فى عالمنا المتغير بسرعة، تتجلى أزمة التمويل العالمى كعاصفة تهدد استقرار الدول النامية، حيث تعانى هذه البلدان من نقص حاد فى الموارد المالية تعوق تقدمها وتطورها، وفقًا للتقارير الأخيرة من صندوق النقد الدولى، فإن تلك الدول بحاجة إلى 2.5 تريليون دولار سنويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.. هذه الفجوة التمويلية ليست مجرد أرقام على الورق، بل هى واقع يعيشه الملايين يوميًا، حيث تتفاقم معدلات الفقر والبطالة، وتتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وفى ظل هذه الأزمة، تصبح الدول النامية أكثر عرضة للتأثر بالأزمات الاقتصادية والبيئية العالمية، مما يعمق من معاناتهم ويعرقل جهودهم فى تحقيق التنمية الشاملة، ويتطلب معالجة هذه الأزمة تعاونًا دوليًا فعالًا، ورؤية واضحة لتحقيق العدالة فى توزيع الموارد المالية، لضمان مستقبل أكثر استدامة وعدالة للجميع. تواجه البلدان النامية تحديات اقتصادية كبيرة بسبب أزمة التمويل الدولية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصادات النامية، وتشير التوقعات إلى أن نمو التجارة العالمية فى عام 2025 سيكون أقل من نصف المتوسط فى السنوات العشر التى سبقت جائحة كورونا، بالإضافة إلى ذلك، تواجه البلدان النامية صعوبة فى الوصول إلى أسواق رأس المال، مما يزيد من أعباء الديون ويؤثر على قدرتها على الاستثمار فى التنمية المستدامة. ووفق التقارير الدولية الأخيرة، يُقدّر العجز فى التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى البلدان النامية بنحو 2.5 تريليون دولار سنويًا.. هذا العجز ناتج عن الفجوة بين الاحتياجات التمويلية الفعلية للبلدان النامية والموارد المالية المتاحة حاليًا، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهناك حاجة ماسة لزيادة الاستثمارات فى مجالات مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية. ووفقا لتقرير الأممالمتحدة 2024، فإن عدم وجود تمويل كاف ومستمر هو أحد الأسباب الرئيسية للتخلف عن الركب على طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما أن العالم يحتاج إلى 4 تريليونات دولار إضافية سنويا لمواجهة بعض أكبر التحديات العالمية، وهى القضاء على الفقر والجوع، ومكافحة تغير المناخ، والحد من عدم المساواة. ويشير «خلل التمويل الدولي» إلى الاختلالات فى التدفقات المالية بين الدول، والتى يمكن أن تتجلى فى عدة أشكال مثل العجز أو الفائض فى الميزان التجارى، وتدفقات رأس المال غير المستقرة، والديون الخارجية المتزايدة.. هذه الاختلالات يمكن أن تؤدى إلى عدم استقرار اقتصادى على المستوى العالمى، ويؤدى الخلل فى التمويل الدولى إلى عدم الاستقرار الاقتصادى والأزمات المالية والتوترات السياسية . أزمة التمويل وفق التقارير الدولية الصادرة مؤخراً، عن الأممالمتحدة والبنك وصندوق النقد الدوليين فإن هذه الأزمة الخانقة التى تعانى منها الدول النامية بالأساس تنتج عن 4 مسببات تتمثل فى:»الديون المتراكمة ، خاصة أن العديد من الدول النامية مثقلة بديون كبيرة، مما يستهلك جزءًا كبيرًا من مواردها ويقلل من قدرتها على الاستثمار فى التنمية، ويرجع السبب الثانى فى هذه الأزمة إلى التفاوت فى توزيع الموارد فهناك تفاوت كبير فى توزيع الموارد المالية بين الدول المتقدمة والدول النامية، مما يؤدى إلى نقص التمويل فى الدول التى تحتاجه بشدة، والسبب الثالث الأزمات الاقتصادية والسياسية الأزمات مثل النزاعات والصراعات تؤدى إلى تعطيل النشاط الاقتصادى وتزيد من الفجوة فى التمويل، والرابع، هو تغير المناخ حيث إن التغيرات البيئية تؤثر بشكل كبير على الدول النامية، مما يزيد من تكاليف التكيف ويقلل من الموارد المتاحة». وتظهر هذه الأسباب، كيف أن الفجوة فى التمويل العالمى تتطلب جهودًا مشتركة لمعالجتها، وهو ما يدفع عددًا من المؤسسات الدولية الكبرى لمحاولة التصدى لهذه الأزمة، وهى صندوق النقد الدولى، والذى يعمل على تقديم الاستشارات المالية والتمويل للدول لمساعدتها فى التغلب على أزمات الديون وتحقيق الاستقرار الاقتصادى، والبنك الدولى، الذى يوفر تمويلًا لمشاريع التنمية فى الدول النامية ويدعمها فى تحسين البنية التحتية وتعزيز النمو الاقتصادي.. ومن بين المؤسسات الدولية التى تتصدى لهذه الأزمة الأممالمتحدة وذلك من خلال مؤسسات مثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائى (UNDP) وصندوق الأممالمتحدة للسكان، تعمل على دعم التنمية المستدامة وتقليل الفجوة فى التمويل، وأيضا منظمة التجارة العالمية (WTO)، والتى تعمل على تعزيز التجارة الدولية وتسهيل الوصول إلى الأسواق، مما يساعد فى تحسين الأوضاع الاقتصادية فى الدول النامية. 4 مقترحات عاجلة لحل الأزمة ب«مؤتمر إشبيلية» مدبولى: مصر قدمت نموذجاً ناجحاً لمشروعات «التحول الأخضر» عقد على مدار الأيام الماضية مؤتمر إشبيلية بإسبانيا، بهدف مناقشة سبل تمويل التنمية المستدامة فى الدول النامية، والذى شاركت فيه مصر ممثلة فى د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، حيث تمت خلال فعالياته مناقشة عدة موضوعات شملت: «تعزيز الشراكات الدولية، الابتكار فى الأدوات، ودور المؤسسات المالية الدولية فى دعم الدول النامية». وعقد المؤتمر بمشاركة واسعة للمؤسسات التمويلية الدولية ومنها الأممالمتحدة، من خلال وكالاتها المختلفة مثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائى، وصندوق النقد الدولى، والبنك الدولى الذى يشارك بصفته مؤسسة مالية دولية تقدم الدعم المالى والفنى، والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، والذى يساهم فى تمويل المشاريع التنموية فى الدول النامية. كما شارك فى المؤتمر المنظمات غير الحكومية الدولية: مثل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ومنظمة الشفافية الدولية، والمؤسسات المالية الإقليمية: مثل البنك الإسلامى للتنمية والبنك الإفريقى للتنمية. وقدم المؤتمر 4 مقترحات لحل أزمة التمويل العالمى تشمل إعادة هيكلة الدين، وذلك من خلال التأكيد على أهمية إعادة هيكلة الديون للدول النامية بشكل يخفف العبء المالى عليها، وتعزيز التمويل المبتكر، وذلك من خلال دعم استخدام أدوات مالية جديدة مثل السندات الاجتماعية والصناديق الاستثمارية المستدامة، وتعزيز الشراكات الدولية بتشجيع التعاون بين الدول والمؤسسات المالية لتعزيز تدفق الاستثمارات، بالإضافة إلى تحسين الحوكمة المالية: العمل على تعزيز الشفافية والمساءلة فى استخدام الأموال العامة. وأكد د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن هناك حاجة ملحة لتطوير منصة دولية تتيح تبادل المعرفة، وتقديم الدعم الفنى، وتعزيز الاستفادة من الأدوات التمويلية المتاحة عبر المؤسسات المالية الدولية، بما يساهم فى تمكين الدول النامية من تحقيق طموحاتها التنموية. وأشار رئيس الوزراء، خلال مشاركته فى مؤتمر إشبيلية، إلى أن مصر قدمت نموذجًا ناجحًا فى هذا المجال من خلال إطلاق منصة «نوفى « الوطنية فى عام 2022، والتى نجحت فى جذب استثمارات كبيرة لصالح مشروعات التحول الأخضر، لا سيما فى مجالات الطاقة والمياه والغذاء، موضحًا أن جزءًا كبيرًا من التمويل تم عبر أدوات التمويل المبتكر مثل اتفاقيات مبادلة الديون. «إمام»: سندات خضراء لعلاج خلل التمويل الدولى قالت د. هبة محمد إمام، استشارى وخبير بيئى، إن التمويل الأخضر هو توجيه الموارد المالية نحو مشروعات وأنشطة تساهم فى تحقيق الاستدامة البيئية، مثل مشروعات الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، وإدارة المخلفات، وحماية الموارد الطبيعية، أما السندات الخضراء فهى أدوات دين تصدرها الحكومات أو الشركات أو المؤسسات المالية من أجل جمع أموال مخصصة لمشروعات مواجهة لحماية البيئة والتغير المناخي. وأوضحت أنه فى الدول النامية، مصر أيضا، غالبًا ما تعانى من فجوة تمويلية كبيرة فيما يتعلق بتنفيذ التزاماتها أو طموحاتها فى العمل المناخي. المصادر التقليدية للتمويل، سواء من الموازنات العامة أو المساعدات الدولية المباشرة، لا تكفى لمواجهة التحديات المناخية الهائلة، خاصة مع المنافسة على الموارد المحدودة والضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، وهنا يظهر دور التمويل الأخضر والسندات الخضراء باعتبارهما حلين مبتكرين يمكن أن يساهما فى سد هذه الفجوة، فمن خلال إصدار السندات الخضراء، تستطيع الحكومات أو المؤسسات فى الدول النامية جذب رؤوس أموال من المستثمر العالمى والمحلى الراغبين فى دعم مشروعات صديقة للبيئة، دون الاعتماد بشكل كلى على المساعدات أو القروض التقليدية. وشددت على أن هذه الأدوات المالية تعزز من قدرة الدول النامية على تنفيذ مشروعاتها البيئية الطموحة، مثل مشروعات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو تطوير البنية التحتية المستدامة، بالإضافة لذلك، فإن التمويل الأخضر يحفز تبادل المعارف والخبرات، ويساعد فى بناء شراكات بين القطاعين الحكومى والخاص، ويعزز الشفافية والمساءلة، حيث تتطلب المشروعات الممولة عبر السندات الخضراء غالبًا تقارير دورية حول الأثر البيئى واستخدام الأموال، وهذا يرفع من كفاءة الإنفاق ويزيد من ثقة المستثمرين. وبينت أن مصر قد بدأت بالفعل فى دخول هذا المجال بإصدار أول سندات خضراء سيادية فى المنطقة، مما أعطاها دفعة قوية لجذب استثمارات أجنبية فى قطاعات صديقة للبيئة، وشجع مؤسسات محلية على تبنى سياسات تمويل مشابهة، وتعميم هذه التجربة وتوسيع قاعدة التمويل الأخضر يمكن أن يسهم بشكل ملموس فى معالجة الخلل الحالى فى تمويل مشروعات المناخ، ويمنح مصر والدول النامية الأخرى فرصة حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة مع الحد من المخاطر البيئية. وأوضحت أن التمويل الأخضر والسندات الخضراء ليسا فقط وسيلة لجمع الأموال، بل يمثلان نقلة نوعية فى التفكير الاقتصادى، حيث يصبح الحفاظ على البيئة جزءًا أساسيًا من معادلة التنمية، ويُفتح الباب أمام مشاركة أوسع من القطاع المحلى والدولى فى دعم قضايا المناخ. «مصطفى»: ضرورة ترشيد الاستيراد وجذب الاستثمارات أكد د. إبراهيم مصطفى، النائب السابق للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، أن أزمة التمويل الدولى والحصول عليه لدعم التنمية تتطلب من دولة مثل مصر العمل على ترشيد الاستيراد وجذب الاستثمار واستغلال ازمة الرسوم الجمركية الترامبية فى جذب استثمارات لمصر. وأشار إلى أهمية توفير الطاقة كعنصر حاسم، والحفظ على أسعار تنافسية له أمام القطاع الخاص، كما تأتى أهمية الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة الخضراء كأحد الحلول الهامة، والتى تتطلب أيضاً مواجهة بعض التحديات مثل رفع كفاءة الشبكة وطاقتها لاستيعاب الطاقات التى ستنتج مستقبلاً وكيفية استيعاب الشبكة لها وتسعيرها. وأضاف أن تحديات التمويل الدولى لا ترتبط فقط بالمؤسسات الدولية ولكن أيضاً بحركة رؤوس الأموال والتمويل من خلال السندات (الأموال الساخنة) فى ظل الوضع الاقتصادى العالمى، مع ارتفاع حجم ديون الدول والتوترات الجيوسياسية وأزمة الرسوم الجمركية والتى ترفع مخاطر التمويل.. وأوضح أن استمرار التوترات الجيوسياسية والصراع بين دول مثل أوكرانيا وروسيا وايران والحروب الإقليمية يصاحبه تأثيرات كبيرة على التمويل. . وكشف أن الحل الذكى لدولة مثل مصر يتمثل فى زيادة نصيبها فى الوقت الحالى من حجم التجارة العالمية باستقطاب دول مثل الصين وتركيا لزيادة الصادرات واستمرار العمل من أجل التصدير مما يساعد على توفير التمويلات اللازمة للتنمية. «محيى الدين»: حشد أدوات التمويل المبتكر تعزيز سندات التكيف والتأمين المناخى لزيادة التدفقات المالية دعا د. محمود محيى الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، والمكلف من أمين عام الأممالمتحدة برئاسة فريق الخبراء رفيعى المستوى لتقديم حلول لأزمة الدين العالمى، إلى ضرورة حشد المزيد من التمويل عبر أدوات التمويل المبتكر، بما فى ذلك التمويل المختلط، لتسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي. واقترح محيى الدين، تعزيز استخدام آليات تمويل مبتكرة مثل سندات التكيف والتأمين المناخى لزيادة التدفقات المالية، كما دعا إلى إصلاح شامل لهيكل الديون السيادية، بما فى ذلك إدراج بنود التكيف المناخى فى اتفاقيات إعادة الجدولة، لتخفيف الأعباء المالية على الدول المتضررة من الكوارث المناخية. وطالب بإصلاحات جوهرية فى نماذج عمل بنوك التنمية متعددة الأطراف ، لتعزيز فعاليتها فى تمويل التنمية المستدامة والعمل المناخى، مؤكدًا على ضرورة زيادة قدرتها الإقراضية وتحسين شروط التمويل لتكون أكثر مرونة واستجابة لاحتياجات الدول النامية. ودعا إلى التركيز على المشروعات ذات التأثير التنموى الشامل، والتى تساهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية والأهداف البيئية بشكل متوازٍ، محذرا من التداعيات السلبية لتزايد أعباء الديون فى الدول النامية وتراجع المساعدات الإنمائية الرسمية، مما يعيق قدرة هذه الدول على الاستثمار فى التعليم والصحة والبنية التحتية المستدامة. وشدد محيى الدين، على الحاجة الملحة لزيادة التمويل المخصص للتكيف مع تغير المناخ، خاصة فى الدول النامية الأكثر عرضة لتأثيراته موضحا أن الفجوة التمويلية فى هذا المجال لا تزال كبيرة، داعيًا إلى إعادة توجيه جزء أكبر من التمويل المناخى نحو مشروعات التكيف وبناء القدرة على الصمود، بدلًا من التركيز بشكل أحادى على إجراءات تخفيف الانبعاثات، كما دعا إلى استغلال التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة فى تحسين كفاءة استخدام الموارد، وتعزيز التكيف المناخى، وتطوير حلول مستدامة فى قطاعات حيوية مثل الزراعة والطاقة. وطالب بضرورة تعزيز التعاون الدولى والشراكات متعددة الأطراف كسبيل وحيد لمواجهة التحديات العالمية المعقدة، وتحقيق مستقبل مستدام وشامل للجميع. «التمويل الدولى»: 324 تريليون دولار ديونًا عالمية فى 2025 وفق تقرير معهد التمويل الدولى، فإن الديون العالمية زادت بنحو 7.5 تريليون دولار فى الربع الأول من عام 2025 لتصل إلى مستوى مرتفع غير مسبوق تجاوز 324 تريليون دولار. وجاءت دول الصين وفرنسا وألمانيا فى المراتب الأولى كأكبر المساهمين فى زيادة الدين العالمى، بينما انخفضت مستويات الدين فى كندا والإمارات وتركيا. وساهم الانخفاض الحاد لقيمة الدولار الأمريكى أمام عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين فى زيادة قيمة الدين بالدولار، لكن الارتفاع فى الربع الأول كان أكثر من أربعة أمثال متوسط الزيادة الفصلية البالغة 1.7 تريليون دولار التى رصدت منذ نهاية 2022، وظل مستوى تحرك نسبة الدين العالمى إلى الناتج بطيئا نحو الانخفاض، حيث سجلت ما يزيد قليلا على 325%، لكن النسبة للأسواق الناشئة، سجلت مستوى مرتفعاً غير مسبوق عند 245%. وارتفع إجمالى الديون فى الأسواق الناشئة بأكثر من 3.5 تريليون دولار فى الربع الأول من العام إلى مستوى غير مسبوق تجاوز 106 تريليونات دولار.. وقال المعهد، إن الصين استحوذت وحدها على أكثر من تريليونى دولار من هذا الارتفاع، وبلغت نسبة الدين الحكومى الصينى إلى الناتج المحلى الإجمالى 93% ومن المتوقع أن تبلغ 100% قبل نهاية العام. وسجلت القيم الأسمية لديون الأسواق الناشئة بخلاف الصين أيضاً رقماً غير مسبوق، إذ شهدت البرازيل والهند وبولندا أكبر زيادات فى قيمة ديونها بالدولار.. كما أن نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى فى الأسواق الناشئة بخلاف الصين انخفضت إلى أقل من 180%، أى أقل بنحو 15 نقطة مئوية من أعلى مستوياته على الإطلاق. كما تواجه الأسواق الناشئة رقما قياسيا يبلغ 7 تريليونات دولار لعمليات استرداد السندات والقروض فى الفترة المتبقية من 2025، وبلغ الرقم للاقتصادات المتقدمة نحو 19 تريليون دولار.. ويشهد الاقتصاد العالمى فترة ضبابية نتيجة السياسات التجارية الأمريكية وكذلك الحروب والتوترات الجيوسياسية وقد تكون هناك حاجة إلى أن تصبح السياسة المالية أكثر تكيفا، خاصة فى البلدان التى تربطها روابط تجارية قوية بالولايات المتحدة».. وهناك قلق أيضًا من مستويات الدين الأمريكى ومدى التأثير على عوائد السندات الأمريكية من احتياجات التمويل الكبيرة لأكبر اقتصاد فى العالم فى ظل سعيه لخفض الضرائب وأسعار الفائدة وهو امر لن يتحقق بسبب ارتفاع التضخم المترتب على فرض الرسوم الجمركية. بارقة أمل أممية للخروج من أزمة الديون العالمية بعد جهد استمر أكثر من عام أطلقت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، تقريراً جديداً خلال الأيام الماضية بعنوان مواجهة أزمة الديون: « 11 إجراءً لإطلاق التمويل المستدام» ، وهو التقرير الذى وضعته لجنة الخبراء التى شكلها الأمين العام للأمم المتحدة برئاسة الدكتور محمود محيى الدين مبعوث الأممالمتحدة للتنمية المستدامة ورئيس لجنة الخبراء وكان برفقة أمينة محمد لحظة إطلاق التقرير د. محمود محيى الدين وباولو جينتيلونى، بالإضافة إلى ريبيكا غرينسبان، رئيسة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). وقالت أمينة محمد: «الاقتراض أمر بالغ الأهمية للتنمية، لكنه حاليا لا يفيد العديد من البلدان النامية، فأكثر من ثلثى بلداننا منخفضة الدخل إما أنها تعانى من ضائقة ديون أو معرضة لخطرها». من جانبها، حذرت ريبيكاغرينسبان، من أن الأزمة تتسارع حيث يعيش أكثر من 3.4 مليار شخص الآن فى بلدان تنفق على مدفوعات الفوائد أكثر مما تنفقه على الصحة أو التعليم ، بزيادة 100 مليون شخص عن العام الماضي. وقد ارتفعت مدفوعات خدمة الديون من قبل البلدان النامية بمقدار 74 مليار دولار فى عام واحد، من 847 مليار دولار إلى 921 مليار دولار. بدوره، أوضح باولو جينتيلونى، أن «طبيعة هذه الأزمة ترتبط فى الغالب بزيادة تكاليف خدمة الديون، من الناحية العملية تضاعفت تكاليف خدمة الديون خلال السنوات العشر الماضية». التقرير، الذى أعده فريق خبراء الأمين العام المعنى بالديون، يعزز الالتزامات الواردة فى «التزام إشبيلية» وهو الوثيقة الختامية التى قدمت لمؤتمر إشبيلية.. ويحدد التقرير 11 إجراء قابلًا للتطبيق من الناحية الفنية ومجديًا من الناحية السياسية، حيث أوضح د. محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعنى بتمويل خطة التنمية المستدامة 2030 ، أن التوصيات تندرج تحت هدفين رئيسيين: توفير تخفيف مجد للديون ومنع الأزمات المستقبلية.. ويحدد التقرير ثلاثة مستويات للعمل على المستوى متعدد الأطراف: «إعادة تخصيص وتجديد الأموال لضخ السيولة فى النظام، مع دعم موجه للبلدان منخفضة الدخل، وعلى المستوى الدولى: إنشاء منصة للمقترضين والدائنين للتعامل مباشرة، وعلى المستوى الوطنى: تعزيز القدرة المؤسسية، وتحسين تنسيق السياسات، وإدارة أسعار الفائدة، وتعزيز إدارة المخاطر».