لم تمر تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب عقب قمة ألاسكا مرور الكرام، حيث اعتبرها مُراقبون وفقًا لمجلة تايم الأمريكية بمثابة "هدية مجانية" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فبينما كان يُفترض أن يمارس ترامب أقصى الضغوط على موسكو لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بدا وكأنه يمنحها فسحة زمنية ثمينة لمواصلة التقدم في أوكرانيا، وهو ما حول القمة إلى انتصار غير مباشر لبوتين. اقرأ أيضًا| هل أصبحت ألاسكا مسار لاستعادة العلاقات الودية بين روسيا وأمريكا؟ بوتين يدخل القمة من موقع قوة دخل الرئيس الروسي المُحادثات بعد صيف شهد تقدّمًا لقواته على جبهات عدة، بما في ذلك اختراق مُفاجئ عشية قمة ألاسكا. وبحسب المجلة الأمريكية ذاتها، لم يكن هدف بوتين وقف إطلاق النار، بل كسب الوقت لجيشه لمواصلة الضغط، مع تفادي العقوبات "الوخيمة" التي لوّح بها ترامب، وكانت النتيجة أن بوتين حصل على ما أراد، وهو: «وقت إضافي بلا كلفة سياسية». تصريحات ترامب تغيّر المعادلة في مساء قمة ألاسكا، أعلن دونالد ترامب لشبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، أنه لا يرى حاجة لفرض ضغوط اقتصادية على روسيا "في الوقت الحالي"، مُؤجلًا النظر في العقوبات لأسابيع قادمة. فيما وصفت صحيفة «نيويورك تايمز»، هذا النهج بأنه "رمز مؤقت"، لا التزامًا مُحددًا، ما منح فلاديمير بوتين نافذة حرّة لمواصلة التقدم على الأرض. مكاسب ميدانية تتحول إلى أوراق تفاوض في جبهة دونيتسك، حيث دارت أعنف المعارك، نجحت أوكرانيا في صد بعض الهجمات الروسية، لكن استمرار زحف القوات الروسية يعني أن موسكو قد تحقق تقدمًا يكفي لتقوية موقفها التفاوضي. وفي ذات السياق، قال ضابط أوكراني رفيع وفقًا لمجلة «تايم» الأمريكية: "إن الأمور تسير ببطء ولكن بثبات لصالحهم"، وهو ما يعزز رواية أن بوتين دخل قمة ألاسكا بيدٍ أقوى. اقرأ أيضًا| صحيفة صينية: قمة ألاسكا خطوة إيجابية نحو السلام في روسياوأوكرانيا تبادل أراضٍ بلا أرضية واقعية قبل قمة ألاسكا، لمح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إلى إمكانية "تبادل أراضٍ" بين روسياوأوكرانيا، على أساس أن موسكو تسيطر على مناطق "مهمة للغاية" في مسار الحرب الروسية الأوكرانية. لكن في قمة ألاسكا، فشل ترامب بحسب المجلة الأمريكية في تحويل الفكرة إلى اتفاق، لتتلاشى فرص ما سماه "صفقة عادلة". ومع استمرار الروس في إحراز مكاسب في الحرب الروسية الأوكرانية، تقلصت قدرة ترامب على تقديم أي تصور يحفظ ماء الوجه. خيبة جديدة في سجل القمم المفارقة أن ترامب، بدا مُقتنعًا بأن فلاديمير بوتين "يريد إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية"، رغم أن الوقائع على الأرض تثبت العكس. فالنتيجة، أن قمة ألاسكا أضافت خيبة أخرى لرصيد ترامب الدبلوماسي، إذ لم يظفر حتى بأبسط التنازلات الرمزية التي كان يمكن أن يقدمها بوتين لإظهار مرونة شكلية. ملفات إنسانية غابت عن الطاولة لم يتطرق البيان المُشترك عن القمة، لأي من المطالب الإنسانية حول: «الإفراج عن السجناء السياسيين الروس، أو إطلاق آلاف الأطفال الأوكرانيين الذين اعتقلوا خلال الحرب الروسية الأوكرانية»، وغياب هذه الملفات جعل قمة ألاسكا تبدو فارغة المُحتوى، وأعطى انطباعًا بأن واشنطن تجنبت حتى القضايا الأخلاقية الواضحة. وخلال المؤتمر الصحفي، أتاح ترامب لبوتين وقتًا مُطولًا لإلقاء "محاضرة تاريخية"، بينما اكتفى لاحقًا بالاعتراف بعدم التوصل إلى اتفاق، وعندما اقترح أن الخطوة التالية ستكون لقاء بين بوتين وزيلينسكي، لم تُبد موسكو أي استعداد لذلك، «ما جعل الاقتراح حبرًا على ورق». انتصار بوتين غير المباشر أما المفاجأة.. كانت في ختام قمة ألاسكا، حين اقترح بوتين بالإنجليزية عقد اللقاء القادم "في موسكو". فرد دونالد ترامب بدهشة قائلاً: "أوه، هذا مثير للاهتمام"، وهذا التبادل أظهر بوضوح أن الكرملين هو من يُملي الإيقاع الدبلوماسي، فيما بدا الرئيس الأمريكي وكأنه يتلقى العروض لا يفرضها. وبرغم غياب أي اتفاق ملموس، خرج فلاديمير بوتين من قمة ألاسكا واثقًا، بعدما كسب وقتًا ثمينًا لقواته وفرض نفسه في المشهد كندّ رئيسي لواشنطن، وبالنظر للحفاوة التي قوبل بها، وعدم تقديمه أي تنازل، كان من الطبيعي أن يشعر بأنه المُنتصر الوحيد في قمةٍ صُممت أصلاً لتظهر قوة ترامب.