المشاكل الأسرية بين الزوجين دائماً مستمرة ويصفها البعض بأنها ضريبة الزواج بعضها ينتهى بالطلاق أو الخلع لاستحالة استكمال الحياة بين الطرفين، تلك الحالات دفعت المحامى أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسة القانونية، الى إطلاق مبادرة «زواج التجربة» بدعوى أنها النموذج الملائم لتلك المرحلة التى يعيشها الزوجان خاصة للحد من انتشار الطلاق فى المجتمع العربى، من خلال الالتزام والحفاظ على كيان الأسرة واستبعاد الطلاق كحل لأى من المشاكل التى تواجه الزوجين فى السنوات الأولى.. المبادرة دفعت الكثير من علماء الدين والمؤسسات الدينية إلى الاعتراض على الفكرة. تبدأ قصة زواج التجربة - كما يصفها مهران - لجأت إحدى الزوجات إلى أحمد مهران من أجل رفع دعوى طلب الطلاق من زوجها بعد ثلاث سنوات من زواجها، لكن المحامى بدلاً من أن يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة فى هذه الحالة اتصل بالزوج وعرض عليه حل الخلاف عبر إبرام عقد اتفاق يقضى بمشاركة الزواج وفق مدة زمنية محددة على ألا تقل عن 3 سنوات. وقد أعلن مهران عبر تصريحات صحفية وإعلامية أنه اقترح على الزوجين تدوين مطالبهما فى عقد حمل عنوانه «عقد اتفاق على مشاركة الزواج»، وهو ما تم ترويجه إعلامياً بعد ذلك باسم «زواج التجربة»، ووصفه بالأنسب لهذه المرحلة التى تتزايد فيها حالات الطلاق. واستمد مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية تلك الفكرة من نظام قائمة المنقولات الزوجية وهى عبارة عن عقد قانونى ملحق بعقد الزواج يوثق ملكية كلا الشريكين لتجهيزات منزل الزوجية، ويوقع الزوج على إقرار ملزم برد كل قائمة المنقولات حال الانفصال. دفاع «مهران» عن قضيته كان بدافع وجود عقد اتفاق مشاركة الزواج وأنه مجرد عقد مدنى ملحق بوثيقة الزواج، وليس له علاقة بوثيقة الزواج، بل يكمل الشروط بين الزوجين التى اتفقوا عليها حتى يحافظوا على منزل الزوجية وتأجيل فكرة الطلاق السريع.. فالزواج نفسه غير مؤقت لكن العقد المدنى مؤقت لمدة 3 سنوات أو أكثر، وأن الغرض من تحديد مدة للعقد المرفق بالزواج هو تقييد الزوجين للعيش سوياً لمدة معينة على الأقل 3 سنوات، فعندما يعلم كل طرف أن هناك عقداً وقع عليه يفكر ألف مرة قبل خطوة الطلاق. وعن اسم زواج التجربة قال: إنه اختار اسماً لافتاً كنوع من التسويق الإعلامى لجذب الانتباه لفكرة جديدة، مؤكداً أنه أتم نحو 220 عقداً من هذا النوع مؤخراً. مؤسسة الأزهر الشريف أعلنت أن فكرة زواج التجربة تتنافى مع دعائم منظومة الزواج فى الإسلام، وتتصادم مع أحكامه ومقاصده، إضافة إلى ما فيها من امتهان للمرأة فى حين تريثت دار الإفتاء المصرية فى حكمها على هذا النوع من الزواج، إذ قيدت الأمر للبحث والدراسة، ثم بعد ذلك أصدرت بياناً لا يختلف فحواه عن نظيره الصادر من الأزهر. وأكدت دار الإفتاء أنها أطلعت على الأسئلة المتكاثرة الواردة إلينا عبر مختلف منافذ الفتوى حول ما يسمى إعلامياً بمبادرة زواج التجربة، والتى ترصد زيادة الشروط والضوابط الخاصة فى عقد الزواج، وإثباتها فى عقد مدنى منفصل عن وثيقة الزواج، والهدف من ذلك: «إلزام الزوجين بعدم الانفصال فى مدة أقصاها من ثلاث إلى خمس سنوات، يكون الزوجان بعدها فى حِلٍّ من أمرهما، إما باستمرار الزواج، أو الانفصال حال استحالة العشرة بينهما». وأكدت أن هذه المبادرة بكافة تفاصيلها الواردة إليها قيد الدراسة والبحث عبر عدةِ لجان منبثقة عن الدار، لدراسة هذه المبادرة بكافة جوانبها الشرعية والقانونية والاجتماعية، للوقوف على الرأى الصحيح الشرعى لها، وسوف نعلن ما تَوصَّلنا إليه فور انتهاء هذه اللجان من الدراسة والبحث. أما عن بعض الشروط الأخرى التى يتم كتابتها فى عقد الزواج، فأوضحت الدار أن اشتراط ما فيه مصلحة لأحد العاقدَين مما سكت الشرع عن إباحته أو تحريمه، ولم يكن منافياً لمقتضَى العقد، ولا مُخِلًّا بالمقصود منه، بل هو خارج عن معناه، كأن تشترط الزوجة على زوجها ألا يُخرِجَها مِن بيت أبويها، أو ألا ينقلها من بلدها، أو أن لا يتزوَّج عليها إلا بمعرفتها، فمثل هذا النوع من الشروط صحيحٌ ولازمٌ، وَفْق ما يراه بعض العلماء، وهذا هو الأقرب إلى عمومات النصوص والأليق بأصول الشريعة. ووفق الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن مصر وقعت بها 225 ألف حالة طلاق عام 2019 مقابل 201 ألف حالة فى 2018، بمعدل حالة طلاق واحدة كل دقيقتين و20 ثانية، فى حين بلغت عقود الزواج فى عام 2019 نحو 927 ألف عقد زواج مقابل 870 ألفاً فى 2018. الدكتور أحمد كريمة، استاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، أكد أن وضع شرط يمنع الطلاق لمدة معينة فى فترة الزواج، هو أمر مخالف للشريعة الإسلامية، فأى شرط يحل حراماً أو يحرم حلالاً يبطل عقد الزواج، فالطلاق والزواج حق مقرر فى الشريعة الإسلامية غير معلق بزمان أو بمكان، والشروط التى يمكن وضعها بالعقد هى شروط معينة لها أدلة من الحكماء وليست مطلقة، لذا يجب على الجميع الرجوع للأزهر فى الأمور التى تتعلق بالشريعة الإسلامية. وأشار استاذ الفقه الى أن مذهبى الإباضية والسنة ينصان على أن تحديد مدة فى العقد يجعله باطلاً، إضافة إلى أن عقد الزواج الذى يوضع فيه شروط غير المتفق عليها لا يعد صحيحاً.