرهم للقيادة السياسية بعد الاستجابة السريعة لمطالبهم بتجهيز مقر متكامل للرعاية والتعليم الخاص باحتياجات أبنائهم، مؤكدين أن افتتاح المركز كان بمثابة «طوق نجاة» طال انتظاره.. وضمن التيسيرات المؤسسية، أُنشئ مكتب لذوى الاحتياجات الخاصة لأول مرة بالمحافظة ليكون حلقة وصل مباشرة لعرض المطالب وتلبية الاحتياجات وتذليل العقبات أمام الأسر. ويمثل «طاقة نور» نموذجًا لما يمكن أن تحققه «حياة كريمة» حين تضع جودة الحياة وكرامة المواطن فى صدارة الأهداف، فقد توفر تخطيط عمرانى، تجهيزات متخصصة، وكوادر بشرية مدربة فى العلاج الحسى والنفسى والعلاج الطبيعى، كما يجرى تنظيم أنشطة وفعاليات توعوية ورحلات موجهة لدمج الأطفال فى محيطهم الاجتماعى تدريجيًا، ومع بدء التشغيل بدأ الأثر واضحًا فى روايات الأسر التى رأت لأول مرة خدمة قريبة ومناسبة لتحديات أطفالها، بدلًا من إرهاق السفر وتكاليفه، هكذا تتحول «الأرض الفضاء» إلى «طاقة نور» حقيقية لأهالى مطروح. ولضمان استدامة الأداء، تم تشكيل مجلس إدارة للمركز، ووُضعت لوائح إدارية ومالية تنظم العمل وتضمن جودة الخدمة. كما جرى توفير فريق متخصص للتعامل مع الأطفال حسّيًا ونفسيًا وعلاجيًا، بما فى ذلك العلاج الطبيعى والدعم الأسرى، إلى جانب تنظيم رحلات مدرسية وأنشطة دمج مدروسة تساعد على تطوير مهارات التواصل والاستقلالية، وتشير شهادات الأهالى إلى أن توافر الخدمات داخل المحافظة للمرة الأولى قلّص التكاليف وزمن الوصول، وخلق شبكة دعم إنسانية ومهنية فى آن واحد. ويميّز التجربة أنها جزء من مسار أشمل تعمل فيه المحافظة على مدّ خدمات «حياة كريمة» عبر مدنها الثمانى من الحمام شرقًا حتى السلوم غربًا وسيوة فى العمق الصحراوى، بحيث لا تبقى الخدمات النوعية حكرًا على الحضر، إنه استثمار اجتماعى يُقاس مردوده بمدى قدرة الأسر على تلقى الخدمة فى مدينتهم، وتحوّل المطالب القديمة إلى واقع يومى ملموس. قنا الوحدات الصحية «تقرب المسافات» كانت الوحدات الصحية فى معظم قرى الصعيد جدرانا بلا فائدة، وتمثل معاناة للمواطنين أكثر من كونها طريق النجاة لهم، خاصة فى القرى التى تبعد الكثير والكثير عن أقرب مستشفى لتلقى العلاج، حتى جاءت المبادرة الرئاسية حياة كريمة، والتى طورت من الخدمات الصحية فى القرى خاصة فى الريف المصرى، وأيضًا كانت بمثابة تغيير فكر المواطنين عن مدى اهتمام الدولة بالمواطنين فى كل ربوع مصر. وفى محافظة قنا، استهدفت حياة كريمة فى مجال الصحة، تنفيذ 77 مشروعًا، ما بين مستشفيات ومراكز طبية ووحدات طب الأسرة، بمراكز أبوتشت وفرشوط ودشنا والوقف وقوص، ففى مركز فرشوط، تم تشغيل 6 وحدات صحية تعمل بكل طاقتها، منها وحدتا كوم الييجا والعركى، تعملان على مدار 24 ساعة، وأصبحت كالمستشفيات التى تقدم الخدمات الصحية للمرضى، ولكن بشكل أسرع.. وفى قرية كوم البيجا بمركز فرشوط، كان الأهالى يذهبون بعيدا، عندما يصاب أحدهم بوعكة صحية طارئة أو لدغة عقرب أو حتى عقر حيوان، فيقطعون مسافات للذهاب إلى مستشفى نجع حمادى العام أو حتى مستشفى فرشوط المركزى، لتلقى العلاج، إلا أن افتتاح الوحدة الصحية فى القرية كان بمثابة طوق النجاة للمرضى، لتلقى العلاج فى أسرع وقت ممكن.. والوحدة الصحية بكوم البيجا مقامة على مساحة 260م وتتكون من ثلاثة طوابق، تضم عيادة أسنان - عيادة تنظيم أسرة - غرفة طوارئ - عيادة نساء وتوليد - غرفة تطعيمات - معمل تحاليل - غرفة تثقيف صحى - غرفة تعقيم - سكن أطباء وتمريض - غرفة رعاية أمومة وطفولة. يقول محمد عبده، عامل: «إن حياة كريمة رسمت السعادة على المواطنين، ووفرت كافة الخدمات لهم، خاصة فى مجال الصحة، فالوحدات الصحية التى كانت شبه مغلقة، ولا يوجد بها أحد أو مستلزمات طبية، وحتى لو شغالة كانت تقفل من الظهر، ولكن بعد تدشين مبادرة حياة كريمة، أصبح المواطن يشعر بالاهتمام، خاصة أنه يتلقى الخدمات فى قريته بشكل كبير.. بدأ أحمد على، مزارع، حديثه: «ماكناش بنلاقى سرنجة ولا شاش» ، موضحا أن الخدمات الصحية التى تقدم للمرضى حاليًا، لا تقارن بما كانت عليه من قبل، فالوحدة الصحية بالقرية تعمل على مدار 24 ساعة، وأصبحت مقصدًا للجميع، خاصة مع بعد القرية عن المستشفيات المجاورة.. وأشار سيد على، معلم، إلى أن الوحدة الصحية تشبه المستشفى، تقدم العديد من الخدمات، وليس مبنى شكله جيد فقط، بل بها جميع التخصصات، وأطباء وتمريض، فضلا عن توفير الأجهزة والعلاج، والذى يعنى الكثير لأهالى القرية، الذين غيرت حياة كريمة حياتهم إلى الأفضل. المنيا حكاية أمل ل الأهالى حياة كريمة بمحافظة المنيا، ليست مجرد مبادرة، بل حكاية أمل لأهالى المحافظة فى مختلف القطاعات، خاصة للقرى الأكثر احتياجًا، لتحقق طموحات المواطنين فى خدمة أفضل خاصة فى القطاع الصحى، الذى يشهد نقلة حضارية كبرى منذ انطلاق المبادرة.. ومركز طب الأسرة بقرية الأشمونين بملوى جنوب المحافظة شاهد على الإنجاز، الذى تحقق بعد مستشفى العدوة المركزى وبنى مزار وسمالوط وملوى وديرمواس، يأتى ذلك المركز ليكون جزءًا من منظومة صحية متكاملة. قال الدكتور محمود عمر عبد الوهاب، وكيل وزارة الصحة بالمنيا: «إن مركز طب الأسرة بقرية الأشمونين، يقام على مساحة 2000 متر مربع، لخدمة 40 ألفا من أهالى القرية والقرى المجاورة ويتكون المركز الطبى من 3 طوابق، تضم مختلف التخصصات». وأضاف وكيل الوزارة: «أن من أهم الخدمات الصحية التى يقدمها مركز طب الأسرة تشمل خدمات الطوارئ، والتطعيمات، ومتابعة الأطفال والحوامل وكبار السن، وعيادات الأسنان، والمعامل، وتنظيم الأسرة، والمشورة الأسرية، كذلك العيادات التخصصية ومكتب الصحة ليحقق بذلك التنمية التى تستهدفها الدولة فى قرى المبادرة». وأشار وكيل الوزارة إلى أن القطاع الصحى شهد مؤخرًا العديد من الافتتاحات الهامة التى ساهمت بشكل كبير فى تحسين الخدمة المقدمة للمرضى، ومنها مستشفى العدوة المركزى، ومستشفى الكبد، ومستشفى الأورام فى سمالوط، إلى جانب تطوير مستشفى الرمد، وتجهيز مستشفى بنى مزار المركزى للافتتاح، ليكون أيضا إضافة جديدة ويساهم فى تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، من خلال إجراء جراحات معقدة لم تشهدها مستشفيات الصحة، وهو يتكون من 6 أدوار بإجمالى 144 سريرا بين أسرة عناية ومبتسرين وغسيل كلوي. فيما قال بدر كمال، أحد أهالى ملوي: «إن مركز ملوى يحظى بالعديد من المشروعات ضمن مبادرة حياة كريمة، تلك المبادرة التى غيرت كثيرًا من شكل القرية المنياوية، وحولتها من قرى بلا خدمات إلى قرى تضم الكثير من الخدمات التى افتقدناها، فقد أصبحت المستشفيات ومراكز طب الأسرة التى تم إنشاؤها مؤخرًا دفعة قوية للاعتماد على مستشفيات الصحة فى كثير من الحالات الحرجة».