راودنى السؤال «عنوان المقال» من كثرة فيديوهات البلطجة والعنف على مواقع التواصل الاجتماعى، ماذا أفعل إذا وجدت نفسى وجها لوجه مع من يحمل سلاحا ابيض او سنجة، وحاول سرقة الموبايل او اختلفنا لأولوية المرور بالسيارة فى الشارع؟ هل أواجهه.. أهرب، أصوره، أم أستغيث؟.. الإجابة تتوقف على الموقف والمكان وحجم التهديد.. لكن القاعدة الذهبية من وجهة نظرى: السلامة أولاً. مهما بدا الموقف لا يجب اساءة التقدير.. البلطجى لا يتحرك بعقلانية، وغالبًا ما يكون تحت تأثير المخدرات، أو مدفوعًا برغبة فى استعراض القوة، ومواجهته مباشرة محفوفة بالمخاطر الجسيمة لعدم التكهن برد فعله، وكم من ضحايا فقدوا حياتهم لهذا السبب. قرأت رأيا لأحد الخبراء يقول: تجنّب النظر المستفز فى وجه البلطجى أو التحديق فيه، لا تُحاول التصوير علانية وابتعد فى هدوء، وتجنّب لفت الانتباه إليك، وأراقب كل يوم جهود الشرطة فى التعامل مع بلاغات البلطجة بجدية وسرعة، وتملك وسائل تكنولوجية لتحديد المواقع والتعرف على الجناة من خلال الكاميرات أو الفيديوهات. وبعض الناس يُصور مشاهد البلطجة وينشرها على منصات التواصل بهدف التحذير، لكن النتيجة احيانا تكون عكسية، والانتشار الواسع لمشاهد السحل والضرب والفتونة، دون متابعة لما حدث بعد ذلك، يُشعل الخوف ويُضعف الثقة فى الأمن، ويُضخّم الجريمة أكثر من حجمها. احيانا اشعر بأن البلطجة لم تعد محصورة فى الشوارع، ولا مقصورة على السيوف والسنج والعنف الجسدي، بل من نوع جديد، يمارسها البعض على منصات التواصل الاجتماعي، بأسلحة أكثر خبثًا وتأثيرًا: الكذب والتضليل وفبركة الفيديوهات وصناعة الخوف. لا انكر وجود الجريمة وأهمية دور وسائل التواصل الاجتماعى فى كشف جرائم كان من الصعب اكتشافها، ولكن كثيرا من الحالات ليست توثيقًا نزيهًا للواقع، بل هى مشروع فوضى تصنعه أيادٍ تحترف التحريض والتضليل. وأذكركم بمقاطع تمثيلية كانت تنتجها بعض الجهات التى هيأت البلاد للفوضى فى أحداث يناير 2011، بوسائل تصوير متطورة وإخراج احترافي، فى محاولة لضرب الثقة بين الناس وأجهزة الدولة، ورسائل سياسية مقصودة تستهدف الاستقرار من الداخل. وزارة الداخلية تُعلن بشكل يومى عن ضبط مرتكبى هذه الجرائم، وتحيلهم إلى النيابة، وتُعرض المحاكمات أمام الجميع، والرسالة واضحة: «لا أحد فوق القانون» ولن تُترك الشوارع لمن يحمل سيفًا أو مطواة. أما المحاكمات العلنية فأصبحت ضرورة لإعادة هيبة القانون، ورسائل ردع قوية لمن تُسول له نفسه ترويع الناس، حين يظهر البلطجى مقيدًا فى قفص الاتهام، بدلًا من أن يكون نجمًا على «الترند»، تُصحح الصورة فى العقول. وأخيرا، البلطجة ظاهرة موجودة فى كل المجتمعات، لكن التعامل معها بوعى وقانون هو ما يصنع الفارق، فإذا قابلت بلطجيًا يومًا، فتذكر أن سلامتك أولًا والعدالة قادمة، ولا تنسَ أن مصر بلد القانون، ولن تتحول شوارعها الى ساحات للبلطجة والبلطجية.