اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، بحفظ تراث الإذاعة والتليفزيون المصرى وتحويل جميع الأشرطة الإذاعية والتليفزيونية إلى وسائط رقمية، خطوة مهمة وجاءت فى التوقيت السليم وضرورية للدفاع عن الذاكرة الوطنية المصرية التى تُواجه حربًا ضروس، لتشويهها ونزع المواطن المصرى من الحاضنة الحضارية التى تُمَيِّزه فيسهل اختراق عقله وتشكيل إدراكه وثقافته وأسلوب معيشته بعيدًا عن هويته الحضارية. ولا نغفل الجانب الاقتصادى الاستثمارى لهذا الإرث الثقافى والاستفادة منه عبر وسائط إعلامية متعددة تحافظ على استمراريته وتحقيق عائد متميز لخزانة الدولة. ويحتاج التراث المصرى غير المادى لاهتمام خاص، فقد أولت الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة العناية بالآثار المصرية المُمثلة لكل عصور حضارتنا العظيمة وتم استرداد الكثير من القطع المُهربة، ولكن التراث مجاله أوسع فالآثار جزء منه ويشمل العادات والتقاليد والممارسات الثقافية المستمرة من جيل لآخر كما يتضمن الأكلات المصرية الصميمة والملابس التقليدية والحرف اليدوية وعادات الحياة مثل طقوس الزواج أو استقبال المولود واحتفالات المناسبات والأعياد وغيرها.. وتتميز مصر بتنوع تراثى ثقافى يفوق الخيال يحكمه التنوع الجغرافى والعوامل البيئية المؤثرة فيه والتاريخ الطويل والحضارات المتعاقبة مما جعل التراث المصرى لا يُقارَن. ولكن الوفرة فى التراث المصرى لا تجعلنا نفرط فيه بل نسارع بحمايته، فقد أصبح مثل الحدود ومصادر الثروة، يدور حوله الصراعات ولا نقلل من استهداف أكلات مصرية صميمة يحاول البعض نسبها إليهم أو الادعاء بانتماء حرفة أو آلة أصلها مصرى. التراث جزءٌ لا يتجزأ من الهوية الوطنية المصرية والمحافظة عليه حماية لمستقبل وعى الأجيال القادمة والتقليل من أهمية توثيق التراث سيؤدى إلى الإنسلاخ شيئًا فشيئًا من الارتباط بالوطن والدفاع عن أرضه.. وحماية التراث يتطلب تعزيز وعى المواطن بقيمته والفخر به ومشاركة المجتمع جزء لا يتجزأ من حماية التراث وهى بلا شك مهمة صعبة وشاقة تحتاج لتضافر ومجهود العديد من الجهات والمؤسسات المصرية.