تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا غير مسبوق فى الصراع الطويل بين إسرائيل وإيران.. الحرب الدائرة بين البلدين محفوفة بالمخاطر ليس على البلدين وحدهما وإنما على الإقليم بأثره.. فرغم استهداف إسرائيل لمنشآت نووية إيرانية مثل نطنز وأصفهان إلا أن المفاعلات النووية الرئيسية لم تستهدف بشكل مباشر، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها التحصين الشديد لهذه المنشآت، والقلق من التبعات البيئية والإنسانية لأى هجوم مباشر عليها، بالإضافة إلى الرغبة فى تجنب تصعيد قد يؤدى إلى حرب شاملة.. خاصة وأن الطرفين يدركان أن الانزلاق إلى حرب شاملة سيكون مكلفًا جدًا بل كارثيًا على الداخل الإيرانى والإسرائيلى والمنطقة بأكملها.. ولذلك كل ضربة محسوبة، وكل رد مدروس. إسرائيل تسعى إلى تحجيم النفوذ الإيرانى وتقويض قدرات إيران وضرب برنامجها النووى دون التورط فى حرب مفتوحة، فى حين تريد إيران إثبات قوتها وردع إسرائيل وتعزيز نفوذها الإقليمى، دون جر نفسها إلى مواجهة لا تملك مقوماتها بالكامل حاليًا، خاصة فى ظل العقوبات الدولية والضغوط الداخلية. الطرفان يخوضان «حرب حافة الهاوية» حيث يستخدم الضغط العسكرى والإعلامى والمخابراتى كورقة تفاوض أو استعراض قوة، أكثر من كونه استعدادًا لمواجهة نهائية.. الخطر قائم لكن التوازن بين الرغبة فى الهيمنة والخوف من الانهيار، مازال يمنع الانفجار الكامل.. هذا هو جوهر الصراع الآن، استنزاف، استعراض، ردع.. دون انفجار شامل، ولكن إلى متى؟ هذا ما لا يستطيع أحد التنبؤ به بدقة. وأرى أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية الحالية تشكل تهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمى. لانه رغم تجنب الطرافان استهداف المفاعلات النووية بشكل مباشر لتفادى تصعيد كارثى، يظل الصراع مفتوحًا على جميع الاحتمالات، فى ظل غياب حلول دبلوماسية فعالة، وتردد القوى الكبرى فى التدخل المباشر، وتصاعد التوترات الإقليمية.. وهذا ما يؤكد أنه من غير المتوقع أن تنتهى هذه الحرب فى المدى القريب.