هل سبق واستيقظت من حلم غريب أو مزعج بعد تناول وجبة خفيفة من الجبن أو الزبادي قبل النوم؟ قد لا تكون هذه مصادفة. دراسة نفسية حديثة نُشرت في مجلة Frontiers in Psychology، ألقى باحثون كنديون الضوء على علاقة محتملة بين منتجات الألبان والكوابيس، مشيرين إلى أن هذه الأطعمة قد تؤثر فعليًا على طبيعة الأحلام، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز. فهل أصبح من الضروري إعادة النظر فيما نتناوله قبل النوم؟ هل تناول الجبن قبل النوم يسبب الكوابيس؟.. دراسة حديثة تحسم الجدل دراسة نفسية موسعة تكشف الرابط أجرى باحثون في علم النفس بجامعة ماك إيوان الكندية دراسة استمرت أربعة أشهر، وشملت 1082 طالبًا، بهدف استكشاف العلاقة بين العادات الغذائية قبل النوم وجودة النوم، مع التركيز على طبيعة الأحلام والكوابيس. وقد نُشرت نتائج الدراسة في عدد يوليو 2025 من مجلة Frontiers in Psychology العلمية المحكمة. نتائج مفاجئة الجبن والكوابيس أفاد حوالي 40% من المشاركين بأن نظامهم الغذائي يؤثر على نومهم، وقال 24.7% إن التأثير سلبي، فيما أقر 5.5% بأن ما يأكلونه ينعكس على طبيعة أحلامهم. وأشار المشاركون تحديدًا إلى أن الحلويات ومنتجات الألبان كانت أكثر الأطعمة تسببًا في أحلام "غريبة" أو "مزعجة" بنسبة 29.8% و20.6% على التوالي. ماذا عن الأغذية التي تحسن النوم؟ في المقابل، وُصفت الفواكه (17.6%) والخضروات (11.8%) وشاي الأعشاب (13.4%) بأنها تساعد في الحصول على نوم أكثر هدوءًا واستقرارًا. عدم تحمل اللاكتوز في صلب المشكلة ربط الباحثون بين كوابيس الليل وعدم تحمل اللاكتوز، وهي حالة تتسبب في ظهور أعراض هضمية مثل الانتفاخ والتقلصات بعد تناول الحليب أو منتجاته. يقول الدكتور توري نيلسن، المتخصص في علم الأحلام والأعصاب بجامعة مونتريال والمعدّ الرئيسي للدراسة: "كثيرون ممن يعانون من عدم تحمل اللاكتوز لا يدركون ذلك، ويواصلون تناول الألبان، فيشعرون أثناء النوم، ولو لا شعوريًا، بإشارات جسدية مزعجة تؤثر على طبيعة الأحلام". مثال من الحلم إلى الواقع يشير الباحث إلى أن "رؤية حريق في الحلم قد تسبق الإصابة بالحمى في اليقظة"، في محاولة لتفسير كيف تنعكس الاضطرابات الجسدية في أحلامنا. المشاعر السلبية في اليقظة تنتقل إلى النوم يرى فريق البحث أن القلق والانزعاج الناتجين عن أعراض الجهاز الهضمي يمكن أن يتحولا إلى مشاعر سلبية داخل الحلم، وهو ما قد يفسر لماذا ترتبط بعض الأطعمة بأحلام مزعجة أو كوابيس. وماذا عن الجلوتين؟ لم تجد الدراسة علاقة واضحة بين عدم تحمل الجلوتين والكوابيس، لكن الباحثين يعزون ذلك إلى محدودية عدد المشاركين الذين يعانون من هذه الحالة أو لاختلاف تأثير الغلوتين الفسيولوجي والنفسي عن اللاكتوز. ** هل الأطعمة المزعجة سبب الكوابيس؟ أم العكس؟ تطرح الدراسة تساؤلًا فلسفيًا: هل النوم السيئ ناتج عن تناول طعام غير مناسب؟ أم أن النوم المتقطع يدفعنا لاختيار طعام غير صحي؟ ربما هناك عامل ثالث خفي يؤثر في كليهما، ولا يزال بحاجة إلى استكشاف أعمق. ** التجربة القادمة: دراسة أكثر دقة يخطط فريق البحث لتنفيذ "تجربة مثالية" يتم فيها تقسيم المشاركين إلى مجموعات: إحداها تتناول منتجات ألبان عادية قبل النوم، وأخرى تتناول ألبان خالية من اللاكتوز،ثم يتم تحليل أحلام كل مجموعة بدقة لتحديد ما إذا كانت الكوابيس مرتبطة فعليًا بعدم تحمل اللاكتوز. ** توصيات مبدئية: حتى تُحسم المسألة علميًا، يمكن اتباع بعض النصائح لتقليل احتمالية الأحلام المزعجة: تجنّب تناول منتجات الألبان مساءً، خصوصًا إذا كانت تسبب اضطرابات هضمية. اختيار عشاء خفيف وغني بالخضار وشاي الأعشاب لتهدئة الجهاز العصبي. مراقبة تكرار الأحلام المزعجة ومحاولة الربط بينها وبين ما تم تناوله قبل النوم. قد لا يكون الجبن "شيطان الأحلام" كما يصوره البعض، لكن بالنسبة لمن يعانون من عدم تحمل اللاكتوز، قد يتحول إلى وقود لكوابيس مزعجة دون أن يدركوا. الدراسة المنشورة في Frontiers in Psychology تفتح الباب لفهم أعمق للعلاقة بين الغذاء والحلم، وتؤكد أن ما نأكله قد يسكن عقولنا حتى أثناء النوم.