وضعت استقالتى مقابل تمكينهم من رئاسة الجامعة وعرش «الإفتاء» استشعرنا مخاطر أخونة الأزهر مبكرًا عندما سيطر الإخوان على الساحة السياسية بعد 2011 كانت خطة الإخوان هى الاستيلاء على المناصب الثلاثة: شيخ الأزهر، ورئاسة الجامعة، ودار الإفتاء، وأمام صلابة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وقدرته على الصمود، حصل الإخوان فى صراعهم معه على شئ واحد.. الهزيمة. خاض الأزهر الشريف معركة طويلة النفس، تحمل فيها الكثير من الضربات وأكثرها كان تحت الحزام لمنع سيطرة الإخوان على المشيخة والهيئات التابعة لها قبل أن تأتى ثورة 30 يونيو ليكون الأزهر أحد أعمدتها الأساسية وكلماتها القوية. لم تكن كلمة المعركة تعبيرًا مجازيًا عن المواجهات التى دخل فيها شيخ الأزهر د. أحمد الطيب للتصدى لمحاولات جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة على الأزهر طوال أكثر من عامين أثناء وجودهم فى مجلس الشعب أو فى الرئاسة، وهو الأمر الذى كشفه الإمام الأكبر، مشيرًا إلى أن مواجهة الأزهر مع جماعة الإخوان بدأت حتى قبل ثورة 25 يناير عندما كان هناك 88 نائبًا منهم فى مجلس الشعب عندما تم التعامل بحسم مع ما عُرف إعلاميًا بمليشيات الأزهر عندما كان الطيب رئيسًا لجامعة الأزهر. يقول شيخ الأزهر :» لقد استشعرنا مخاطر أخونة الأزهر مبكرًا عندما سيطر الإخوان على الساحة السياسية بعد الثورة وفى زمن المجلس العسكرى قررنا فورًا العمل على إصدار القانون 104 الخاص بأسلوب تعيين شيخ الأزهر بأن يكون بالانتخاب من بين هيئة كبار العلماء ويتم تقديم ثلاثة أسماء الى رئيس الجمهورية لاختيار أحدهم تفاديًا لاختيار الإخوان أحد أعضائهم شيخًا للأزهر، خاصة أنهم كانوا يعدون لذلك.. تم تمرير القانون ووافق عليه المجلس العسكرى قبل يوم واحد من انعقاد مجلس الشعب، الذى سيطر عليه الإخوان وعندما احتج المجلس بعد ذلك أكدت لهم أن استقالتى فى جيبى وعليهم أن يتحملوا عواقب ذلك داخليًا وخارجيًا.. وعندما حان وقت تعيين ثلاثة نواب لجامعة الأزهر أرسلت الى رئاسة الجمهورية فى عهد محمد مرسى بأسماء المرشحين للمنصب ولم تستجب الرئاسة لمدة شهرين، وعندما استفسرت عن ذلك خاصة أن التعيين تم فى الجامعات الأخرى لم يردوا، وظل الحال على ما هو عليه طوال ثمانية أشهر وأظهرت استقالتى وتكلمت مع المسئولين فى الرئاسة.. وبدأت ضغوط لتغيير الأسماء والقبول بمرشحيهم فرفضت ذلك تمامًا.. وكانت معركة عندما نجحنا فى عدم وصول أى نائب منهم لرئاسة الجامعة، وهو الأمر الذى تكرر مع انتخاب المفتى فقد تقدم للمنصب الدكتور شوقى علام ومرشح آخر لهم، فحصل الدكتور شوقى على 22 صوتًا ومرشحهم على صوت واحد، وأعلنت النتيجة قبل إرسالها إلى رئاسة الجمهورية لاعتمادها وإصدار قرار بتعيين الدكتور شوقى علام كمفتى للجمهورية.. وأنقذنا دار الإفتاء من وجود أحد عناصرهم وكان جاهزًا للمنصب». ويوضح شيخ الأزهر: أن المواجهات مع الإخوان بدأت مبكرًا.. ومنذ اليوم الأول لانتخاب د. محمد مرسى حيث يقول: « وفى جامعة القاهرة عندما انسحبت من الاحتفال ولم أحضره حفاظًا على هيبة وكرامة مشيخة الأزهر كما لم أشارك فى احتفالاتٍ كثيرة تمت دعوتى لها ومنها الاحتفال بالسادس من أكتوبر الذى شارك فيه قتلة الرئيس أنور السادات.» وكانت من أخطر محطات محاولات الإخوان الإطاحة بشيخ الأزهر د. أحمد الطيب عندما استغلوا حادث إصابة عددٍ من الطلاب بالمدينة الجامعية بالتسمم بعد تناولهم وجبة العشاء فى أول شهر أبريل من عام 2013، حيث حشد الإخوان طلاب الجماعة الذين استغلوا غضب زملائهم ليقطعوا الطرق وليقتحموا مقر المشيخة بعد تحطيم بوابتها، وكانت المطالبة عندما تسلق رئيس اتحاد الطلاب الإخوانى أحمد عبد الرحمن على أكتاف زملائه بسقوط شيخ الأزهر.. وليس حتى إقالة المسئول عن التغذية أو مدير المدينة الجامعية ولا حتى رئيس الجامعة.. وإنما شيخ الأزهر، ليتضح هدفهم جليًا منذ البداية وهو إسقاط الشيخ «الطيب» لأنه فى نظرهم السد الذى يمنع سيطرتهم على المؤسسة العريقة.. ولأنهم لم ينسوا له مواقفه السابقة لتحجيم وجودهم ومنع تغولهم. ويقول شيخ الأزهر: إنه «أيد إجراء انتخابات رئاسية مبكرة عملًا بالقاعدة الشرعية التى تقول بارتكاب أخف الضررين.. مصر الآن أمام أمرين أحلاهما مر.. وأشد الأمرين مرارة هو صدام الشعب المصرى وسيلان دمه الزكى على الرقاب.. ولذلك وعملًا بقانون الشرع الإسلامى القائل: «إن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى وخروجًا من هذا المأزق السياسى الذى وقع فيه شعب مصر بين مؤيدٍ للنظام ومعارض له وكل متمسك برأيه لا يتزحزح عنه لذلك أيدت الرأى الذى انتهى.. ومصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار.. أرجو أن يصلح الله بهذا الرأى بين فئتين متخاصمتين متعايشتين على أرض واحدة ويشربان من نيل واحد».