بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    بسبب تعطل الاتصالات.. زيادة حد السحب اليومي من البنوك ل500 ألف جنيه    وزير البترول يستقبل أعضاء لجنة التعدين بغرفة التجارة الأمريكية    إيران: لم نطلب عقد أي لقاء مع مسئولين أمريكيين بشأن النووي    بن غفير وسموتريتش يحرضان على سحق غزة: الحصار الشامل وتشجيع الهجرة والاستيطان هما مفتاحي النصر الكامل    الاتحاد الأوروبي بصدد منح الضوء الأخضر النهائي لانضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو العام المقبل    الأمم المتحدة تعرب عن تضامنها مع المتضررين من فيضانات ولاية تكساس الأمريكية    مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الرياضة    التحقيق مع عنصر جنائى حاول غسل17 مليون جنيه حصيلة تجارة أسلحة نارية    مصرع شاب بلدغة ثعبان أثناء عمله في أرض زراعية بالغربية    فويس باند تغني بقصر الأمير طاز الخميس المقبل    قصور الثقافة تطلق ملتقى العرائس التقليدية في دورته الأولى بالقليوبية الخميس    مدير حدائق الفسطاط: 75% نسبة المساحات الخضراء في المشروع    أميرة صابر تتقدم باستقالتها من عضوية النواب للترشح في انتخابات الشيوخ    المصرية للاتصالات تنعي شهداء سنترال رمسيس    حبس سائق الشرقية المتسبب في مصرع طالبة كلية التجارة وإصابة 11 عاملة يومية.. والنيابة تطلب تحليل مخدرات    ننشر صورتي ضحيتي غرق سيارة سقطت من معدية نهر النيل بقنا    تسجل 44 درجة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم والأيام المقبلة    استمرار تلقي طلبات الترشيح في انتخابات مجلس الشيوخ بشمال سيناء    بشير التابعي ينتقد صفقات الزمالك: "مش هنرجع ننافس بالأسماء دي"    الكشف عن سبب غياب "شريف والمهدي سليمان" عن تدريب الزمالك الأول    بعد حريق سنترال رمسيس.. تامر حسني يثير الجدل وكلمة السر «ريستارت» | فيديو    جامعة طنطا تكرم فريق اعتماد مستشفى الجراحات الجديدة    بعد رفض الانضباط.. هل تحسم إدارة شئون اللاعبين أزمة زيزو؟    استشهاد 13 فلسطينيا فى قصف إسرائيلى استهدف منازل ومراكز إيواء فى غزة    وزيرا الكهرباء وقطاع الأعمال يبحثان الاعتماد على الطاقات المتجددة بالصناعات    حريق سنترال رمسيس يؤثر على خدمات الاتصالات.. عمرو طلعت: عودة الخدمة تدريجيا خلال 24 ساعة.. تعويض المستخدمين من تأثر الخدمة.. وخدمات "النجدة" و"الإسعاف" و"الخبز" بالمحافظات لم تتأثر بالحادث    الداخلية تضبط 10 قضايا جلب مواد مخدرة    طريقة عمل الكشري المصري بمذاق لا يقاوم    وول ستريت جورنال: تقلبات واسعة في العملات الآسيوية بعد تهديدات ترامب الجمركية    منة بدر تيسير ل أحمد السقا: «تعامل بشيم الرجال.. وربنا رد على اللي ظلم»    التنسيقية تشارك في الاجتماع الثاني للقائمة الوطنية من أجل مصر لانتخابات الشيوخ    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    ريبيرو يحسم مصير رباعي الأهلي    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    معلق مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    رغم غيابه عن الجنازة، وعد كريستيانو رونالدو لزوجة ديوجو جوتا    اتحاد بنوك مصر: البنوك ستعمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء رغم التأثر بحريق سنترال رمسيس    وفاء عامر تتصدر تريند جوجل بعد تعليقها على صور عادل إمام وعبلة كامل: "المحبة الحقيقية لا تُشترى"    «غفران» تكشف التفاصيل.. كيف استعدت سلوى محمد على لدور أم مسعد ب«فات الميعاد»؟    من البيت.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (الرسوم والأوراق المطلوبة)    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام    التعليم العالي يوافق على إنشاء جامعة العريش التكنولوجية.. التفاصيل الكاملة    5 وظائف جديدة في البنك المركزي .. التفاصيل والشروط وآخر موعد ورابط التقديم    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    مفاجآت غير سارة في العمل.. حظ برج الدلو اليوم 8 يوليو    المجلس الوطني الفلسطيني: هدم الاحتلال للمنازل في طولكرم جريمة تطهير عرقي    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    الدكتورة لمياء عبد القادر مديرًا لمستشفى 6 أكتوبر المركزي (تفاصيل)    لعلاج الألم وتخفيف الالتهاب.. أهم الأطعمة المفيدة لمرضى التهاب المفاصل    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن - تل أبيب - طهران |واشنطن.. جدل حول نجاح الضربة بين ترامب والكونجرس
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 28 - 06 - 2025

بقلم : منى العزب - مروى حسن حسين - سميحة شتا - محمد نعيم - محمد جمال الزهيرى
الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان إعلان الرئيس الأمريكى ترامب فجر الثلاثاء الماضى وقف العمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل نهاية مرحلة غير مسبوقة من التوتر الذى ساد منطقة الشرق الأوسط والعالم ؟ أم أنها هدنة مؤقتة ؟ أو ( استراحة محارب) خاصة أنه أصبح طرفًا فى الصراع عندما أمر بضرب البرنامج النووى الإيرانى فقد انتهت العمليات العسكرية ولكن لم تتوقف عمليات التحريض ضد النظام الإيرانى والتهديد بإسقاطه ولم تتوقف التهديدات باستئناف الهجمات من طرفى النزاع واشنطن وتل أبيب على لسان كبار المسؤولين ترامب ونتنياهو خاصة بعد أن ظهرت على الساحة تشكيكات فى جدوى الضربات الأمريكية والإسرائيلية من جهات عديدة فى البلدين بينما تبدو إيران صامدة فى مواجهة الضغوط ورغم تردد التصريحات الخاصة بالعودة من جديد إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بواسطة قطرية فإن حرب ال 12 يومًا خلقت واقعًا جديدًا يجعل من الصعب العودة من نقطة الصفر خاصة بعد ارتفاع سقف المطالب الإيرانية والتلويح بمواقف جديدة ومن ذلك الانسحاب من اتفاقية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ووقف التعاون مع اللجنة بعد مواقفها السلبية تجاه كل ما يحدث وإعلان طهران إعادة تقييم كل ما حدث فى الجولات الخمس السابقة. وهذه محاولة للاقتراب بالتفاصيل من كل تلك الملفات مع رصد حقيقة مهمة أثارت استغراب الأوساط السياسية وهى غياب كل من الصين وروسيا عن الدعم الحقيقى لإيران رغم اتفاقيات التعاون الاستراتيجى مع طهران.
يطغى الجدل حول قوة الضربة التى قامت بها القوات الأمريكية للمواقع النووية بإيران على التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض وعن أعضاء الكونجرس خاصة المنتمين منهم للحزب الديمقراطي.
وأدت حالة الجدل إلى تراشق التصريحات بين الطرفين ففى حين يؤكد ترامب أن الضربات أتت على البرنامج النووى الإيرانى بالكامل، يرى فريق من أعضاء الكونجرس أن الضربات لم تؤد إلى القضاء على البرنامج النووى الإيراني، وطالبوا بإجابات على الأسئلة التى ثارت منذ اندلاع الأزمة بين إيران وإسرائيل، ومشاركة القوات الأمريكية فى الضربات، والتى وصفها الديمقراطيون وبعض الجمهوريين بغير الدستورية.
ثم جاءت التسريبات حول التقارير الاستخباراتية التى أشارت إلى ضعف الضرر الذى لحق بالبرنامج النووى لتزيد من غضب الديمقراطيين، الذين اتهموا البيت الأبيض بمحاولة إخفاء معلومات عنهم وعن الأمريكيين.
وقال السيناتور الديمقراطى كريس مرفي، الذى شارك التقارير الاستخباراتية على حسابه على منصة «إكس»، إن الضربات الأمريكية التى كلفت دافع الضرائب الأمريكى الملايين من الدولارات، ووضعت العالم على حافة حرب إقليمية وقربت من إيران وروسيا، هى على ما يبدو فشلاً ذريعاً، وأن ترامب يسعى الآن جاهداً لإخفاء هذه المعلومات عن الشعب.
و تساءل حكيم جيفريز زعيم الديمقراطيين فى مجلس النواب، عن سبب إلغاء الإحاطة بمجلس النواب قائلا: «مم يختبئون؟ لماذا جرى تأجيل الإحاطة؟ ولماذا تلعب إدارة ترامب ألعابا سياسية فى مسائل الحرب والسلام التى تتعلق مباشرة بأمن الشعب الأمريكى وسلامته؟».
كما قال زعيم الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ، تشاك شومر: مم يخافون؟ ولماذا لا يشاركون الكونجرس التفاصيل الحساسة؟ مطالبا بالحديث مع رئيس هيئة الأركان المشتركة دان كاين، لافتا إلى أنه يعلم تفاصيل العمليات العسكرية الآن، وفى المستقبل أكثر من أى شخص آخر.
وقال كبير الديمقراطيين فى لجنة القوات المسلحة آدم سميث، ونظراؤه فى لجنتى العلاقات الخارجية والاستخبارات: نستطيع التكهن فقط حول أسباب إلغاء الإدارة للإحاطة، لكن من المؤكد أنهم خائفون من الإجابة عن أسئلة بخصوص سياستهم، وادعاءات الرئيس بأن الضربات قضت على برنامج إيران النووي.
إلا أن ترامب تلقى دعما جمهوريا من رئيس مجلس النواب مايك جونسون الذى قال إن الإحاطة لم يتم إلغاؤها، بل تأجيلها، كى يتمكن المسئولون فى الإدارة من الإجابة عن أسئلة المشرعين.
كما تكاتف الجمهوريون وراء الإدارة كعادتهم فى كل الحروب التى حدثت خلال الإدارات السابقة ودعموا الضربات واستراتيجية الرئيس الأمريكي، وتزايد هذا الدعم بعد استطلاعات رأى أظهرت تأييداً كبيراً للجمهوريين بشكل عام ومن مناصرى ترامب (MAGA) بشكل خاص للضربات الأمريكية على إيران.
وأشار استطلاع لشبكة «سى بى إس» إلى أن 85 % من الجمهوريين و94 % من «ماجا» يؤيدون الضربات. وهو ما جاء مفاجئاً، خاصة أن قادة هذا المعسكر من الحزب انتقدوا المشاركة الأمريكية بشكل علني، وعلى رأسهم الجمهورية مارجورى تايلور جرين التى دعت ترامب إلى الالتزام بسياسة «أمريكا أولاً».
وفى مواجهة الهجوم من نواب الكونجرس سارع البيت الأبيض لتبرئة ساحة الرئيس متهما المرشد الإيرانى على خامنئى بمحاولة حفظ ماء وجهه، بعد أن قلل من تأثير الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية.
وقالت المتحدثة بإسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفذ ضربات أدت إلى تدمير البرنامج النووى الإيراني، مستهدفة منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، وشددت على عدم وجود أى مؤشرات تدل على نقل يورانيوم مخصب من تلك المواقع.
وأشارت إلى أن تقييمات أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والأمم المتحدة، إضافة إلى التصريحات الإيرانية نفسها، تتفق على أن المنشآت النووية الإيرانية قد دمرت بالكامل.
وأكدت أن العالم أصبح أكثر أماناً بعد الضربات الأمريكية، مؤكدة أن الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أقوى من أى وقت مضى. وأضافت: نتطلع إلى سلام طويل الأمد، ومرحلة جديدة قد تنضم فيها دول إضافية إلى اتفاقيات إبراهيم، مشيرة إلى أن الرئيس يسعى لتحقيق ذلك عبر الحلول الدبلوماسية، لكنه لا يخشى استخدام القوة إذا لزم الأمر.
وقللت ليفيت من أهمية التقرير الاستخباراتى المسرب بشأن الضربات على إيران، مؤكدة أن مكتب التحقيقات الفيدرالى يجرى تحقيقاً لمعرفة الجهة المسئولة عن التسريب.
واستشهدت بما قاله مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف من أن «الشخص الذى سرب معلومات استخباراتية أمريكية بشأن الضربات فى إيران ارتكب خيانة ويجب أن يعاقب».
وأعلن الرئيس ترامب فخره بما حققته الضربة الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية وأرجع لنفسه الفضل فى تدمير البرنامج النووى الإيرانى وتمكين إسرائيل من الإضرار بقدرات طهران العسكرية، دون رد فعل سلبى للولايات المتحدة ودون الانجرار إلى حرب أوسع. ويصر الرئيس الأمريكى على أن منشآت فوردو ونطنز وأصفهان «تم طمسها بالكامل».
ووجه ترامب هجوما لاذعا لما اطلق عليه تحالف قناة الأخبار الكاذبة «سى إن إن» مع صحيفة «نيويورك تايمز» الفاشلة للتقليل من شأن واحدة من أنجح الضربات العسكرية فى التاريخ. وأكد أن المنشآت النووية الإيرانية دمرت بالكامل.
وفى المقابل تقول طهران إن معظم قدراتها على التخصيب نجت من الهجمات، وإن مخزونها من اليورانيوم العالى التخصيب، الذى يبلغ وزنه 400 كيلوجرام -وهو ما يكفى نظريا لتصنيع 10 رؤوس نووية- تم نقله مسبقا إلى مواقع آمنة.
وتشير بعض التقارير إلى أن طهران ربما تكون قد أزالت المواد النووية من فوردو وأخفتها فى أماكن أخرى فى البلاد. وأضافت جينوف أن ادعاء إيران أنها نقلت اليورانيوم قد يكون حقيقيا، أو قد يكون إستراتيجية لإبقاء الأمور غامضة.
ويخشى خبراء أن تدفع الضربات الأمريكية الإسرائيلية لإقناع القيادات بأن الطريقة الوحيدة لتجنب التعرض للقصف هى أن تصبح غير قابلة للقصف. ومن الناحية الإستراتيجية، هذا يجعل الانتصار التكتيكى الأمريكى الإسرائيلى (تراجع البرنامج النووى الإيرانى لعدة أشهر) قد يؤدى إلى نتائج عكسية.
ويرى محللون أن الضرر الذى لحق بالبرنامج النووى الإيراني، والذى يُظهر أنه لم يتراجع إلا بضعة أشهر، هو دليل آخر على أن أفضل طريق لحل القضية النووية مع طهران بالنسبة لواشنطن هو الطريق الدبلوماسى وليس الخيار العسكري.
وأن الضربات العسكرية الأمريكية قد تدفع إلى تراجع برنامج إيران النووى مؤقتا، لكنها لا تحل الخلافات الأساسية بين واشنطن وطهران، وإسرائيل وإيران.
وأكد بعض الخبراء أنه من دون إحراز تقدم بشأن الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار فى الشرق الأوسط -وخاصة القضية الفلسطينية- لن يكون هناك سلام طويل الأمد فى المنطقة.
وفى الوقت الذى شكك فيه الخبراء المحايدون من التقييم المبكر والمتسرع للضربات الأمريكية، لا يعرف أحد يقينا ما الذى تبقى بالضبط من البرنامج النووى الإيراني.
ويتفق الخبراء على أن مزيج الضربات الإسرائيلية، التى أعقبتها الضربات الأمريكية، قد ألحقت أضرارا كبيرة بقدرات طهران النووية.
اقرأ أيضًا | سي إن إن: دعم أمريكي لإيران بتكلفة تقدر بنحو 30 مليار دولار
إيران.. إسقاط النظام «المهمة الصعبة»
تجدد الحديث عن إمكانية إسقاط النظام الإيرانى مع تصاعد التوترات بين طهران وتل أبيب خلال يونيو 2025، عقب تنفيذ إسرائيل هجمات نوعية على منشآت نووية إيرانية ورد طهران عبر استهداف قواعد أمريكية فى الخليج. ومع دخول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على خط الوساطة لفرض هدنة، عاد السؤال الأساسى إلى السطح: هل إسقاط النظام الإيرانى هدف واقعي؟ وهل يشكل رضا بهلوي، نجل الشاه، بديلاً مطروحاً؟
شهد شهر يونيو واحدة من أخطر جولات التصعيد بين إيران وإسرائيل، حيث استهدفت تل أبيب منشآت نووية فى فوردو ونطنز وأصفهان، ما أدى إلى تعطيل أجزاء من برنامج التخصيب. ردّت إيران بإطلاق صواريخ باليستية على قواعد أمريكية فى قطر، وهو ما استدعى تدخلاً دبلوماسيًا عاجلاً من ترامب أفضى إلى تهدئة مؤقتة. وعلى الرغم من أن العمليات العسكرية كانت شديدة ومباشرة، إلا أنها لم تؤدِّ إلى انهيار النظام أو تمرد داخلى كبير، ما يعكس استمرار قدرة النظام على امتصاص الصدمات.
لطالما كان الخطاب الأمريكي-الإسرائيلى الموجه تجاه إيران مشبعًا برغبة واضحة فى إسقاط النظام.
وسبق أن عبّر ترامب، خلال ولايته الأولى، عن أمله فى «انهيار النظام من الداخل». أما نتنياهو فكان أكثر صراحةً، واعتبر أن الخطر الحقيقى يكمن فى «طهران وليست غزة أو بيروت». لكن ما تغير مؤخرًا هو اللغة والأدوات.
فترامب، الذى عاد إلى دائرة القرار الفاعل قبل توليه الرئاسة للمرة الثانية فى 2025، بدا أكثر حذرًا فى خطابه الأخير، محذرًا من أن تفكك النظام قد يؤدى إلى فوضى إقليمية. وهو ما يعكس إدراكًا متزايدًا بأن بديل النظام الإيرانى غير متوافر فعليًا، ولا يمكن هندسته عبر التصعيد وحده.
رغم العقوبات الاقتصادية الخانقة، والهجمات العسكرية الدقيقة، وتكرار موجات الغضب الشعبي، فإن النظام الإيرانى أثبت مرارًا قدرته على الصمود، بل واستمرار إحكام قبضته على مفاصل الدولة. تعود صعوبة إسقاط هذا النظام إلى عدة عوامل متشابكة ومعقدة.
أولها أن النظام لا يعتمد فقط على أجهزة الدولة التقليدية، بل يقوم على بنية أيديولوجية-دينية تعطيه شرعية عقائدية، يعززها دور المرشد الأعلى بوصفه القائد الدينى والسياسى معًا. كما أن الحرس الثورى لا يعمل كجيش فقط، بل يشكل دولة داخل الدولة، يملك مؤسسات اقتصادية وإعلامية، ويشرف على قطاعات حساسة من الأمن والطاقة والتكنولوجيا، ما يجعله الطرف الأهم فى حماية بقاء النظام، وليس مجرد ذراع عسكرى تابع.
يتميز النظام الإيرانى بمهارات متقدمة فى إدارة الأزمات، إذ لا يتردد فى استخدام العنف الممنهج ضد المحتجين، لكنه فى الوقت ذاته يوظف أدوات «إصلاحية» محدودة لامتصاص الغضب العام، سواء عبر تنازلات شكلية أو عبر خلق أعداء خارجيين لتحويل الانتباه.
كما يستفيد النظام من الفوارق الجغرافية والاجتماعية فى إيران، حيث يحصل على تأييد نسبى فى المناطق الريفية الأكثر محافظة وفقراً، خلافًا للمدن الكبرى التى تمثل بؤر المعارضة، لكن لا تمتلك دائمًا القدرة على الاستمرار فى الحراك دون دعم واسع النطاق.
من العوامل المهمة أيضًا أن النظام نجح فى تحويل سياسة العقوبات الغربية إلى وسيلة لتعزيز خطاب «المظلومية القومية»، واستغلالها فى تحشيد المجتمع ضد الغرب، مستفيدًا من الذكريات الاستعمارية ومن خطاب السيادة الوطنية.
هذا التكتيك قلل من تأثير الضغوط الخارجية على الطبقات الشعبية، التى أصبحت ترى فى التدخل الخارجى تهديدًا أكبر من فساد النظام نفسه.
أما المعارضة، فرغم تنوعها وتوزعها داخل البلاد وخارجها، فإنها تفتقر إلى قيادة موحدة، أو مشروع سياسى جامع، وتظل منقسمة بين إصلاحيين، ملكيين، علمانيين، وأقليات قومية، لكل منها أولوياتها ومخاوفها، ما يمنع تكوين جبهة وطنية شاملة قادرة على التغيير.
فإن الخوف من البديل، خاصة مع الأمثلة السلبية فى دول أخرى بعد سقوط أنظمتها، مثل العراق أو سوريا أو ليبيا، يخلق لدى قطاعات من الإيرانيين نوعًا من «الاستسلام الواقعي»، حيث يُفضل استمرار الوضع الراهن على الدخول فى مرحلة فوضى مجهولة.
كل هذه العناصر تفسر لماذا لا يبدو النظام الإيرانى قريبًا من السقوط، رغم كل الضغوط والتحديات التى تحيط به داخليًا وخارجيًا.
وفى إطار البحث عن بدلائل للنظام عاد رضا بهلوي، نجل الشاه السابق، للظهور بقوة فى المشهد الإعلامى خلال السنوات الأخيرة، محاولًا تقديم نفسه كبديل علمانى ديمقراطى للنظام الحالي. إلا أن موقعه فى الداخل الإيرانى لا يزال ضعيفًا.
لا يحظى بدعم شعبى واسع، كما أن فئات كبيرة من الإيرانيين، خاصة الشباب، لا ترى فى الملكية صيغة مقبولة للمستقبل يفتقد رضا بهلوى كذلك إلى دعم منظم من التيارات السياسية المختلفة، بما فيها الإصلاحيون واليساريون الذين يرفضون العودة إلى نظام الشاه.
كما أن رؤيته السياسية والاقتصادية لا تزال غير مفصلة، وتقتصر على شعارات عامة كالديمقراطية والعدالة وفصل الدين عن الدولة، دون خطة واقعية قابلة للتطبيق فى سياق إيرانى شديد التعقيد.
ما زال رضا بهلوى يمثل حالة رمزية أكثر من كونه بديلاً سياسيًا حقيقيًا. ومجرد الترويج لاسمه فى الإعلام الغربى قد يخدم النظام الإيرانى فى الداخل، عبر تعميق سردية «الخطر الخارجى وعودة الاستبداد القديم».
كما أن غيابه عن الداخل، وافتقاده لأى ذراع تنظيمية حقيقية، يقلل من فرصه للعب دور محوري، إلا إذا حدث تحول جذرى يسمح بإعادة صياغة المعادلة السياسية من الداخل.
التعامل الغربى مع ملف النظام الإيرانى أصبح أكثر حذرًا مؤخرًا، بعد أن ثبت أن سياسة الضغوط القصوى لا تؤدى بالضرورة إلى إسقاط الأنظمة. الاتجاه السائد حاليًا، حتى فى أوساط الجمهوريين، يتجه إلى اعتماد سياسة الردع والاحتواء، مع الإبقاء على مسارات تفاوض مفتوحة بخصوص البرنامج النووي هذه المقاربة تهدف إلى تقويض القوة الإقليمية لإيران من دون التورط فى مغامرة إسقاط نظام قد تنتج عنها حالة من الفوضى.
مع ذلك، تبقى احتمالات التغيير قائمة، لكنها مرهونة بتطورات داخلية يصعب التنبؤ بها. أحد السيناريوهات المحتملة يتمثل فى تفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل يخلق بيئة خصبة لحراك شعبى أكبر، شرط توافر قيادة ميدانية موحدة.
كما أن سيناريو الانقسام داخل دوائر السلطة، خاصة الحرس الثوري، يبقى ممكنًا فى حال طرأت خلافات على مرحلة ما بعد المرشد. غير أن هذه السيناريوهات، رغم واقعيتها النظرية، تظل بعيدة زمنيًا، فى ظل سيطرة الأجهزة الأمنية واختراق النظام للمجتمع المدني.
رغم استمرار الرغبة الإسرائيلية والأمريكية فى تغيير النظام الإيراني، فإن الوقائع السياسية والميدانية تشير إلى أن المهمة أصعب مما يبدو. كما أن غياب بدائل واقعية ومقبولة داخل المجتمع الإيرانى يزيد من تعقيد المسألة. تبقى سياسة الاحتواء، والضربات المحددة، والدبلوماسية الصلبة، هى السيناريو المرجّح فى المرحلة المقبلة، دون حسم حقيقى لصالح فكرة إسقاط النظام.
مابين مسقط وروما .. فى انتظار استئناف جولة التفاوض الجديدة
فى الوقت الذى تبنّت فيه الولايات المتحدة ضربات عسكرية ضد منشآت نووية إيرانية، أعلن البيت الأبيض أن باب التفاوض لا يزال مفتوحاً، ما يشير إلى ازدواجية فى التكتيك الأمريكي: استخدام السوط العسكرى مع مد اليد الدبلوماسية، فقد أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يوم الأربعاء أن مسئولين أمريكيين وإيرانيين من المرجح أن يجروا محادثات هذا الأسبوع، مما يشير إلى إحياء محتمل للدبلوماسية بعد الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران التى استمرت 12 يوما.
جاء هذا الإعلان خلال قمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) فى هولندا، فى الوقت الذى بدا فيه أن وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وإيران صامد رغم انتهاكه فى البداية، وبعد ساعات من إعلان ترامب الهدنة، شنت إيران هجومًا انتقاميًا أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل فى بئر السبع، إسرائيل.
تشكل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران أحد أبرز أوجه التوتر الدبلوماسى فى النظام الدولى منذ عام 1979، وقد تمحورت نقاط الخلاف بين الطرفين حول البرنامج النووى الإيراني، ودور طهران الإقليمي، وملف العقوبات الاقتصادية، إلى جانب قضايا حقوق الإنسان وأمن الخليج، وبالرغم من التوتر المستمر، فقد شهدت العلاقة محطات تفاوضية بارزة، كان من أهمها خمس جولات تفاوضية شكلت مسارًا ديناميكيًا، يهدف هذا التحليل إلى تقديم قراءة متعمقة لهذه الجولات الخمس:
عُقدت الجولة الأولى فى 12 أبريل 2025 فى مسقط، عُمان، وقاد المحادثات المبعوث الأمريكى الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجي؛ وكان كل وفد فى غرف منفصلة، مع نقل الرسائل من خلال وسطاء عُمانيين، وُصفت المناقشات بأنها بناءة، بعد ذلك، تحدث زعيما فريقى التفاوض شخصيًا لفترة وجيزة.
وذكرت وكالة أنباء إيرانية أن إيران اقترحت خلال المحادثات فى عُمان خطة من ثلاث خطوات للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
وتشير التقارير إلى أن إيران اقترحت أيضًا خطوات لتهدئة التوترات، بما فى ذلك التعهد بنزع سلاح حماس والحوثيين وحزب الله والحشد الشعبى وتجميد أنشطتهم.
ويقال إن المبعوث الأمريكى ويتكوف رحب بالمقترحات التى قدمها الوفد الإيرانى فى مسقط، وهو ما كان غير متوقع من الجانب الإيراني.
عُقدت الجولة الثانية من المحادثات بوساطة عُمانية فى روما فى 19 أبريل 2025، ومرة أخرى، قاد عراقجى وويتكوف المناقشات غير المباشرة، مع نقل الرسائل عبر وزير الخارجية العمانى بدر البوسعيدي، بعد ذلك، قال الرئيس الأمريكى ترامب أنه منفتح على مقابلة المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئي.
وفى أعقاب الجولة الثانية من المحادثات، أفادت التقارير أن القوات الجوية الإسرائيلية أجرت تدريبات تحاكى هجومًا صاروخيًا إيرانيًا على القواعد الجوية الإسرائيلية.
وفى الوقت نفسه، أفادت التقارير أن إيران تقوم ببناء حاجز أمنى كبير حول مجمعين للأنفاق تحت الأرض مرتبطين بمنشأتها النووية الرئيسية، ووعدت روسيا بتمويل بناء مفاعل نووى فى إيران، وعقدت الصين وروسيا وإيران اجتماعًا مشتركًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى 24 أبريل لمناقشة البرنامج النووى الإيراني.
عُقدت الجولة الثالثة من المفاوضات رفيعة المستوى فى 26 أبريل 2025، بالتزامن مع الجولة الأولى من المحادثات على مستوى الخبراء، ووُصفت المحادثات رفيعة المستوى بأنها جادة ومثمرة، حيث سعى الجانبان إلى التوصل إلى اتفاق قائم على الاحترام المتبادل، وأفاد عراقجى بإحراز تقدم، لكنه أشار إلى استمرار وجود خلافات رئيسية، حيث إن المبعوث الخاص لترامب، ويتكوف، يهدف إلى إتمام الاتفاق خلال 60 يومًا؛ إلا أنه من المرجح أن يواجه مقاومة من وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى نظرًا لانعدام الثقة الكبير بين الطرفين، ومن القضايا الحرجة الأخرى مخزون إيران من اليورانيوم عالى التخصيب وإمكانية تدميره، والذى ستوافق الولايات المتحدة على رفع العقوبات الاقتصادية عنه، وبينما تنوى إيران الاحتفاظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب داخل حدودها، تُصرّ الولايات المتحدة على نقله إلى دولة ثالثة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إيران إلى الحصول على ضمانات لحماية نفسها فى حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أو انتهاكه.
أُجِّلت الجولة الرابعة من المفاوضات، التى كان من المقرر عقدها فى روما فى 3 مايو 2025، وسط تصاعد التوترات، وأشار مسئولون إيرانيون إلى العقوبات الأمريكية، والعمل العسكرى ضد الحوثيين، وما وصفوه ب»السلوك المتناقض والتصريحات الاستفزازية» لواشنطن كعوامل مساهمة، مشيرين إلى أن تحديد موعد جديد سيعتمد على النهج الأمريكي، وأشارت عُمان، التى توسطت فى جولات سابقة، إلى أسباب لوجيستية للتأجيل، وأشار مصدر مطلع إلى أن الولايات المتحدة لم تؤكد مشاركتها، وأن توقيت ومكان انعقاد الجولة التالية لا يزالان غير مؤكدين.
وقد عقدت الجولة الرابعة من المحادثات فى 11 مايو فى عُمان قبل زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط، كانت المحادثات رفيعة المستوى فقط، وركزت على إطار أوسع، مع عدم مشاركة المفاوضين الفنيين.
استمرت الجولة لأكثر من ثلاث ساعات، حيث وصف الجانبان المناقشات بأنها صعبة ولكنها بناءة واتفقا على الاستمرار.
ووفقًا لمسئولين إيرانيين لم يتم الكشف عن أسمائهم، اقترحت إيران مشروع تخصيب نووى مشترك مع الدول العربية الإقليمية والاستثمار الأمريكى كبديل لتفكيك برنامجها النووي، ونفى المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف مناقشة هذا الأمر، لا تزال جدوى الخطة غير مؤكدة نظرًا للتوترات الإقليمية وانعدام العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة لمدة 45 عامًا.
فى الثانى عشر من مايو فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة تستهدف الأبحاث النووية الإيرانية ذات التطبيقات العسكرية المحتملة، وتبعتها بعد أيام عقوبات على أفراد وكيانات فى الصين وإيران بسبب دعمها لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
أما الجولة الخامسة من المحادثات، التى عُقدت فى 23 مايو فى روما، فقد انتهت دون تحقيق أى تقدم يُذكر، رغم اتفاق الجانبين على مواصلة المناقشات، وصف مسئولون أمريكيون المحادثات بأنها بناءة، لكنهم أكدوا على استمرار وجود خلافات جوهرية، لاسيما بشأن مطالبة الولايات المتحدة إيران بتفكيك برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وأكدت إيران أنه على الرغم من انفتاحها على الحد من مستويات التخصيب، فإن التخلى عن التخصيب تمامًا أمر غير مقبول وسيؤدى إلى انهيار المفاوضات، بعد هذه الإشارات المتضاربة، أبدى ترامب تفاؤله وقال إنه تم إحراز تقدم.
وفى 9 يونيو، رفضت إيران اقتراح إدارة ترامب لإبرام اتفاق نووى جديد لكنها أعلنت عن خطط لتقديم عرض مضاد من خلال وسطاء عمانيين، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائى الاقتراح الأمريكى بأنه غير مقبول ولا يتماشى مع المفاوضات الجارية، وتشمل نقاط الخلاف الرئيسية حق إيران فى مواصلة تخصيب اليورانيوم محليًا، والتعامل مع مخزوناتها الحالية من اليورانيوم عالى التخصيب، وشروط رفع العقوبات المفروضة على إيران، وبينما طالب ترامب بالتفكيك الكامل لبرنامج التخصيب الإيراني، يصر القادة الإيرانيون على أن التخصيب غير قابل للتفاوض، وبحسب ما ورد تضمن العرض الأمريكى الأخير المساعدة فى بناء مفاعلات الطاقة النووية وسمح بتخصيب محدود حتى يصبح مرفق اتحاد إقليمى جاهزًا للعمل.
أحد المطالب الرئيسية من إيران هو أن تخفيف العقوبات يجب أن يحقق فوائد اقتصادية ملموسة، وأكد بقائى أن هذا يشمل ضمانات باستعادة العلاقات المصرفية والتجارية مع الدول الأخرى قبل رفع أى عقوبات. كما حث المجتمع الدولى على معالجة مسألة الترسانة النووية غير المعلنة التى تمتلكها إسرائيل ومنعها من تعطيل المفاوضات.
فى العاشر من يونيو، صرّح ترامب فى مقابلة مع قناة فوكس نيوز بأن إيران أصبحت «أكثر عدوانية» فى المفاوضات، وفى اليوم التالي، حذّر وزير الدفاع الإيرانى عزيز ناصر زاده من أنه فى حال انهيار المفاوضات مع الولايات المتحدة واندلاع الصراع، ستستهدف إيران القواعد الأمريكية فى المنطقة، وصرح بأن جميع القواعد الأمريكية فى الدول المجاورة فى متناول اليد، كما هدد ترامب إيران مرارًا وتكرارًا بعمل عسكرى فى حال عدم التوصل إلى اتفاق، وأعلن وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث أن الجيش الأمريكى يستعد فى حال فشل المحادثات.
أما الجولة السادسة، التى كان من المقرر انعقادها فى 15 يونيو، فقد أُلغيت بسبب الهجوم الإسرائيلى المفاجئ فى 13 يونيو.
بالنظر إلى مجريات الجولات التفاوضية بين الولايات المتحدة وإيران، يتضح أن العلاقة بين الطرفين محكومة بتوازن دقيق بين التصعيد والتهدئة، بين التهديدات العسكرية ومبادرات الحوار. وفى ضوء إلغاء الجولة السادسة التى كان من المقرر انعقادها فى 15 يونيو نتيجة التصعيد العسكرى الإسرائيلي، يتبيّن أن فرص نجاح هذه المفاوضات تبقى رهينة بتوافر الإرادة السياسية، وضمانات دولية واضحة، وبيئة إقليمية أقل توتراً، ومن هنا، فإن المستقبل القريب سيُحدَّد إما بمزيد من التصعيد أو بإعادة إحياء المسار الدبلوماسي، تبعاً لقدرة الأطراف على تجاوز الحسابات الآنية لصالح تسوية مستدامة تحفظ الأمن والاستقرار الإقليمى والدولي.
إسرائيل.. القطاع يحرم نتنياهو من مناورات «تجديد الثقة»
طالت عنق بنيامين نتنياهو بعد الحرب على إيران، التى ظن نتائجها تأشيرة للتموضع مجددًا على مقعد رئاسة الوزراء؛ وبينما سرَّب «الليكود» إمكانية إعادة تدوير رئيس الحزب الإسرائيلى الحاكم عبر إجراء انتخابات مبكرة، أحبطت إخفاقات الملف الغزاوى وإشكالات داخلية أخرى جموح الأمل؛ إذ يرى مراقبون فى تل أبيب أنه بعد الإشادة بما يسمى إنجازات الحرب على إيران، تنغمس أقدام نتنياهو سريعًا ومرة أخرى فى وحل قانون إعفاء الطلاب المتشددين دينيًا (الحريديم) من الخدمة العسكرية، وقضايا ارتفاع تكاليف المعيشة، والانقلابات بين صفوف جهاز الشرطة؛ والأهم من كل ذلك صداع الرأس الغزاوي، والتنكيل بجنود إسرائيل فى خان يونس وجباليا.
وأمام تسويق سيناريو الانتخابات المبكرة، يرى المحلل الإسرائيلى شالوم يورشليمى حتمية هبوط نتنياهو وحاشيته من أعلى الشجرة لعدة أسباب، أولها: أنه رغم وقف إطلاق النار، لا زال ملف التهديد الإيرانى قائمًا.
ثانيًا: لا زالت قضية رهائن إسرائيل لدى حماس على جدول أعمال الحكومة، فلن يجرى نتنياهو انتخابات مبكرة إلا بعد إعادة الرهائن من قطاع غزة أحياءً أو أمواتا.
ثالثًا: يعتقد أنصار نتنياهو داخل الحكومة نجاحه فى محو فضيحة 7 أكتوبر 2023، ولا ينتبهون إلى محاولات إبعاد نفسه عن الإخفاق، وإلقاء مسئولية الفشل على عاتق رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية.
رغم ذلك، يؤكد الكاتب الإسرائيلى أساف مشنيوت أنه لم يعد أمام نتنياهو سوى 3 خيارات صفرية: إما تقديم موعد الانتخابات اعتمادًا على ما يظنه انتصارًا على إيران، أو محاولة تحقيق إنجازات على الأرض فى قطاع غزة أولًا أيضًا، أو التقاعد مثل سابقيه فى المنصب بيجين وأولمرت، وكذلك رئيس الوزراء البريطانى تشرشل.
وفيما يتعلق بالخيار الأول تؤكد المؤشرات أن لجوء نتنياهو للنظام الانتخابى البريطانى مثلًا عبر حل الكنيست بعد الاعتماد على نتائج استطلاع الرأي، وإجراء الانتخابات فى غضون شهر، لا يتسق نهائيًا مع الإسرائيليين؛ فعلى الأقل تستمر الحملة الانتخابية فى إسرائيل ثلاثة أشهر، وعادة ما تكون أكثر من ذلك؛ علاوة على أنه لا يمكن استشراف موقف الإسرائيليين حينها من نتنياهو، أو حتى بقاء نتائج الحرب على إيران فى الذاكرة الجمعية الإسرائيلية.
وفيما يخص الخيار الثاني، من المستبعد قدرة نتنياهو على تحقيق إنجازات فى قطاع غزة، لا سيما أن السوابق تؤكد غياب أفق واقعى للحرب فى القطاع.
أما الخيار الثالث فلا ينطوى على منطق، إذ تغلب شهوة السلطة على نتنياهو، لا سيما وهى الضمانة الأكثر أهمية لنجاته من السجن على خلفية إدانته فى أكثر من ملف فساد.
فى المقابل، وتزامنًا مع ترويج سيناريو الانتخابات المبكرة، خرجت أبواق اليمين الإسرائيلى بما يغاير الواقع السياسي، وصاغت بأحادية نتائج استطلاعات رأى تحابى نتنياهو، وعزت نتائجها إلى الحرب على إيران.
من بين أبواق اليمين، انفردت «قناة 14» بالإشارة إلى استمرار هيمنة «الليكود» على المشهد السياسى الإسرائيلي. ومنح استطلاع الرأى الذى أجرته القناة حزب «الليكود» 36 مقعدًا على الخريطة السياسية بدون نفتالى بينيت.
خلف نتنياهو وبفارق كبير، جاء حزبا «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيجدور ليبرمان، وحزب «الديمقراطيين» ب16 مقعدًا لكل منهما. وأظهر الاستطلاع حفاظ الأحزاب الدينية المتشددة (الحريديم) على استقرارها، إذ حصل حزب «شاس» على 11 مقعدًا، وحزب «يهدوت هاتوراة» على 8 مقاعد، بينما حصل حزب «عوتسما يهوديت» على 6 مقاعد، وتقلصت كتلة «الصهيونية الدينية» إلى 4 مقاعد فقط.
وفيما يخص شعبية نتنياهو فى تولى منصب رئاسة الوزراء مجددًا، منحه 52% من المستطلعة آراؤهم أصواتهم، أما رئيس الوزراء السابق نفتالى بينيت، ففاجأ الجميع بحصوله على 28% من التأييد، وهى نسبة لافتة تشير إلى إمكاناته السياسية حتى بعد فترة رئاسته للحكومة القصيرة، حسب تعبير القناة اليمينية.
زعيم المعارضة يائير لابيد حصل بموجب استطلاع رأى القناة اليمينية على 8% فقط من التأييد، وهى نسبة مخيبة للآمال تشير إلى صعوبة إقناع الجمهور بقدراته القيادية.
أما أفيجدور ليبرمان، فلم يحصل إلا على 7%، بينما اكتفى بنى جانتس بنسبة متواضعة بلغت 5%. وذيل تقرير «قناة 14» تقريره فى هذا الخصوص بالإطراء على نتنياهو، مشيرًا إلى أن «لغة الأرقام ترسخ مكانة نتنياهو كزعيم بلا منازع لليمين الإسرائيلي، وتُقدم بينيت على أنه البديل الواقعى الوحيد، على الأقل فى نظر بعض الجمهور».
روسيا والصين.. حلفاء غابوا «وقت الشدة»
شهدت الساحة الدولية توترا شديدا عقب الهجوم الإسرائيلي-الأمريكى المشترك على إيران، ما أثار تساؤلات عديدة وعلامات استفهام كثيرة حول موقف الحليفتين الاستراتيجيتين روسيا والصين، باعتبارهما شريكين استراتيجيين لطهران فى السنوات الأخيرة، خصوصا مع تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين طهران وموسكو، وكذلك موقف بكين الذى بدا أكثر توازنا وارتكازا على مصالحها الاقتصادية.
وشهدت العلاقة بين موسكو وطهران تقاربا كبيرا فى العقد الأخير، خصوصًا بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث مثلت إيران حليفا مهما لروسيا فى ظل العقوبات الغربية، وتبادل البلدان زيارات رفيعة المستوى بما فى ذلك زيارة الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان إلى موسكو فى يناير من العام الجارى لتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين وهو ما تجلى فى التعاون العسكرى الذى شمل توريد طائرات مسيرة وصواريخ قصيرة المدى، فضلا عن استخدام روسيا للموانئ الإيرانية لتخفيف أثر العقوبات الغربية عليها، وفى المقابل حصلت إيران على دعم روسى تقنى وتدريبى لتعزيز القدرات الدفاعية الإيرانية خاصة فى مجالى الدفاع الجوى والحرب الإلكترونية.
مع ذلك وبالرغم من الشراكة الوثيقة بين البلدين جاء رد الفعل الروسى حذرا حيث أدانت روسيا العدوان الإسرائيلى الأمريكى بشكل دبلوماسى فى المحافل الدولية، كما أكدت موسكو على ضرورة «الحوار والحل السلمي»، تجنبا للتورط المباشر أو تعريض مصالحها فى دولة الاحتلال الصهيونية أو الخليج للخطر ويرى محللون أن روسيا أيضا استخدمت العدوان على إيران كأداة دعائية ضد «الهيمنة الغربية»، مع إبراز معايير مزدوجة للغرب.
ووفقا لمحللين سياسيين فإن روسيا رأت فى هذه الأزمة فرصة لتعميق اعتماد إيران عليها، مع الحرص على عدم تجاوز الخطوط التى قد تؤدى إلى صدام مباشر مع واشنطن أو تهديد استقرار أسواق الطاقة العالمية، غير أنها منخرطة فى الحرب الدائرة منذ سنوات مع أوكرانيا لذا فهى تخشى فتح جبهات جديدة قد تؤدى لاستنزاف قدراتها وتشتيت تركيزها.
أما عن الصين فهى الشريك التجارى الأكبر لإيران، وقد وقعت معها فى عام 2021 اتفاق تعاون استراتيجى شامل لمدة 25 عاما يشمل استثمارات صينية فى الطاقة والبنية التحتية الإيرانية وشراء النفط الإيرانى خارج الأطر الغربية حيث تعتبر الصين هى أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، بالإضافة إلى دعم دبلوماسى محدود داخل مجلس الأمن لمنع تمرير عقوبات جديدة على طهران.
وقد اتخذت بكين موقفا أكثر حذرا من موسكو حيث دعت إلى ضبط النفس من كل الأطراف، دون إدانة صريحة للولايات المتحدة أو إسرائيل، كما كان تركيزها منصبا على استقرار مضيق هرمز، باعتباره شريانا حيويا لصادراتها ووارداتها النفطية، كما حذرت بكين أيضا بشكل مباشر من نية إيران إغلاق المضيق، معتبرة أن أى تصعيد هناك «يهدد التجارة العالمية».
ويمكن القول إن موقف الصين وروسيا من العدوان الأمريكي-الإسرائيلى على إيران يعكس مزيجا من الدعم الحذر والحسابات الاستراتيجية الدقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.