في مثل هذا اليوم، 1 أغسطس، قبل سنوات، غاب عنا واحد من عمالقة الكوميديا في العالم العربي، الفنان الكبير سعيد صالح، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا يصعب تكراره، ووجعًا لا يُنسى في قلوب محبيه. رحلة نجم لا يخفت ولد سعيد صالح في 31 يوليو 1938 بمحافظة المنوفية، وتخرج في كلية الآداب عام 1960 لكن طموحه تجاوز الشهادة الجامعية، فدخل عالم المسرح والسينما والتلفزيون كإعصار من الضحك والبساطة والصدق الفني. شكّل ثنائيًا استثنائيًا مع الزعيم عادل إمام في عشرات الأعمال، أبرزها "العيال كبرت"، "مدرسة المشاغبين"، و"سلام يا صاحبي"، وكان سعيد صالح هو الروح الخفيفة التي تمنح لكل مشهد حياة خاصة. كوميديا ابن البلد امتلك سعيد صالح قدرة نادرة على انتزاع الضحكة دون ابتذال، وكان فنه مرآة للشارع المصري، بكلامه البسيط وروحه الشعبية وذكائه الحاد لم يكن نجمًا فقط، بل كان "صاحب روح"، كما يصفه زملاؤه، و"صوتًا من الناس". سعيد صالح.. "ابن الحارة" الذي صار أيقونة لم يكن سعيد صالح مجرد فنان كوميدي، بل كان حالة فنية وإنسانية خاصة وصف دائمًا بأنه "ابن البلد الجدع"، القريب من الناس، الصادق في أدائه، الذي يستطيع أن يضحكك وهو يتحدث عن وجعك، ويبكيك وهو يضحك. تمتع بخفة دم فطرية، وروح ارتجالية نادرة، وكان واحدًا من قلائل الفنانين الذين يمكنهم قلب مشهد تقليدي إلى لحظة لا تنسى فقط بجملة مرتجلة أو نظرة عفوية لم يكن يهاب الجمهور، وكان يرفض أن يكون نسخة مكررة من أحد. في المسرح، تفوق في "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت"، وفي السينما لمع في أفلام مثل "سلام يا صاحبي"، و"حتى لا يطير الدخان"، و"المشبوه"، وغيرهم كثير كان وجهًا مألوفًا في كل بيت، وصوتًا صادقًا لكل من نشأ في الحواري والشوارع الشعبية. أزمات وصراعات لم تطفئ نجوميته مرّ سعيد صالح بأزمات كثيرة، من بينها السجن والمرض والإبعاد عن الشاشة، لكنه لم يتوقف عن حب الفن بقي على ولائه للمسرح حتى اللحظة الأخيرة، حتى وإن تراجع عنه الجميع، فكان المسرح عنده عشقًا لا مهنة. عاش سعيد صالح ببساطة، ورحل بتواضع، لكنه ترك وراءه تاريخًا من الفن الصادق والتأثير العميق وفي كل ذكرى لرحيله، يعود اسمه للتوهج، لأن الضحكة التي زرعها في قلوب الملايين لا تموت. . وداع مؤلم في 1 أغسطس 2014، غادرسعيد صالح عالمنا بعد صراع مع المرض، تاركًا إرثًا فنيًا من أكثر من 500 عمل بين المسرح والسينما والتلفزيون. ولم تغب صورته أبدًا عن ذاكرة الفن المصري ورغم الغياب، لا تزال ضحكته تتربع في قلوبنا، وصوته بين زملائه حاضرًا، ومواقفه محفورة في ضمير الفن الحقيقي.