«جوع صلاح» عنوان يفتقر إلى اللياقة، ويحمل إيحاءات سخيفة، والرد عليه بنشر النص من منصة «بي.بي.سي»، التى حملت تصريحات مضيئة لنجم العام فى إنجلترا. صلاح المتسق مع نفسه، يقولها متواضعا فى محل افتخار «كنت أرغب فقط فى أن أصبح مشهورًا وأساعد أسرتى ماديًا.. الجوع الدائم للنجاح هو ما دفعنى للاستمرار وتحقيق الإنجازات». أطلق التصريح وأراد المعنى، الجوع للإنجازات وتحطيم الأرقام دافعه ومحفزه لارتقاء منصات التكريم.. السخف والتسخيف بحديث الجوع يخص أهله، صلاح يستحق احتفاءً خاصًا. أن تكون محمد صلاح فتلك قصة أخرى، قصة كفاح شاب من ريف مصر فيرتقى أعلى المنصات الدولية، وتتنافس عليه كبرى الأندية الأوروبية، وتلقى تحت أقدامه ملايين اليوروهات فيأنف النظر إليها لأنها تأتى على حلمه الذى ملك عليه حياته. لا يلتفت صلاح لمثل هذه تفاهات، يضعها تحت قدميه فترتفع هامته عاليا، وكلما حطوا عليه من احقادهم ارتقى وعلى وجهه ابتسامة مذهلة تحبب فيه خلق الله. أن تكون محمد صلاح، فتحلم بحلم وتجتهد فى تحقيقه، ولا يحول بينك وبين حلمك عوائق ولا عكوسات، ولا تحفل بالانتقادات، وتلقى وراء ظهرك بالخرافات، وتؤمن بقدراتك، وتستنفر المارد جواك، وتقتحم المستحيلات، وتقف فى الأخير على القمة متواضعا، من تواضع لله رفعه. أن تكون صلاح، إنسان يحمل الخير لكل الناس، ولا يرتهن حبه بعصبية ولا إثنية ولا جهوية ولا دينية، لا تتعصب لمذهب ولا تداخلك شوفينية، وأن تسجد شكرا لله فى السراء والضراء. صلاح حالة إنسانية نموذجية، بفطرة سليمة استطاع أن يستوعب قيم التمدن، وهدوء الطبع، والتحكم فى النفس، واشتغل على بناء الذات، كبيرا فى أفعاله وردود أفعاله.. صلاح يضرب الأمثال جميعا، ابتسامته مرتسمة على وجهه، ثقة ومحبة، يلعب الكرة بمتعة، حالة تصالح مع الذات، مع النفس، مع الجميع. فى فريقه قائد محنك، يحفز الهمم، ويواسي، ويطبطب، ويدفع إلى الأمام، وإذا انتصر متواضع عند النصر، لا يتعاظم وهو كبير كرويا. صلاح يؤثرالقلوب جميعا، ويتنافسون حتى الحكام على تحيته، حالة إنسانية قبل أن تكون كروية، تعجب من أين له كل هذا الألق. صلاح فى الملعب نموذج فى الأداء الراقي، لا عنف ولا انذارات بل اعتذارات مهذبة، متربى قوى، وفاهم جدا، وحالة نضج كروى، كابتن من يومه، وكل يوم يثبت إنه كابتن كبير، ودوره كقائد وكصانع يلهم الشباب من حوله، كلهم ينظرون إلى صلاح. كيف تكون كبيرا فى نظر العالم يتكلم اللغات بإجادة، ويختار الألفاظ بعناية، حاجة تفرح، ولم يقل يوما إنه موهوب، الموهبة فطرية، والتمكن، والإيثار. صلاح يرتدى علم مصر، كابتن مصر ما يلقى عليه مسئولية إسعاد جماهير الكرة المصرية، الملايين فى الشوارع، وعلى المقاهى وفى قعور البيوت يحبون صلاح، فإذا انطلق تقريبا يعدون خلفه، وإذا سجل هتفوا فرحا، وإذا أخفق طبطبوا على ظهره، سجل يا صلاح.