أكد علماء الدين والنفس أن ممارسة الطب دون ترخيص وتأهيل تُعد جريمة شرعية وقانونية، وقد تصل إلى شبه القتل العمد إذا أزهقت روحًا، أو تُعد تزويرًا ومخاطرة بالأرواح حتى فى حال عدم حدوث ضرر مباشر، وهو ما يستوجب تطبيق القانون بحزم. قالت د. روحية مصطفى، أستاذة الفقه بجامعة الأزهر، إن حفظ النفس يُعد من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد أولته النصوص الشرعية فى القرآن الكريم والسنة النبوية اهتمامًا بالغًا، لأنه يرتبط بحماية أحد أقدس الحقوق التى أكرم الله بها الإنسان وأضافت أن مهنة الطب تحتل مكانة رفيعة فى الشريعة، لما تؤديه من دور مباشر فى الحفاظ على هذا المقصد الجليل. اقرأ أيضًا | أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك وأوضحت أن الشريعة تُحرم ممارسة الطب على غير المتخصصين أو غير المأذون لهم بذلك، إذ يُعد ذلك تعديًا على الأرواح لا إنقاذًا لها، ويُحمّل صاحبه الإثم الشرعى وضمان الضرر، سواء فى ميزان الشريعة أو أمام القانون. وأشادت بقرار المشرّع المصرى الذى جرم ممارسة مهنة الطب دون ترخيص، مؤكدةً أن هذا الفعل يُعرّض حياة الناس للخطر، وينتهك حرماتهم الجسدية والإنسانية، ويُخالف الهدى النبوي، مستشهدة بحديث رسول الله : «من تطبّب ولم يُعلَم منه طب، فهو ضامن.»، موضحة أن من ادّعى القدرة على التطبيب دون علم أو تدريب، وتسبب فى ضرر أو وفاة، فهو ضامن شرعًا لما نتج عن فعله، وقد يُعد قتلاً عمدًا إذا اقترن بتهاون أو جهل خطير. وأكدت أن مهنة الطب ليست مفتوحة لمن أراد، بل هى أمانة ومسئولية، تتطلب علمًا وخبرة وتفويضًا قانونيًا، وأى تجاوز لذلك يُعد عدوانًا على النفس التى أمر الله بحفظها. من جانبه، أوضح د.عصام المغربى، خبير علم النفس السلوكي، أن إلزام الدولة بترخيص العيادات الطبية الخاصة يُعد مصلحة معتبرة شرعًا، ولا يجوز العمل فى تلك العيادات دون ترخيص، مستندًا إلى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم)، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود). وأشار إلى أن الأخطاء الطبية الناتجة عن الممارسات غير المرخصة قد تؤدى إلى فقدان حياة المريض، مما يُخلف آثارًا نفسية واجتماعية واقتصادية جسيمة على الأسرة والمجتمع. كما نبه إلى أن تخصصات مثل التخدير تُعد عالية الخطورة، وتتطلب دقة شديدة وخبرة، ولا تحتمل أى تهاون. وأكد أن وفاة أحد أفراد الأسرة نتيجة لخطأ طبى قد يؤدى إلى فقدان المعيل، وظهور أزمات مالية، وتفكك أسري، وفقدان الثقة فى المؤسسات الطبية، بالإضافة إلى معاناة الأقارب من صدمة نفسية شديدة قد تصل إلى اضطراب ما بعد الصدمة، والحزن، والغضب، والشعور بالظلم، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية وقدرتهم على التكيف مع الحياة. وشدد على ضرورة التعامل الصارم مع هذه القضية، لما تمثّله من خطر على المجتمع وعلى سلامة الأفراد وأمنهم الصحى والنفسى.