د. محمد عبد الحميد الزهار يكتب: المواطنة وتعزيز الأمن القومي المصري: مقترحات عملية

تمثل المواطنة حجر الزاوية في بناء الدولة الوطنية الحديثة فهي الإطار الذي تتأسس عليه الحقوق والواجبات كما تشكل الرابط الأعمق بين الفرد والدولة. وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها مصر، يبرز مفهوم المواطنة كأحد أهم أدوات تعزيز الأمن القومي، ليس فقط من خلال حماية الداخل من التهديدات الفكرية والاجتماعية بل أيضًا عبر بناء وعي جمعي قادر على دعم مؤسسات الدولة في مواجهة أي محاولات للنيل من استقرارها.
التحديات الراهنة
1.التطرف الفكري والديني: ما زالت بعض الجماعات تسعى لاختراق النسيج الوطني عبر استغلال ثغرات اجتماعية ودينية.
2. حروب الجيل الرابع والإعلام الجديد: انتشار الشائعات والمعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يهدد تماسك المجتمع.
3. ضعف وعي فئة الشباب: رغم أن الشباب يمثلون أغلبية المجتمع إلا أن نسبة كبيرة منهم لم تتعرض لتجارب حقيقية تعمق انتماءهم الوطني.
4. الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع اليومي: غياب آليات عملية لنقل قيم المواطنة من النصوص إلى الممارسة اليومية.
مقترحات عملية لتعزيز المواطنة والأمن القومي
1. برامج تدريب شبابية وطنية
إطلاق برامج تدريبية للشباب الجامعي والثانوي تركّز على قيم الهوية الوطنية وآليات مواجهة الشائعات وأهمية المشاركة المجتمعية
يمكن تنفيذها بالتعاون بين وزارات: الشباب التربية والتعليم، الدفاع (لجان تثقيفية).
2. إدماج المواطنة في المناهج التعليمية
تضمين مفاهيم المواطنة والهوية الوطنية في المناهج الدراسية بشكل مبسط وعملي.
الاهتمام بربط الدروس بالواقع (قصص نجاح وطنية – أبطال معاصرين – أمثلة من التاريخ المصري).
3. الحملات الإعلامية المشتركة
إطلاق حملات إعلامية متكاملة بين المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) والثقافية والشبابية لتعزيز قيم المواطنة.
إنتاج محتوى بصيغة شبابية حديثة (فيديوهات قصيرة منصات تواصل اجتماعي) بدلًا من الاقتصار على الخطاب التقليدي.
4. تمكين المجتمع المدني
تشجيع الجمعيات الأهلية على تبني مشروعات عملية في مجال المواطنة (ورش عمل – معسكرات تثقيفية – مبادرات للتعايش المشترك)
خاتمة
إن تعزيز المواطنة ليس ترفًا فكريًا بل هو ركيزة أساسية للأمن القومي المصري. فكلما تعمّق شعور المواطن بالانتماء والمسؤولية زادت قدرة الدولة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. إن مصر، بتاريخها العريق ومؤسساتها الراسخة، قادرة على تحويل قيم المواطنة إلى قوة ناعمة داخلية تحميها من التفكك وإلى قوة صلبة خارجية تعزز صورتها كدولة رائدة في المنطقة .
كاتب المقال : خبير في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية