من قلب أزمة مصحف مُحرَّف، وُلدت من القاهرة إذاعة القرآن الكريم لتصبح أول إذاعة دينية متخصصة في العالم الإسلامي. مرت بتطورات تدريجية جعلتها مصدرًا للروح والمعرفة، إلى أن وصلت إلى مرحلة رقمنة تراثها بالكامل في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتظل منارة وسطية وعنوانًا ثقافيًا وإعلاميًا رفيعًا. قبل أكثر من نصف قرن، كانت مصر على موعد مع ميلاد صوت إذاعي سيصبح لاحقًا جزءًا من ذاكرة الأمة الإسلامية. ففي 1964، قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إنشاء إذاعة القرآن الكريم كأول إذاعة مُتخصصة في بث التلاوات والبرامج الدينية، بهدف نشر قيم الإسلام الوسطي، والحفاظ على الهوية الروحية للمُجتمع المصري والعربي. تأسست إذاعة القرآن الكريم في 25 مارس 1964 بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر، ضمن خطة قوية لمواجهة أي محاولات لتحريف القرآن الكريم، وذلك بعدما اكتشف الأزهر نسخة «مذهبة» من المصحف بها تغييرات. ◄ اقرأ أيضًا | ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي شملت الخطوة الأولى تسجيل المصحف كاملًا بصوت الشيخ محمود خليل الحصري، وتوزيعه عالميًا، سواء صوتيًا أو عبر الإذاعة، باعتباره «أول جمع صوتي للقرآن الكريم». ضم أرشيف الإذاعة تسجيلات ضخمة لكبار القرّاء، حيث تحتفظ بمكتبة صوتية تحتوي على حوالي 420٫000 شريط صوتي. محمد نوار، رئيس الإذاعة المصرية السابق، أكد أن عدد المستمعين يصل إلى أكثر من 40 مليون يوميًا، وأن البث شامل عبر «نايل سات» والتطبيقات. لذلك فإن إذاعة القرآن الكريم ليست مجرد محطة إذاعية تجاوزت الستين عامًا من البث، بل هي ذاكرة صوتية للأمة، و«جامعة مفتوحة» تعلمت منها الأجيال فنون التلاوة وأسرار الخشوع.