أحمد ناصف فى لحظة امتزجت فيها المشاعر الإنسانية النبيلة بالعلاقات التاريخية العميقة، انطلق القطار الثانى من محطة مصر برمسيس، والمخصص لنقل الأشقاء السودانيين إلى مدينة أسوان، فى طريق عودتهم إلى وطنهم، وسط تنظيم دقيق، ورعاية شاملة، ومشاعر محبة متبادلة بين الشعبين الشقيقين. وكانت الهيئة القومية لسكك حديد مصر قد أعلنت عن استمرار تشغيل قطارٍ مخصوص لتيسير العودة للمواطنين السودانيين، حيث تقرر تسيير القطار رقم 1940 (درجة ثالثة مكيفة) يوم الاثنين الماضى 28 يوليو 2025، حيث انطلق من محطة القاهرة فى الساعة 11:00 صباحًا، ليصل إلى محطة السد العالى فى الساعة 11:40 مساءً. ومن المقرر أن يعود نفس القطار برقم 1945 من أسوان إلى القاهرة فى اليوم التالي، فى إطار خدمة الركاب المصريين أيضًا، وتم تزويد القطار بعربة «سبنسة» لنقل الأمتعة، لتلبية احتياجات الأسر السودانية وضمان نقل متعلقاتهم الشخصية بأمان وراحة. توفير التسهيلات وجاءت هذه الخطوة تنفيذًا لتوجيهات الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، بتوفير كل التسهيلات اللوجستية والإنسانية للأشقاء السودانيين، فى تجسيد حقيقى للدور المصرى التاريخى تجاه شعوب الجوار، وخاصة الشعب السودانى الشقيق. وفى مشهد إنسانى مؤثر هز مشاعر الجميع بمحطة مصر، أجهش طفل سودانى لم يتجاوز العاشرة من عمره بالبكاء قبل استقلال القطار، مرددًا: «مش عايز أسيب مصر». الطفل، الذى كان ممسكًا بحقيبته، تغلبه دموعه وهو يقول بصوت مكسور: «أنا كنت مبسوط هنا.. مش عايز أروح السودان.. عايز أعيش فى مصر». هذه اللحظة لم تكن مجرد دموع طفل، بل كانت رسالة حب ووفاء من جيل جديد شعر بالأمان والانتماء داخل ربوع مصر، فى تعبير حيّ عن عمق الروابط الشعبية والوجدانية بين مصر والسودان. وفى لقاءات ل»آخر ساعة» مع بعض الركاب السودانيين، عبّروا عن امتنانهم العميق لمصر حكومةً وشعبًا، على ما قدمته من دعم إنسانى ورعاية شاملة منذ اندلاع الأزمة فى السودان، وحتى لحظة العودة. الكرم والأمان وقالت فاطمة النور من الخرطوم: «مصر كانت الأمان والكرم. شعبها طيب.. وحكومتها وقفت معانا كأننا أهل. شكرًا للرئيس السيسي، وشكرًا لمصر». وقال سيد عبدالمجيد، شاب من دارفور: «دخلنا مصر ولقينا أخلاقا عالية واستقبالا محترم. محدش حسسنا إننا غرباء. عمرنا ما هننسى ده». أما فاطمة عثمان، معلمة، فقالت: «أنا ساكنة فى مصر بقالنا سنة، حسيت فيها بحياة جديدة. ربنا يبارك فيها ويحفظها ويعلى شأنها». هذه المشاعر التى رصدتها «مجلة آخر ساعة» جاءت لتؤكد أن مصر لا تعلن مواقفها بالتصريحات فقط، بل تسطرها بالأفعال. رمز إنسانى قطار العودة، لم يكن فقط وسيلة انتقال، بل رمزًا إنسانيًا لوحدة وادى النيل، وامتدادًا طبيعيًا للروابط التى لا تهزها حدود ولا تغيرها أزمات. وكان هذا التنظيم الدقيق نتاج تعاون مشترك، بالتنسيق الكامل بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر، والسفارة السودانية بالقاهرة، ووزارات الداخلية، والخارجية، والتضامن الاجتماعي، والهلال الأحمر المصرى لتقديم الدعم الطبى والإنساني. اقرأ أيضا : محمد فايز فرحات: يوجد مقومات اقتصادية وتنموية مهمة تجمع بين مصر والسودان