كشف تقرير لمجلة «تايم» الأمريكية، كيف تحولت بيلاروسيا، الدولة المحاصرة بالعقوبات من عدة دول أوروبية، إلى قناة خلفية سرية تحيك خيوط وساطة قد تغيّر مسار الحرب الروسية الأوكرانية.. أو تمهّد لاستسلام كامل. قرر ألكسندر لوكاشينكو، الرجل الذي يحكم بيلاروسيا منذ 31 عامًا، والمعروف بولائه العميق لروسيا، هذا العام أن يقدّم نفسه لواشنطن كوسيط موثوق لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبدأ يلوّح للأمريكيين بفرصة "تاريخية" لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ووعد نظيره الأمريكي، دونالد ترامب بأن "جائزة نوبل" قد تكون في متناوله إذا أبرم الصفقة. اقرأ أيضًا| ترامب يهدد بقطع نفوذ روسيا النفطي.. هل بدأ العد التنازلي الحقيقي؟ بيلاروسيا.. القاعدة الأمامية لروسيا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، كانت بيلاروسيا نقطة انطلاق أساسية للقوات الروسية، وقاعدة تدريب وإمداد. ورغم أن لوكاشينكو تجنب إرسال جنوده إلى الجبهة، فإن كييف ومعظم العواصم الأوروبية تعتبره شريكًا مباشرًا في النزاع، ووصفه خبراء بأنه مجرد "شرفة روسية" تطل على أوروبا وتستغلها موسكو لشن ضربات عسكرية ونووية، حسبما أفادت مجلة «تايم» الأمريكية. البداية.. اتصالات سرية مع إدارة ترامب في مايو الماضي، تلقى صحفي من مجلة "تايم" الأمريكية، اتصالًا غريبًا من مسؤول بيلاروسي يسأل عن تكلفة مقابلة مع المجلة، قبل أن يكتشف أن الهدف أبعد من مجرد حوار إعلامي، فقد كان لوكاشينكو، يحاول فتح قناة خلفية مع إدارة ترامب، ناقلًا رسائل من بوتين ومؤكدًا أن موسكو مستعدة للتفاوض رغم استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وقتها وتبادل الضربات بين البلدين. خلال شهر واحد من تولي دونالد ترامب ولايته الثانية (في يناير الماضي)، زار مسؤولون أمريكيون مينسك (عاصمة بيلاروسيا)، خمس مرات على الأقل، وأطلقوا عبر هذه القناة سراح عدد من السجناء السياسيين، كما استُخدمت مينسك كجسر مباشر لنقل رسائل بين واشنطن والكرملين، مع طرح فكرة قمة تجمع بوتين وترامب لكسر الجمود في مفاوضات السلام. التوتر يتصاعد والرسائل تتضارب بينما كانت واشنطن تحضّر للقمة، فرض ترامب رسومًا جمركية مشددة على أي دولة تستورد النفط الروسي، في محاولة للضغط على موسكو. وردّ بوتين بالتصعيد العسكري، معلنًا استعداده للتقدم "عبر الجبهة بأكملها" بحسب مجلة «تايم» الأمريكية لكن لوكاشينكو، استمر في إبلاغ الأمريكيين بأن بوتين يريد السلام ومستعد للتنازلات، ما غذّى الآمال بإحراز اختراق. فيما كان الوصول إلى بيلاروسيا، مهمة مُعقدة بفعل العقوبات الغربية، إذ يتطلب الأمر السفر أولًا إلى ليتوانيا ثم عبور الحدود المشددة، حيث تحذر لافتات من أن مينسك "مُسيطر عليها من قبل الكرملين"، بحسب مجلة «تايم»، كما يُذكر أن أول مبعوث أمريكي كان كريستوفر سميث، الذي قاد سابقًا سياسة "الضغط الأقصى" ضد لوكاشينكو في عهد بايدن، قبل أن يغيّر مساره مع دونالد ترامب بحثًا عن فرص تفاوض. شروط لوكاشينكو.. لا اتفاقات دون الكرملين لإثبات جديته، أفرج رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، في يناير عن مواطنة أمريكية كانت محتجزة لخمس سنوات، ثم سلّم في أبريل مواطنًا آخر خلال زيارة جون كول، المحامي السابق لترامب، وقوبلت هذه الخطوات، باحتفاء في واشنطن، حيث اعتُبرت "انتصارات دبلوماسية" مبكرة للإدارة الجديدة (إدارة ترامب). وخلال اللقاءات، شدد لوكاشينكو على أنه لن يتخذ أي قرار دون تنسيق مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأن أي تفاهم مع واشنطن سيكون بموافقة موسكو، كما نصح الأمريكيين بتهميش أوكرانيا وأوروبا في المفاوضات الأولية، معتبرًا أن الحل يبدأ باتفاق مباشر بين ترامب وبوتين بشأن مسار الحرب الروسية الأوكرانية. فيما يحذر مراقبون من أن هذه القناة قد تمنح موسكو فرصة لإطالة الحرب الروسية الأوكرانية، تحت غطاء المفاوضات، مع استمرار القتال على الأرض، كما أن اعتماد ترامب على وسيط مقرب من بوتين يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذه المبادرة على تحقيق سلام حقيقي، أو ما إذا كانت مقدمة لفرض شروط روسية على أوكرانيا. اقرأ أيضًا| هل يمهد ترامب لتسوية أم لتصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية؟