ستظل ثورة 30 يونيو، هذه الثورة الشعبية، هى الحدث الأهم والأعظم فى تاريخ مصر الحديث.. فهى حدث مفصلى أعاد ضبط المسار السياسى فى البلاد. لم يكن خروج الشعب فى هذا اليوم وفقًا لحسابات سياسية دقيقة، بل لشعوره بالاختناق والخوف على هويته ومعشيته، وهو ما يجعلنا نتوقف عند لحظة الوعى الجمعى التى دفعت المصريين فى الريف والحضر للتخلى عن صمتهم وسكونهم والتحرك الفعلى للتغيير. 30 يونيو يوم له دلالاته الرمزية والسياسية، فهو لم يكن يومًا لرفض حكم الجماعة ومحاسبتها فقط بل لاستعادة الثقة بالنفس، بعد عام من التهميش والتخويف، عام شهد تهديدًا لهوية الدولة المدنية، ومحاولات للتمكين السريع، وتراجعًا فى الخدمات والأمن، وانهيار الثقة فى المؤسسات. فبدأت الدعوات للخروج، وتوافد ملايين المواطنين للشوارع والميادين.. حيث استدعى المتظاهرون «الشرعية الشعبية»، باعتبار أن التفويض الشعبى لا يمنح مرة واحدة، بل من حق الشعب إن يراقب ويحاسب.. وهو ما يؤكد أن الشرعية السياسية ليست مطلقة تمنح بالانتخابات، إنما تظل رهن الموافقة والرضا الدائم للشارع. 30 يونيو رسالة قوية بأن الشعب صاحب الكلمة الأخيرة، وأن سنة كانت كافية للحكم على تجربة الجماعة بأنها تهدد الدولة المدنية والاستقرار، وتغلق المجال العام.. 30 يونيو رمز للمحاسبة الشعبية، واسترداد الشرعية.. نقطة تحول بين الرضا والرفض.. ولذلك جاءت تعبيرًا عن وعى المواطن، الذى لم ينتظر التغيير من نخب سياسية تقليدية، بل بادر بنفسه إلى التغيير، وهو ما جعل المواطن يشعر أنه قادر على صناعة مصيره لا مجرد التفاعل معه. 30 يونيو لم تكن مجرد ثورة سياسية، بل هزة اجتماعية عميقة، أعادت تعريف مفاهيم الشرعية، والهوية الوطنية، وحدود التحمل الشعبى، وستظل علامة فارقة فى التاريخ الحديث ، خاصة وأن الجيش انحاز للشعب ودعم شرعيته، وهو ما قوبل بترحيب واسع من الشعب. ستظل 30 يونيو دستوراً يؤكد أن شرعية الشارع تعلو شرعية الصندوق، وأن الشعب يستطيع تغيير مصيره لا الاستسلام له.