محمد جمال الزهيرى شهد العقد الأخير تصاعدًا كبيرا فى عمليات الاختراق الإسرائيلى للداخل الإيراني، وهو ما تجلى بوضوح فى عدد من العمليات الاستخباراتية المعقدة التى أسفرت عن اغتيالات وتفجيرات وتخريب منشآت نووية، بل ويمكن القول إنها امتدت إلى قلب المؤسسة الأمنية والعسكرية الإيرانية، حيث تمكّنت إسرائيل مرات عديدة من النيل من عدد من قيادات الصف الأول. وكشف تقرير نشرته وكالة «الأسوشيتد برس» منذ أيام أن إسرائيل استعانت ب الذكاء الاصطناعى فضلا عن استخدام الجواسيس أثناء الإعداد لعمليات هجوم «الأسد الصاعد» المباغت الذى شنته على إيران بالطائرات الحربية والمسيرات واستهدف عدة مواقع عسكرية ومنشآت نووية داخل إيران وأسفر عن مقتل العديد من الجنرالات والعلماء النوويين، كما شل العديد من أنظمة الدفاع الجوى والصاروخى فى إيران. اقرأ أيضًا | إسرائيل على حافة «حلقة النار»! ووفقا لوكالة «الأسوشيتد برس» فإن التحضير لعملية «الأسد الصاعد» استغرق سنوات وكان نتاجا لتعاون بين جهاز الاستخبارات «الموساد» والجيش الإسرائيليين على مدى 3 سنوات لتوفير المعلومات الاستخباراتية والعتاد اللازم للهجوم الذى استند إلى معلومات حصلت عليها إسرائيل بعد الغارات الجوية التى استهدفت مناطق من إيران فى أكتوبر الماضي وكشفت عن نقاط ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية، ولم يكن حجم الاختراق الإسرائيلى لإيران خفيا على أحد حيث نجح الكيان الصهيونى فى يوليو من العام الماضى فى اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية، وهو ما أثار وقتها العديد من التساؤلات حول مدى قوة وفاعلية النظام الأمنى والاستخباراتى الإيراني. ومنذ اغتيال العالم النووى الإيرانى مسعود على محمدى وصولا إلى اغتيال كبير علماء الذرة محسن فخرى زادة، تطورت طبيعة الاختراق الإسرائيلى لإيران من عمليات استخباراتية خارجية إلى عمليات نوعية تُنفّذ فى عمق الأراضى الإيرانية، وفى 2010 اغتيل مسعود على محمدى الأستاذ والعالم النووى الإيرانى فى انفجار غامض بالعاصمة طهران، واتهمت إيران المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بالوقوف وراء مقتله، وفى نوفمبر 2020 اغتيل كبير علماء الذرة الإيرانيين محسن فخرى زادة الذى وصفه العديدون بأنه «أبو القنبلة النووية الإيرانية» بالقرب من طهران بعد تعرضه لهجوم فى مقاطعة دماوند حيث قام مهاجمون بإطلاق النار على سيارته. ويعدّ اغتيال فخرى زادة أبرز دليل على قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات معقدة فى قلب إيران، حيث تشير تقارير إلى أن العملية نُفذت باستخدام أسلحة متطورة وتكنولوجيا ذكاء اصطناعي، إلى جانب دعم لوجستى من داخل إيران، ويُعتقد أن جهاز «الموساد» الإسرائيلى هو المسئول عن العملية، مما شكل ضربة قاسية للقدرات العلمية والعسكرية الإيرانية، خصوصًا أن فخرى زادة كان يُنظر إليه كالعقل المدبر خلف البرنامج النووى العسكري. ولم تكتف إسرائيل بتنفيذ عمليات اغتيال للعلماء فقط، بل قامت أيضا بتنفيذ العديد من الهجمات التى استهدفت قيادات أمنية كبرى، بجمع المعلومات أو التشويش على برامج إيران النووية من الخارج، وتعتمد إسرائيل فى بعض عملياتها على خلايا مجندة من الإيرانيين أنفسهم، وقد اعترفت إيران أكثر من مرة بإلقاء القبض على شبكات تجسس تعمل لصالح الموساد، بعضها داخل المؤسسات العسكرية أو الأمنية، كما وثقت إيران عدة عمليات إسرائيلية استخدمت فيها طائرات بدون طيار صغيرة الحجم لتنفيذ عمليات رصد أو تفجير داخل مواقع حساسة بما يظهر اعتماد إسرائيل على أدوات حديثة يصعب رصدها بالطرق التقليدية. وفى حقيقة الأمر فإن الاختراق الإسرائيلى المتكرر والمتواصل لإيران لا يعكس فقط تفوقًا استخباراتيًا، بل إنه يشير إلى ضعف إيرانى داخلى فى تأمين الشخصيات والمواقع الحيوية، فضلا عن فشل فى حماية معلوماتها الحيوية والاستخباراتية.