لم تشهد السياسة الإسرائيلية منذ نشأة الكيان الصهيونى حتى الآن حكومة تحمل هذا القدر من العنجهية وضيق الأفق والاستعلاء على الواقع، إذ هى بسياستها المتطرفة تدفع الشعب الفلسطينى إلى المقاومة المسلحة وتقضى على أى فرص للسلام. أثناء احتدام القتال فى غزة كانت السلطة الفلسطينية المتمثلة فى محمود عباس وحكومته تأخذ موقفاً محايداً معارضا للعنف، مع ذلك فقد كان نتنياهو يرسل دباباته لكى تغلق الطرق فى الضفة الغربية وتفرض حظر التجوال وتمارس تفتيشا مهيناً على السكان استنادا إلى اتفاقية عقدها مع محمود عباس تتيح له إدخال قواته إلى الضفة فى أى وقت وفى نفس الوقت تلزم السلطة الفلسطينية بسحب قواتها الأمنية من الشوارع حال دخول القوات الإسرائيلية. وعلى ذلك وبدون أى مناسبة فإن نتنياهو كان يمارس هذه الهواية دون أى دواع أمنية وهو ما ترتب عليه إضعاف شديد للسلطة الفلسطينية أمام شعبها فى الضفة الغربية مما يؤدى إلى تصاعد النزاعات المؤيدة للمواجهة المسلحة باعتباره الطريق الوحيد للحفاظ على الكرامة الوطنية. كان العالم يراقب ويحاسب القسم الفلسطينى فى غزة الذى اختار المواجهة المسلحة الذى يتعرض لانتهاكات تمتهن قوانين الحرب وتدخل فى نطاق الإبادة الجماعية والقصف العشوائي. أما فلسطينيو الضفة الذين اختاروا عدم رفع السلاح فقد كان يتم أيضا انتهاك حرياتهم دون أى مناسبة، مما أعطى العالم انطباعا قويا بأن إسرائيل معتدية سواء اختار الفلسطينيون الحرب أم السلام وهو ماحرك الرأى العام العالمى لكى يدين إسرائيل فى تظاهرات حاشدة سببت إحراجا شديداً للأنظمة السياسية المؤيدة لإسرائيل، وجعلت الجميع يتبنى حل الدولتين، بمعنى أن هذا الشعب الفلسطينى لا بد له من كيان سياسى حتى لا يترك صيداً سهلاً للقوات الإسرائيلية التى لا تعبأ بقواعد الحرب ولا بحقوق الإنسان.