وبدأت امتحانات الثانوية العامة ، وسط أجواء التوتر والقلق المعتادة التى تسيطر على آلاف الأسر المصرية، التى بدأت حالة الطوارئ السنوية لكن هذا الموسم يحمل بعداً مختلفاً، مع اقتراب بشاير تطبيق نظام البكالوريا المصرية الدولية على الطلاب الذين يلتحقون هذا العام بالسنة الأولى الثانوية، الذى يطمح إلى إعادة صياغة معادلة التعليم والتقييم من جذورها، والانتقال من ثقافة الحفظ والامتحان الواحد إلى منظومة تقييم تتيح للطالب فرصاً أوسع لقياس قدراته الحقيقية على مدار العام. لسنوات طويلة، ظل نظام الثانوية العامة فى مصر قائماً على فكرة الاختبار النهائى الحاسم، ومعه ازدهرت الدروس الخصوصية وتحولت الأسر إلى وحدات دعم متفرغة لملاحقة جداول المراجعة والملخصات، مع هدف وحيد هو تحقيق المجموع الأعلى، المعيار شبه الوحيد لدخول الجامعة واختيار التخصص. اليوم، مع ملامح النظام الجديد، هناك محاولة لتغيير المعادلة.. فهو يتيح تقييماً تراكمياً على مدار العام، يجمع بين الامتحانات التحريرية والمشروعات البحثية والتطبيقات العملية، ويسعى لتنمية مهارات التفكير النقدي، والتحليل، والبحث، والعمل الجماعي، مع تنويع التخصصات والمسارات الدراسية بما يناسب قدرات وميول كل طالب. ولا خلاف أن فلسفة نظام البكالوريا المصرية تعيد الاعتبار للمحتوى الحقيقى للتعليم بعد سنوات من اللهاث خلف الدرجات والأرقام. لكنها فى الوقت نفسه تضعنا أمام تحديات جديدة.. فنجاح الفكرة لن يتحقق بمجرد تعديل طريقة الامتحان أو تغيير شكل المناهج، بل يحتاج إلى استعداد حقيقى يشمل إعادة تأهيل المعلمين ليصبحوا شركاء فاعلين فى العملية التعليمية، وتطوير البنية التحتية للمدارس فى كل المحافظات بشكل متوازن، وضمان معايير عادلة فى التقييم، إلى جانب توعية الأهالى بقبول آليات البكالوريا ، ووعى مجتمعى جديد يتقبل فلسفة التعليم كرحلة علم لا كسباق درجات . ويارب يكون هذا هو التغيير الأخير، ويستقر النظام التعليمى بعد عقود من التجريب والتعديلات المتكررة.