تفاصيل مشروعات السكنية والخدمية بحدائق أكتوبر    انفجارات تهز دمشق وانهيار مبنى.. التفاصيل الكاملة    ممدوح جبر: لأول مرة إدارة ترامب تتحدث رسميًا عن إقامة دولة فلسطينية    المنتخب الكرواتي يتأهل إلى كأس العالم 2026    جهود مكثفة لضبط سائق دهس 3 طلاب أثناء سيرهم بالمقطم    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    7 قتلى و27 مصابا في انفجار بمركز شرطة بالهند    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    طقس غير مستقر وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف توقعات السبت 15 نوفمبر 2025    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    هولندا تضع قدما في المونديال بالتعادل مع بولندا    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    نانسي عجرم: شائعات الطلاق لا تتوقف منذ زواجي.. ولا أقبل أن أعيش غير سعيدة    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    وسائل إعلام فلسطينية: مدفعية جيش الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المناطق الشرقية من مدينة غزة    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    سفير السودان بالاتحاد الأوروبي يشيد بالدور المصري ويشدد على وحدة السودان واستقراره    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    إخماد حريق في مخبز وسوبر ماركت بالسويس    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    قائد الجيش الثالث: الدور التنموي يكمن في توفير البيئة الآمنة لتنفيذ المشروعات القومية    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    مصر تبيع أذون خزانة محلية ب99 مليار جنيه في عطاء الخميس.. أعلى من المستهدف بنحو 24%    اليوم.. انقطاع الكهرباء عن 31 قرية وتوابعها بكفر الشيخ لصيانة 19 مغذيا    رئيس قناة السويس: تحسن ملحوظ في حركة الملاحة بالقناة    تصعيد جديد.. الصين تتوعد اليابان ب"هزيمة ساحقة" وتحذر مواطنيها من السفر    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ويتكوف يخطط للقاء رئيس حركة حماس خليل الحية.. البرهان: على كل السودانيين المشاركة فى المعركة ضد الدعم السريع.. وهجوم مجهول بصاروخى كاتيوشا على دمشق    "دولة التلاوة".. مصطفى حسني للمتسابق محمد سامي: شعرت في قراءتك بالفخامة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    سعر اللحوم مساء الجمعة 14 نوفمبر 2025    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. حلمي القاعود يكتب: توحُّش مجتمع.. أين التربية الإسلامية؟

اشتعل الغضب الاجتماعي عقب الحوادث المؤلمة غير المسبوقة في المجتمع العربي المسلم الذي اشتهر بالطيبة والتسامح والرضا، وتعددت أخيراً الحوادث الدامية الشاذة التي صنعها عنف أهوج لم تعرفه البلاد من قبل في ظل ثقافة التهويد، فأثار موجات الاستنكار في جميع الأرجاء، جرائم داخل الأسرة الواحدة وبين الأقارب والجيران وفي المدارس والجامعات، في البيوت والشوارع وأماكن العمل، وافتقد الناس الأمان، أسباب العنف المباشرة تافهة، أو بسيطة يمكن حلها بشيء من التفاهم والوساطة، ولكن الواقع مخيف ومرعب، شجار بسيط يتحول إلى قتل، خلاف على مبلغ قليل أو ميراث ليس بذي قيمة كبيرة ينتهي بدماء ذوي الأرحام، مزاح يتحول إلى ذبح وإصابات بالغة تضع المصابين على حافة الموت.
غيض من فيض
جريمة قتل بشعة شهدتها محافظة كفر الشيخ، حيث أقدم ثلاثة طلاب بالصف الثاني الثانوي على ذبح زميلهم، بسبب خلافات بينهم عقب تنمرهم عليه في أثناء توجهه لدرس خصوصي.
العثور على طالبين انتحرا شنقاً بغرفة فندق في الإسكندرية وتركا رسالة يقولان فيها: زهقنا من حياتنا!
بعد حادثة الإسماعيلية، شقيقان يمزقان جسد شاب بالساطور وسط المارة في أبو صوير!
رجل يشعل النار في ابن شقيقه بسبب 20 جنيهاً في حدائق القبة، وأشقاء الضحية يتحدثون.
عروس قبل ليلة الزفاف تفاجأ بشقيقها يشعل فيها النار وتتحول إلى هيكل محترق من أجل خلاف على ميراث بسيط!
رجل قارب الستين يقطع رأس أمه التي بلغت التسعين من أجل فدان زراعي يريدها أن تكتبه له دون إخوته، ويضع جسدها في شوال ويلقي به في أحد المصارف، ويبلغ الشرطة عن غيابها!
طالبان يقفان أمام بوابة إحدى الكليات، وليثبت أحدهما للآخر أنه أقوى منه، يضربه بكتر فيقطعه نصفين!
ضباط مباحث الإسكندرية ينجحون في القبض على الابن المتهم بارتكاب واقعة قتل والده العجوز وأمه المسنة داخل سكنهما بمنطقة الحضرة الجديدة.
تمثيل بالجثة
اهتزّ المجتمع بعد الجريمة غير المسبوقة في أحد شوارع الإسماعيلية وفي عز النهار والناس يمضون غادين رائحين، يفتك الجاني بصديقه ويقطع رأسه ويفصله عن الجسد، ويمثل به وهو يحمله في الشارع، ويضرب بالساطور من يقترب منه وقد أصاب اثنين آخرين، والناس تشاهد التمثيل بالجثة، وتكتفي بالتصوير دون أن تحاول منع المجرم الذي لا يكتفي بجريمته بل يتهم الضحية كذباً أنه اغتصب أمه وأخته، والضحية كهل مريض بالكبد ولديه سبعة أبناء، ثم ينفي الجاني هذه التهمه فيما بعد عندما حاصره المحققون بالحقائق!
هذه الجريمة استنفرت المجتمع وكتابه ورجال الدعاية ووسائل التواصل الاجتماعي -باستثناء المثقفين المتهوّدين- استنكاراً لها، وتساؤلاً عن أسبابها، ومحاولة الإجابة عن سؤال: لماذا توحش المجتمع الطيب المتسامح الذي اشتهر بجملة: الله يسامحك؟!
لقد أعلنت النيابة العامة تفاصيل تحقيقاتها في الواقعة التي سميت بقضية «سفاح الإسماعيلية»، فوصفتها بالجريمة البشعة، التي قام فيها المتهم بالانقضاض بالساطور على أحد الأشخاص «عامل» في شارع طنطا بالإسماعيلية، وقام بفصل رأسه عن جسده وتجول به في الشارع وسط ذهول الأهالي، وأصاب اثنين آخرين، وقررت النيابة حبس المتهم 4 أيام، جددها قاضي المعارضات إلى 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
المواد المخدرة
وسألت النيابة العامة المصابيْنِ الآخرين المجني عليهما، وخمسةَ شهود آخرِينَ، فتوصلت من حاصل شهادتهم إلى اعتياد المتهم تعاطي الموادِّ المخدِّرة، والتقائه يومَ الواقعة بالمجني عليه، حيث دار بينهما حوارٌ لدقائق انتهى بارتكاب المتهم جريمته، وأفصح للمارَّة خلالَ اعتدائه على المجني عليه عن وجود خلافات سابقة بينهما ليتراجعوا عن الذَّوْد عنه(!)، ثم تعدى على اثنينِ من المارَّة أحدهما على سابق علاقة به، فأحدث بهما بعض الإصابات وحاول الفرار من محلِّ الواقعة إلا أن الأهالي طاردوه حتى تمكنوا من ضبطه.
وباستجواب المتهم فيما نُسب إليه من قتل المجني عليه عمدًا مع سبق الإصرار والترصد واقتران تلك الجناية بجنايتي الشروع في قتل المصابيْنِ الآخرين، أقرَّ بارتكابه الواقعة وتعاطيه موادَّ مخدِّرة مختلِفة صباحَ يوم حدوثها وحدد أنواعها، وعلى هذا أمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًّا أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وقررت اتخاذ الإجراءات اللازمة بيانًا لمدى صحة وسلامة حالته النفسية والعقلية لما تردد بخصوص هذا الشأن على خلاف ما ظهر من اتزان المتهم خلال التحقيقات وإعادة تمثيله ومحاكاته كيفية ارتكابه الواقعة، وجدد قاضي المعارضات حبسه احتياطياً خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيقات.
وأشارت النيابة العامة إلى أنها تعلم حجم الفاجعة التي حاقت بالمجني عليهم وذويهم، كما تعلم ما ضاقت به صدور المواطنين من مشاهد تلك الجريمة البشعة التي لا يُبرر ارتكابها أو غيرها من الجرائم أيُّ دافعٍ مهما كان.
وذكر شقيق الضحية أن الجاني تربى في بيتهم وأنه كان قريباً منهم، وقال: إن أسرته ساعدته في دخوله مصحة بمحافظة الإسماعيلية لإدمانه مخدر الأستروكس وأنه تم التعافي منه، كما أعلنت أسرة الضحية أنها لن تتقبل العزاء فيه، ولاحظ الجيران والقريبون منهم أنهم لم يبكوا، مما يعني أن هناك انتظاراً لحكم القضاء بإعدام الجاني أو ترتيباً للأخذ بالثأر، وتلك مشكلة أخرى، تجلت بوادرها بمغادرة أسرة الجاني المنطقة بعد انتشار فيديوهات وصور جريمة ابنهم المسمى عبدالرحمن والشهير ب"دبور".
وسائل العلاج
تناولت الصحافة والإذاعة والقنوات ومواقع التواصل والكتَّاب والخبراء القضية بالتحليل والتفسير وبيان الأسباب والدوافع، واجتهدوا في محاولات وضع وسائل العلاج والمقاومة لهذا العنف غير المسبوق، وخاصة في مجال الأسرة الواحدة والجيران والأصدقاء.
وقد تركزت معظم الآراء التي أزعجتها الحوادث الشاذة حول ابتعاد المجتمع عن الدين وتجريف القيم العليا للإسلام، وغياب الكليات الشرعية الخمس المهمة عن الوعي العام، وهي حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، لقد أدى ذلك إلى توحش المجتمع، وانتشار الفوضى، واستسهال إراقة الدماء، ولو كانت دماء أقرب الناس، وصارت العلاقات تقوم على أن يقتل القوي الضعيف ويسحقه ظلما وقهرا، مع اختفاء التراحم والتسامح، وموت المشاعر الإنسانية وتفكك عرى الأخوة والقرابة والإنسانية.
ثم هناك انسداد للأفق العام، وشراسة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون اندماج الناس في الأعمال المثمرة وطنياً وقومياً وإنسانياً، فالحركة في إطار الدين أو العمل العام محفوفة بالمخاطر والمخاوف، لدرجة أن الأكثرية الساحقة من الناس يرددون القول الموروث "امش جنب الحيط"، هذا الانغلاق العام أدي إلى العزلة والتقوقع، والبحث عن قطع الوقت والفراغ وعلاج البطالة بالإدمان والغياب عن الواقع، أو الانتحار بوسائل مختلفة، وقد نقل عن الرسالة التي تركها الطالبان المنتحران في أحد فنادق الإسكندرية قولهما: "لا مكان لنا في عالم مليء بالكذب والنفاق والعنف"!
منصات لا تعمل
إن النوم في الغيبوبة المصطنعة بالمخدرات والإدمان دفع أعداداً غفيرة من الشباب إلى البحث عن المخدرات أو تصنيعها من الأدوية وغيرها، وصارت تجارتها من أكثر أنواع التجارة عائداً، ويجري البيع والشراء جهاراً نهاراً، لأن الأجهزة المعنية مشغولة بما يسمى الأمن السياسي، فلو سمعت هذه الأجهزة إشاعة أو خبراً زائفاً عن شخص ينتمي إلى جماعة معارضة، فإنها تهب على الفور وبسرعة الصاروخ، للقبض عليه لمعرفة ما وراءه.
أما ما يتعلق بالمخدرات والجريمة عموماً فإنها تتحرك تحركاً بطيئاً وئيداً، صحيح أن هناك جهوداً لمكافحة المخدرات، ولكنها ليست على المستوى المطلوب، لقد انتشرت المقاهي والكافيهات، وما يشبهها في القرى والنجوع، فضلاً عن المدن، انتشار النار في الهشيم، ومعظمها إن لم يكن كلها يفسح مجالاً لتناول المخدرات بأنواعها وتداولها وبيعها، فقد صارت مكاناً مفضلاً للفارغين والعاطلين.
المؤسف في الأمر أن أحداً ممن يطالبون بزيادة جرعات التدين، وكأن هناك تدين أصلاً (الاستثناء يثبت القاعدة)، يتجاهلون أن منصات تعليم الإسلام لا تعمل، أو تبث مواد تصب في مجرى العنف والانحلال والفوضى والإلحاد وموت الضمير!
ولو تأملنا بعض المنصات الرئيسة وما يصدر عنها لتأكدنا أن العنف القائم غير المسبوق، نتيجة لتوقفها عن العمل، أو لجمودها، أو لتأدية وظيفة معاكسة.
المنصة الأولى: التعليم:
لا ريب أن سبعين عاماً مرت بالبلاد شهدت تحولات خطيرة في مجال النظر إلى الإسلام وتعليمه ونشر قيمه وأخلاقه ومعطياته الإنسانية، فقد عشنا الشعوبية والقومية والاشتراكية، ثم الانفتاح غير المدروس على الغرب وقيمه السلبية، وانبهرنا بما يقال عن الحداثة والتنوير والعولمة، وتاهت في الطريق هويتنا الإسلامية التي تهضم كل ما هو مفيد وخير في الحضارات القديمة والمعاصرة.
كانت غاية الحكومات المتعاقبة الحفاظ على السلطة بأي ثمن، ولهذا طاردت الإسلام ولاحقته في صور متعددة بوصفه العنصر المزعج الذي يسبب لها المتاعب لأنه يذكّر بقيم العدل والمساواة والإحسان والشورى والمشاركة، ولعل أبرز صور المطاردة كانت عبر منصة التعليم، فجاء تطوير الأزهر -وهو حق أريد به باطل- ليسمح بانتساب طلاب لا يحفظون القرآن الكريم -أساس تعليمه وأس منهجه- وبغير دراسة وافية تم تحميل الطالب مقررات مدارس التعليم العام بجانب المقررات الأزهرية فثقل الحمل على الطلاب الذين نفروا منه وغادروا حرمه الطاهر إلى مؤسسات أخرى، مما اضطر إدارات الأزهر المتعاقبة إلى تخفيف المقررات الشرعية واللغوية، فلم يبق منها شيء مؤثر، مع افتقاد حفظ القرآن الكريم، واضطرت المعاهد الأزهرية في بعض المراحل إلى ملء الفراغ الذي حدث بسبب فرار الطلاب إلى قبول طلاب التعليم العام الضعفاء الذين رفضتهم مدارس التعليم الثانوي والفني، وهو ما زاد الطين بله، فرأينا خريجين يقفون على المنابر لا يحسنون اللغة ويخطئون في تلاوة الآيات والأحاديث، وليست لديهم بضاعة علمية أو قيمية، ويبقى الوضع على ما عليه حتى الآن، واقرأ نتائج (الإعدادية والثانوية) تجدها في غاية التدني، والناجحون فيهم نظر!
مادة صورية
أما التعليم العام، فقد ألغيت حصص تحفيظ القرآن، ثم همّشت مادة التربية الإسلامية تهميشاً كاملاً من حيث المحتوى والمستوى، ثم صارت مادة لا وجود عملياً لها، حيث لا تضاف إلى المجموع بتاتاً، ويقوم الطلاب عقب امتحانها الصوري بإلقاء كتابها في حاويات الزبالة أو الطرقات، وجاءت جائحة كورونا لتدفع المسؤولين في التعليم للإعلان بجرأة غير مسبوقة إلغاء الامتحان الصوري في التربية الإسلامية!
لا تعليم للإسلام هناك!
يتخرج الطالب وهو لا يعلم شيئاً عن الإسلام بمفهومه الصحيح، وينتهز المثقفون المتهودون الفرصة ليتكلموا عن التشدد والتطرف والإرهاب، ويستغلون تعليقات بعض البسطاء في وسائل التواصل الاجتماعي لإدانة الإسلام والمسلمين جميعا!
الأدهى من ذلك أن الجامعات لا تلقي بالاً إلى المفاهيم الإسلامية في مقرراتها، وبعض الجامعات تقدم أساتذة في الدراسات الإسلامية لا يحفظون القرآن الكريم، ولا يمثلون قدوة للمسلم الصالح، كما تتاح الدراسات العليا لطلاب لا علاقة لهم بالذكر الحكيم، ومن عجب أن تضم أقسام اللغة العربية التي يفترض أن تكون حصناً للإسلام وقيمه، نفرا من الأساتذة الذين يؤمنون بثقافة التهويد والتغريب أكثر مما يؤمنون بثقافة الإسلام ومفاهيمه!
المنصة الثانية: الإعلام:
وأسميها الإعلام تجاوزاً للتسهيل، فهو دعاية فجة للحكومات والمسؤولين، ومنصة لتصدير الهجوم على الإسلام وقيمه باسم التنوير والحداثة والتقدمية، ونعت الإسلام بالظلامية والرجعية والجمود والتخلف، والدعوة إلى نبذ الوحي، ورفض الإسلام، وتقبل القيم الغربية.
ولا يقولن أحد: إن هذه المنصة تقدم برامج دينية تتناول قضايا إسلامية، فهذه البرامج محدودة جداً، وبعضها غير مؤثر لضعف مقدميها أو قصورهم الفكري، وحديثهم عن قضايا هامشية لا أهمية لها، واعتمادها على فتاوى تدور في معظمها حول أمور شخصية ثانوية، ثم إن هذه البرامج تبث فيما يسمى الأوقات الميتة أي التي تقل فيها نسبة المشاهدة أو تنعدم، وتأتي وسط طوفان من المواد الفاسدة التي تعادي الاستقامة والهوية وتطرح دعاية فجة لفئات هامشية غير منتجة، وتأمل مثلاً تخصيص ساعات لمسلسلات وأفلام ولقاءات مع من يسمونهم بالفنانين لتناقش معهم قضايا شخصية تافهة لا تهم المشاهدين.
إن المواد الدرامية على شاشة القنوات تؤسس لتعميق صورة البلطجي والفهلوي والقبيح والبذيء والمتفحش واللص الذكي والمرأة المسترجلة التي تتفوق في الردح والبذاءة وسوء العشرة، والراقصة التي تقوم ببطولات وطنية وهي لا تعرف ما هو الوطن ولا تفهم منه غير ما يعود عليها من أموال وشهرة ودعاية! وما بالك بأفلام ومسلسلات تصور حروباً بين المواطنين في الأحياء الشعبية كأنها قتال مع دولة معادية، حيث تفجير أنابيب الغاز، واستخدام السيوف والسنج والسواطير والسكاكين وغيرها؟ أليست هذه هي القدوة السيئة التي يقدمها ما يسمى الإعلام للأجيال المفرغة من كل قيمة إسلامية وغاية نبيلة؟
المتهودون!
ومن المؤسف أنه في الوقت الذي ينتفض فيه المجتمع دفاعاً عن ثوابته وقيمه الإسلامية، ينهض مثقفو التهويد والتغريب، ليحرفوا الأنظار إلى اتجاه آخر ينال من الإسلام والمسلمين، فيتحدثون عن التطرف والإرهاب بوصفه سبباً لإجرام البلطجية والقتلة في الشوارع.
خذ مثلاً رأي بوق متهود في التمثيل بجثة ضحية الإسماعيلية، إنه يتهم أبناء الحركة الإسلامية بأنهم أول من استخدم السيوف والسنج لإسكات المعارضين! ونسي الكذاب المأجور أن استخدام السيوف والسواطير أمر نشأ مع البلطجة والفتونة في بعض الأحيان الشعبية منذ زمان بعيد، ولكنه كان محدوداً.
واحدة متهودة تستغل حدثاً مريباً قام به أحد الأشخاص قيل: إنه يريد أن يدمر أسود كوبري قصر النيل، وتم القبض عليه قبل أن ينفذ جريمته، فتستصرخ المتهودة الجهات المسؤولة لأنه في زعمها كان يهتف: الله أكبر، الله أكبر! وتطالب بالضرب بيد من حديد على يد المتطرفين الإرهابيين الجهلاء، وكأنها تقول: دونكم الإسلام وشعاره "الله أكبر" فاستأصلوه سريعاً.
أهل "التوك توك"!
توحش المجتمع مسؤولية مشتركة بين أطياف المجتمع، حكاماً ومحكومين، وعليهم إن كانوا مخلصين أن يتضامنوا ببحث الأسباب الحقيقية لإحلال السلام في الشارع الذي يحكمه أهل "التوك توك" أو البلطجة والإدمان، بقيمهم المنحرفة ووجودهم السرطاني الخبيث.
………..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.