تخرجت ندى أشرف رمزى فى كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية، وصدر لها مجموعة قصصية «حكاوى الأغانى»، ورواية «زى الورد»، ثم رواية «حكاية داليدا.. حين يصبح الاسم لعنة صاحبه»، وهى ليست قصة عن حياة المغنية الشهيرة «داليدا»، بل تتجاوز ذلك لتقدم معالجة إنسانية عميقة، ولذلك تهتم «ندى» بشكل كبير بتناول تاريخ وطفولة كل شخصية محيطة ب «داليدا»، لنكتشف كيف أن تجارب ومشاكل الآخرين تؤثر على حياتها ومصيرها، حول «حكاية داليدا»، الصادرة عن دار نشر غايا، كان هذا اللقاء مع «ندى». «حكاية داليدا»، العنوان يوحى بأنه حول قصة حياة المطربة الشهيرة، لماذا هذا العنوان؟ - الرواية تَقُص حكاية «داليدا» بالفعل، لكنها أديبة تُدعى داليدا، التى هى نفسها بطلة العمل، وليست «داليدا» المطربة الشهيرة، التى ذكرتها الرواية أيضًا فى أكثر من مَوْضِع، لما جمع بينها وبين البطلة من نقاط تشابه عِدة، وليس الاسم فحسب، أما عن اختيارى للمطربة «داليدا» حتى تكون مسيرتها جزءًا من أحداث الرواية وصورتها تُزَيِّن غُلافها، فأظُن أن هذا الأمر لم يأتِ بشكلٍ مقصودٍ، بِقَدْر ما كان مترسخًا بداخلى منذ فترة طويلة دون أن أعى ذلك، لطالما كنتُ مفتونة بالمطربة الشهيرة، وأجد أن حياتها مدعاة للتأمُّل، وربما كان هذا الذى خلق تماسًا ما بين الشخصيتين، ودفعنى فى نهاية إلى أن أطلق على الرواية اسم «داليدا»، الذى استخدمته كرمز، ليس لمعاناة البطلة فحسب، بل ولسائر النساء اللاتى يتألمن إلى حد الموت قهرًا، دون أن يشعر بهن أحد. من أين بدأت رحلة الرواية، وكيف؟ - الرواية وإن كانت أحداثها من نسج الخيال، إلا أنه غالبًا ما يكون هناك مُحَرِّك من الواقع، يخلق شرارة ما لدى المبدع، ويدفعه إلى خوض هذه الرحلة المُمتِعة، والمُرهِقة على حد السواء، لأشهر وربما لسنوات، وأما ما دفعنى لكتابة «حكاية داليدا»، فقد كان لحظة إحباط موجِعة جعلتنى أشُك فى جدوى إصرارى على السعى وراء حُلمٍ كِدتُ أن أفقد إيمانى بإمكانية تحقيقه، وأكُف عن مُلاحقته خوفًا من وقوعى فريسة للأوهام، ومن هُنا بدأت هذه المخاوف والأسئلة تتجَسَّد فى شخصية «داليدا»، الأديبة التى لم يُمهِلها القَدَر الوقت لتشهد نجاحها بنفسها، وقد كانت كتابة الرواية، مُرهِقة للغاية، ليس بسبب تكثيف خطة الكتابة التى اقتصرت على ثمانية أشهر فقط، ولكن بسبب التماهى فى الشِق النفسى للشخصيات، والذى جاء قاسيًا بدوره فى أحيانٍ كثيرةٍ، تاركًا أثرًا لا يُستهان به. الرواية أشبه بتحليل نفسى واجتماعى لكل الشخصيات المؤثرة فى حياة البطلة، ودفعتها إلى الانتحار، كيف تكونت لديك الخبرة المطلوبة لهذه الرواية؟ - بالتأكيد قراءة الأدب النفسى ، وكذلك مشاهدة الأفلام التى تحمل نفس الطابع أسهمتا فى ذلك بشكل كبير، ولكنى أعتقد أن العامِل الأكبر والأهم الذى جعل الرواية تأخذ هذا المنحى، هو تأمُّلى الدائم للأشخاص من حولى، ومراقبتى المستمرة لتصرُّفاتهم وسلوكياتهم، ليس من باب الفضول، ولكن طمعًا فى مزيدٍ من الفهم وبحثًا عن مُبَرِّراتٍ منطقيةٍ لأفعالهم التى قد تبدو غير مفهومة فى بعض الأحيان، ولأننى لدى قناعة بأن البشر ليسوا تلك القشرة البَرّاقة أو الصلبة التى تظهر لنا فحسب، بل إن هناك عشرات من الطبقات الهَشّة التى تختبئ أسفل السطح. كيف يمكن للعلاقات الإنسانية المؤذية أن تشكل مصير الفرد؟ - أظن أن أغلب المآسى والحوادث وحتى الجرائم التى لا تحدث فى مجتمعنا فحسب، بل فى العالم أجمع، سببها هو العلاقات المؤذية، والتى ليست بالضرورة تكون بين زوجين أو حبيبين، بل أيضًا بين الأصدقاء، وفى مجتمع العمل، وحتى فى المنزل، مع الإخوة أو الآباء، فكم مرة سمعنا عن انتحار ضحايا التنمُّر فى المدارس والجامعات، وكم من زوجٍ قتل زوجته فى لحظة غضب، لذا أعتقد أن العلاقات المؤذية تُعَد عامِلًا كبيرًا فى تشكيل مصائر الأفراد.