يروج المحللون بأن ترامب سوف يمارس ضغوطًا على نتانياهو حينما يذهب إليه ويلتقيه بالبيت الأبيض لكى يقبل بتقديم تنازلات بخصوص وقف الحرب فى غزة إنقاذ أهل غزة مرهون الآن بإنقاذ نتانياهو من السجن.. ومن فعل ذلك الأمريكان.. فقد تبين أن مطالبة ترامب الإسرائيليين بالعفو عن نتانياهو ووقف محاكمته فى قضايا فساد ليس مجرد تعاطف شخصى من سيد البيت الأبيض لرئيس الحكومة الإسرائيلية الذى أطاعه تمامًا فى الحرب على إيران ووقف هذه الحرب أيضًا.. وإنما مبعوث ترامب ويتكوف وهو يسعى لإقناع نتانياهو بصفقة جديدة للهدنة فى غزة عرض عليه المقابل المساعدة فى العفو عنه ووقف محاكمته!.. وبذلك صار إنقاذ أهل غزة من المقتلة المنصوبة لهم والمجاعة المفروضة عليهم مرهون لإنقاذ نتانياهو من السجن الذى ينتظره إذا تمت إدانته كما هو متوقع فى اتهامات الفساد الموجهة له!. غير أن المشكلة التى تواجه البيت الأبيض فى إنجاز هذه المراهنة هى أن المعارضة فى إسرائيل تشترط للعفو عن نتانياهو والتوقف عن محاكمته أن يتم إبعاده عن الساحة السياسية الإسرائيلية لنحو سبع سنوات، وهذا يعنى إنهاء المستقبل السياسى له، وهذا ما لا يرضى نتانياهو الذى مكث فى الحكم أطول من أى رئيس وزراء إسرائيلى بمن فيهم مؤسس إسرائيل ذاته!. ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية تحاول مع القوى الإسرائيلية المختلفة لتقديم هذه الهدية الكبيرة لنتانياهو حتى يوافق على صفقة جديدة مع حماس بشّرَ بها ترامب بالفعل مبكرًا يتم بها الإفراج عن نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء فى غزة، مقابل وقفٍ لإطلاق النار لنحو الشهرين وتؤدى لدخول المساعدات لأهالى غزة. وإذا كان نتانياهو قد وافق على عرض ويتكوف من قبل بدون الحصول على هدايا أمريكية تتعلق بمستقبله وتحفظت حماس على بعض البنود فيها، فإن تقديم هدية الآن لنتانياهو تتعلق بمصيره ومستقبله لابد أن يكون مقترنًا بتقديمه بعض التنازلات، خاصة أن حماس تريد الحصول على ضمانات أمريكية تقضى بأن يفضى الوقف المؤقت لإطلاق النار لوقف مستدام. ويروج المحللون بأن ترامب سوف يمارس ضغوطًا على نتانياهو حينما يذهب إليه ويلتقيه بالبيت الأبيض لكى يقبل بتقديم تنازلات بخصوص وقف الحرب فى غزة ويبررون ذلك بأن ترامب يريد تبريد المنطقة الساخنة ليتفرغ لعلاج المشاكل الداخلية الناجمة عن السياسات الاقتصادية التى ينتهجها، فضلًا عن أنه يتطلع للفوز بجائزة نوبل للسلام.. لكن فى الحقيقة ترامب ليس بحاجة لممارسة ضغوط على نتانياهو أو إغرائه لإنقاذه من السجن وإنما هو فى مقدوره أن يأمره وهو سوف ينفذ، كما فعل حينما أمره لإعادة طائراته وهى منطلقة فى الجو تبغى ضرب مواقع إيرانية لوقف إطلاق النار الذى بادر بإعلانه شخصيًا بين إسرائيل وإيران، وقد نفذ نتانياهو الأوامر على الفور وتم تنفيذ وقف إطلاق النار!. لذلك ترامب ليس بحاجة للقاء نتانياهو لإقناعه بوقف الحرب ضد أهل غزة مثلما هو يمكنه إقناع الإسرائيليين بقبول العفو عن نتانياهو ووقف محاكمته فى قضايا الفساد والتى سوف يضاف إليها قضايا توريط إسرائيل فى حرب مع إيران وهدد حياة المحتجزين فى غزة.. وهذا يعنى أن الرئيس الأمريكى يقدم هدية كبيرة لنتانياهو بلا مقابل وبمبادرة شخصية منه.. أما ربط ذلك بموافقته على صفقة الهدنة مع حماس فهو لإقناع الإسرائيليين بالعفو عنه.. ويعزز ذلك أن نتانياهو وافق من قبل على الوقف المؤقت لإطلاق النار الذى يمتد لعامين، كما أن قوات الاحتلال أعلنت أنها استنفدت أهدافها فى قطاع غزة، أى أنها دمرته بالكامل ولم يعد فيه ما تدمره الآن!. لذلك لا يصح رهن حياة مليونى فلسطينى يعيشون مقتلة جماعية ومجاعة شرسة بمستقبل مجرم حرب قتل نحو ستين ألفًا من أهل غزة فى أقل من عامين.