يثير الزواج المدني من آن لآخر الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مفهومه ومشروعيته وهل إذا كان شائعًا في مصر ومعترف به أم لا ومتى يكون؟!، ربما تثار كل هذه الأسئلة بمناسبة ما صرحت به الفنانة الشابة سلمى أبو ضيف خلال أحد اللقاءات التلفزيونية؛ بأنها تزوجت على طريقة الزواج المدني، واكدت أن السبب فى زواجها بشكل مدني لان زوجها غير مصري الجنسية. ورغم تصريحها عن سبب زواجها زواجًا مدنيًا، إلا أن هناك الكثير من الأسئلة تُثار هنا عن معني الزواج المدني والفرق بينه والزواج الشرعي؟، وما هي الآثار المترتبة على الزواج المدني حتى في حالة وقوع انفصال بين الزوجين؟، ولماذا دائمًا عند حدوثه يسبب حالة من الجدل؟!، عرضت «أخبار الحوادث» كل هذه التساؤلات علي المستشارة القانونية فيروز الصافي الملقبة ب»محامية الستات» والمتخصصة في مجال الأحوال الشخصية، والتي أجابت عليها في السطور التالية. تبدأ كلامها قائلة:تابعت ما قالته الفنانة الشابة سلمى أبو ضيف، وقد وضحت في حديثها عن السبب وراء زواجها زواجًا مدنيًا؛ وهو أن زوجها غير مصري الجنسية، وهي بالفعل الحالة الوحيدة التي تطبق عليها هذا النوع من الزواج في مصر، فالزواج المدني موجود في الكثير من دول العالم لكن يختلف تطبيقه من بلد لآخر وفقا للحالة الدينية لهذه البلد ولقوانينها ودستورها وما هو مسموح لديها وما هو ممنوع، فهناك بلاد عربية وليست أجنبيه فحسب، القوانين لديها لا تشترط الديانة أو الطائفة أو الجنسية بل أنها توافق علي أي حالات تتقدم لطلب الزواج المدني لديها، أما في مصر هناك الكثير من القيود حول تطبيق هذا القانون، لأنه تحكمنا الشريعة والأحكام الدينية. شروطه وعن تعريف الزواج المدني تقول محامية الستات فيروز الصافي: الزواج المدني هو عقد زواج يوثق أمام جهة رسمية في الدولة مثل المحكمة أو السفارة أو الشهر العقارى، من غير تدخل المؤسسات الدينية، ويتم توثيقه بحضور شاهدين ويعد دليلًا قانونيًا على الزواج. أي أنه لا يعتمد على الطقوس أو القواعد الدينية، أو قانون الأحوال الشخصية، لكن يعتمد على القوانين المدنية للدولة التي يعقد فيها الزواج. وإذا عقد زواج مدني فقط ولم يوثق وفقا للقوانين المصرية المعتمدة على الشريعة، لن يكون له أي أثر قانوني أمام المحاكم ويشمل ذلك مشكلات النسب والطلاق وغيرها، لكن إذا تم وفقًا للشريعة الإسلامية يترتب عليه نفس آثار وحقوق الزواج الشرعي لدينا فى مصر. ولا يمكن القول بأن الزواج المدنى غير معترف به في مصر، لانه يتم وفقا لظروف خاصة، وهي مثلا أن يكون أحد الطرفين غير مصري، فهنا لابد أن يتم الزواج في السفارة التابعة للزوج وذلك حتى تضمن الزوجة حقوقها فيما بعد، صحيح أنه يختلف شكلا ومضمونا عن عقد الزواج الشرعي الذي يحرره المأذون، لكن يمكن للزوجين أن يكتبا فيه الشروط التي يطلبها من الطرف الآخر، وكل طرف ملزم بعدم مخالفة هذه الشروط، أى أن العقد يتضمن شروطًا يتم الاعتداد بها فيما بينهما من حقوق الزوجة أو الزوج سواء خلال فترة الزواج أو عند وقوع الطلاق من نفقات وحضانة ابناء وغيرها. فهو يعتبر مثل عقود البيع والشراء، كل شيء فيه يتم بالاتفاق وإذا لم يحدث هذا الاتفاق، يمكن أن يتجه أحد الطرفين إلى المحكمة المدنية ويطلب فسخ عقد الزواج، لأن أحد الطرفين مثلا أخل بشروط العقد المبرم بينهما. وتستكمل محامية الستات فيروز الصافي كلامها عن الزواج المدني قائلة:وعن الطلاق في حالة الزواج المدني؛ ينهى هذا الزواج مثلما عقد بالاعتماد على إجراءات قانونية فقط، ودون الحاجة إلى موافقة دينية، وإذا عقد زواج مدني فقط ولم يوثق وفقا للقوانين المصرية المعتمدة على الشريعة لا يكون له أي قوة قانونية أمام القانون ويترتب عليه مشكلات النسب والطلاق. وإذا لم يخالف الشريعة الإسلامية، يكون للزوجة الحق في التقدم بدعاوى نفقة عادي أو أي حق من حقوق الزواج وفقا لقانون الدولة. والزواج المدني موجود في كل دول العالم، وتوجد دول كثيرة يسهل الزواج فيها دون النظر لجنسياتهم أو ديانتهم أو أي مانع يمنع شخصين عن الزواج، لكن عندنا في مصر الأمر مختلف. لذلك الزواج المدني موجود لكنه مقيدا بشروط، وغير محبذ إلا في حالتين فقط، الأولى هي زواج الاجانب، كزواج المصريات من أجانب أو العكس، وزواج الأجانب في مصر، أي أجنبي لأجنبيه يكون ايضًا زواجًا مدنيًا، والحالة الثانية زواج غير المسلمين، وحتى غير المسلمين في مصر لابد أن يكون الزواج في اطار قواعد وأحكام طوائفهم التي تقرها الدولة. داخل السفارة تستطرد المستشارة فيروز الصافى قائلة: لدي في المكتب أكثر من موكلة مصرية تم زواجهن من أجانب، عن طريق السفارة التابع لها الزوج، بشروط وإجراءات مدنية ويوثق هذا الزواج في قطاع الأحوال المدنية بالعباسية، ولكن قبلها يتم الزواج في السفارة لكي يوثق الزواج في البلدين حفاظا على حقوق أطراف الزواج وما ينتج عنه من أبناء، أي أنه شرط توثيقه في السفاره التابعة للزوج ضمانًا لحقوق الزوجة وابنائها، في الماضي كان يتم الزواج في محكمة الأسرة لكن منذ عدة سنوات صدر القرار في حالة زواج أحد الطرفين بغير مصري؛أن يتم الزواج داخل السفارة التابع لها هذا الطرف، ضمانًا لحق الطرف المصري. وتستكمل فيروز الصافي محامية الستات كلامها عن شروط الزواج المدني فتقول:الزواج المدني في مصر لا يعترف به رسميًا إذا لم يستوفِ الشروط الشرعية الإسلامية المعروفة، مثل أن يكون الطرفان بالغين عاقلين، وأن يكون هناك الإيجاب والقبول وموافقة الولي، ووجود الشهود. ورغم أن الزواج المدني يسبب جدلًا بسبب مشروعيته يخلق دائمًا بعض التساؤلات، هناك بعض الناس على الجانب الآخر، يرون أن الزواج المدني قد يوفر بعض المزايا القانونية والاجتماعية التي لا يوفرها الزواج الشرعي؛وهي المساواة بين الطرفين كما قالت لي إحدى الفتيات عندما تزوجت «مدني»، ووضع شروطا وبنودا في العقد وإلزام الطرف الآخر بتنفيذها، والحق في الطلاق اعتمادًا على القانون، دون الحاجة إلى مبررات دينية لكي يتم الطلاق، أي أنه يحافظ على حقوق المرأة والرجل معًا، حتى في حالة حدوث نزاع أو وقوع الطلاق. في النهاية لا يوجد في مصر زواج مدني إلا في الحالتين السابق ذكرهما، ولا يعترف بهما إلا بعد التوثيق بما يتناسب مع القانون المصري والشريعة الإسلامية، ويتم النظر في شئون دعواهم مثل الزواج الشرعي وفقا للقانون المصري للمسلمين وغير المسلمين. وفيما عدا ذلك من زواج مدني كما هو معروف في كثير من الدول الذي لا يعترف بفارق الدين أو غيره، فلا يتم الاعتراف به ولا يوثق في محاكم الأسرة لدينا، وبالتالي لا يترتب عليه آثار،ولا يمكن اقامة دعاوى قضائية في أي شيء يخصه، مثل إثبات النسب والنفقة وخلافه. وأنهت «محامية الستات» فيروز الصافي قائلة:هناك الكثير من حالات الزواج المدنى تخرج من مكتبي جميعها متعلقة بنفس الفكرة وهى زواج الأجانب، حيث مصريات يتزوجن من جنسيات عربية والعكس، أي مصريين يتزوجون من زوجات أجنبيات، فلدي مثلًا حالة لزوج مصري تزوج من فرنسية، ايضًا زواج أجانب مع بعضهما البعض مثل سودانيين من سودانيات، كل هذه الزيجات الموجودة تتم بطريقة زواج مدني. اقرأ أيضا: مجلس الدولة: الأحوال المدنية ليس لها سلطة تغيير قيود الزواج والوفاة