تصريح الرئيس الأمريكى ترامب بأن الولاياتالمتحدة «ستواصل دعم إسرائيل للدفاع عن نفسها» ، يجافى الحقائق ويتجاهل الوقائع، لأن العالم يرى ما ترتكبه إسرائيل من اعتداءاتٍ همجية، لا على إيران وحدها، بل على دول بأكملها وسط صمت دولى مريب ودعم أمريكى لا محدود. إسرائيل هى التى بدأت الهجوم على إيران ، بينما كانت المفاوضات تجرى فى عُمان لإيجاد حلول لامتلاك إيران للمفاعلات النووية ،، وإيران تدافع عن نفسها لأنها وجدت نفسها أمام عدوان مفتوح وانتهاك لكل الأعراف الدولية، وليس من العدل أن تُمنح إسرائيل صكوكًا بالعدوان ، بينما يُسلب هذا الحق من الشعوب التى تعتدى عليها إسرائيل ؟. وإسرائيل هى التى دمرت غزة وقتلت الآلاف وتحاول انتزاع شعبها من أرضه وتهجيره لدول أخرى ، وتفرض التجويع والإبادة وترفض الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، وتتمادى فى جرائمها الوحشية. ما تفعله إسرائيل فى غزة ليس فقط نموذجاً صارخاً لازدواحية المعايير ، بل لعدم وجود معايير فى الأساس ، وتدمير شامل وحصار خانق يدك المدينة ويحولها إلى سجن كبير، فأى شرعية التى تمنح المعتدى الحق، وتنزع من الضحية حتى حق الحصول على الغذاء، وتتركهم فى العراء يبحثون عن مأوى ولا يجدون العلاج بعد هدم المستشفيات. حق الدفاع المشروع، كما أقرته مواثيق الأممالمتحدة والقوانين الدولية، يعنى أن تتخذ الدول إجراءاتٍ عاجلة لدرء خطر داهم على أراضيها وشعوبها، لا أن تتحول الى حربٍ وعدوان هنا وهناك، بدعم كامل وترساناتٍ أمريكية تفتح مخازنها أمام آلة الحرب الإسرائيلية بلا حساب. الدعم اللا محدود لإسرائيل يُعد انتهاكًا للعدالة الدولية، ولا يدافع عن السلام وحق الشعوب فى الحياة ، ويمكن أن يعرض المنطقة لكروب متتالية لا تنطفئ نيرانها وتكرس سياسات السيطرة والهيمنة. العالم يعيش الآن مرحلة عودة الاستعمار بصورة أكثر فوضوية وهمجية ، وتتوسع دوائر الخطر وتُنذر باندلاع حروب وصراعات ، تحت مظلة العجز الدولى، والدول التى كانت تحتمى بالشرعية الدولية، باتت ضحية للأقوياء، فى زمن تتصدر القوة الغاشمة مشهدًا دوليًا يعانى من العجز والتواطؤ ، وتمهيد لمرحلة استعمارية جديدة، أكثر وحشية وفوضى، عنوانها «التحالفات المُصطنعة».. وغايتها استباحة الأرض وسحق الشعوب وإعادة ترسيم الدول وفقاً لمصلحة إسرائيل. كان هناك ما يُعرف ب»الشرعية الدولية» ومؤسساتها، وعلى رأسها: الأممالمتحدة ومجلس الأمن، ويُفترض أنها حارسة القانون الدولى وراعية السلام العالمى ، لكنها وقعت فى براثن توازناتٍ دولية مختلفة تحول دون ممارسة المنظمة الدولية لدورها الذى أنُشئت من أجله. تحولت هذه المؤسسات إلى كيانات ضعيفة، تُراقب مشهدًا دوليًا تتلاشى فيه القوانين ويعلو فيه صوت القوة ، وصار «حق الدفاع عن النفس» الذى تنفذه تل أبيب، ذريعة جاهزة لضرب الشعوب الضعيفة وشرعنة العدوان.