12 عاما مرت على ثورة 30 يونيو التي غيرت وجه الحياة في مصر، على يد قائد عظيم لم ينجب التاريخ مثله، تمكن من تحويل مسار دولة كانت على وشك السقوط في فخ جماعة إرهابية تريد أن تعود بها إلى عصور الظلام، إلى دولة قوية صاحبة نفوذ وكلمة مسموعة في العالم. قبل 12 عاما كانت مصر على مفترق طرق بعد سنوات عصيبة أرهقت بنيتها ووهنت قواها الاقتصادية، حيث بنية تحتية شاخت، اختناقات مرورية خانقة، وأزمة طاقة أظلمت البيوت والمصانع، واقتصاد يعاني من العجز. في هذا المنعطف الحاسم، حمل الرئيس عبد الفتاح السيسي مشعل رؤية جديدة، لم تكن مجرد أحلام على ورق، بل تحولت إلى واقع ملموس يُغير وجه الحياة في مصر حجراً حجراً، وطريقاً طريقاً، لتنطلق رحلة البناء بوتيرة لم تشهدها مصر من قبل، كأن الأرض نفسها انتفضت لتواكب الإرادة الحديدية. تخيل معي تلك الصحراء القاحلة التي امتدت عبر العصور، فإذا بها تشهد ولادة مدنٍ كاملة من العدم حيث العاصمة الإدارية الجديدة، هذا الصرح العملاق، الذي لم يعد مجرد خريطة أو تصور معماري، بل حقيقة تقف شامخة، برجها يلامس السماء كأطول بناء في أفريقيا، وشوارعها الواسعة ومرافقها المتطورة وهي تروي قصة مصر المستقبل، بجانب مدن أخرى كالعلمين الجديدة والجلالة والمنصورة الجديدة وغرب الإسكندرية وشرق بورسعيد. وفي قلب هذا التحول العمراني، كانت ثورة المواصلات تُنسج خيوطها الذهبية، حيث شبكة طرق وكباري وأنفاق عملاقة، مثل محور روض الفرج وكوبري الجيش والطريق الدائري الأوسطي وقطامية – العين السخنة، شرايين جديدة تُضخ الحياة في جسد مصر. الاختناقات المرورية التي كانت تسرق ساعات من أعمار المصريين بدأت في الانحسار، والمسافات التي كانت تُقاس بساعات من التعب باتت تُقطع في دقائق. أما الموانئ الحديثة في الدخيلة والسخنة وشرق بورسعيد والإسكندرية، فقد جعلت من مصر محوراً لوجستياً يربط الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب، حتى القطارات القديمة ومترو الأنفاق، حظيت باهتمام يليق بدورها الحيوي، فدخلت عرباتٌ جديدة الخدمة، وامتدت الخطوط لتصل إلى أماكن كانت بعيدة المنال. ويقف التاريخ عاجزا أمام وصف مشروع قناة السويس الجديدة، الذي أنجز في وقتٍ قياسي يُاكي أساطير البناء القديمة، لم يكن مجرد حفرٍ وتوسيع، بل رسالة قوية للعالم بأن مصر قادرة، ما عزز مكانة مصر كممر ملاحي لا غنى عنه، وبدأت المنطقة الاقتصادية الملحقة بها تجذب الصناعات والاستثمارات كالنحل إلى الزهر. أما ظلام أزمة الكهرباء، فقد تبدد بفضل إرادةٍ لا تعرف المستحيل. محطات توليد عملاقة في بني سويف والعاصمة الإدارية والبرلس، مزودة بأحدث التقنيات، حولت مصر من دولة تعاني العجز إلى دولة فائضة في الإنتاج، ولم يقف الطموح عند هذا الحد، فالصحراء الغربية شهدت ميلاد "بنبان"، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم وقت إنشائه، يلتقط أشعة شمس مصر لتحويلها إلى طاقة نظيفة، بينما رياح جبل الزيت تدور لتولد طاقةً خضراءً تُنعش المستقبل وتجذب الاستثمارات العالمية. اتخذت القيادة قرارات إصلاحية شجاعة، وإن كانت مؤلمة في حينها، لكنها كانت ضرورية لاستعادة التوازن، فتحرير سعر الصرف، رغم صعوبته، أعاد الثقة في الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية، بالتوازي مع الإصلاحات الضريبية التي سعت لتحقيق العدالة والشفافية، وقانون الاستثمار الجديد، بتبسيط الإجراءات وتوفير نافذة موحدة، وكأنه يبعث برسالة ترحيب للمستثمرين، بينما واجه برنامج الإصلاح الهيكلي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، التحديات ، ليعيد الاستقرار الكلي ويراكم الاحتياطيات ويقلص العجز. ثمار هذا الجهد المتواصل بدأت تُجنى، حتى وسط عواصف عالمية هوجاء كجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، وحرب إسرائيل على غزة، حيث حافظ الاقتصاد المصري على نمو إيجابي متفوقٍ على كثير من نظرائه، وارتفع الاحتياطي النقدي ليُوفر هامش أمان، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في قطاعات الطاقة والصناعة، وازدادت الصادرات غير البترولية تنوعاً وقوة. إن نظرة سريعة على التصنيفات الائتمانية الدولية تثبت تحسن مسار مصر، والأهم من الأرقام، هو الأثر الإنساني حيث مبادرة "حياة كريمة" العملاقة، التي تمس حياة أكثر من نصف سكان مصر في الريف، تعمل على تغيير وجه الريف المصري، بتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والمرافق الأساسية التي تليق بكرامة الإنسان. إن المتأمل في مسيرة مصر بعد 30 يونيو، تحت قيادة الرئيس السيسي، يرى بوضوح أسس قوةٍ اقتصاديةٍ جديدة تُبنى بعزم لا يلين.. إنها قصة مصر العبور من رحم التحدي إلى فضاء البناء والتطلع لمستقبلٍ يليق بتاريخها العريق، بثقة وإصرار، نحو غد أكثر إشراقاً وازدهاراً لكل المصريين. شكرا سيادة الرئيس .. وكل عام وأنتم بخير