تمتلك جماعة الإخوان الإرهابية، تاريخًا دمويًا منذ تأسيسها، على يد حسن البنا، وأرادت الجماعة الوصول لسدة الحكم، ليس بالطرق الشرعية، إنما بالقوة وفرض نهج الجماعة، القائم على التطرف، والأخطر من ذلك أن الجماعة الإرهابية، استخدمت الدين وسيلة لكسب تأييد المواطنين، وبالفعل تمكنوا من استقطاب شريحة من المجتمع، ولكن عندما ظهرت النوايا الخبيثة للجماعة، بدأ الشعب يدرك حجم المخطط والمخاطر، التي تسعى الجماعة الإرهابية لتنفيذه، لتدمير الدولة المصرية. وفي الجزء الثانى من الدراسة لتي أعدها القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، المعروف بأبحاثه الوطنية بعنوان: «جماعة الإخوان: التاريخ السري لتنظيم استخدم الدين لهدم الدولة، جرائم التنظيم منذ النشأة حتى اليوم دراسة تحليلية في الجذور، أيديولوجيا العنف، بنية التنظيم، التمويل العابر للحدود والاختراق العالمي والرؤى المحتملة»، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيه 2013. تتناول البُعد التاريخي والسياسي والديني لجماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، وتحليل الأساليب التي استخدمتها الجماعة لتطويع الدين لأغراض سياسية، والجرائم المرتكبة محليًّا وعالميًّا باسم المشروع الإسلامي، وتقييم أثرها على المجتمعات والدول. وتناول الفقي الدكتور «خفاجي» فى الجزء الثانى من هذه الدراسة المهمة: «ثورة يناير 2011 والفراغ السياسي واستغلال لحظة 25 يناير». وقال الدكتور محمد خفاجي إنه مع اندلاع ثورة 25 يناير 2011، ظهرت جماعة الإخوان في البداية بشكل حذر، مترددة في دعم الثورة كليًّا. لكن مع سقوط نظام مبارك، سرعان ما تقدّمت لملء الفراغ السياسي تحت لافتة «الحرية والعدالة»، وأسست بسرعة خاطفة حزبًا سياسيًّا يُخفي خلفه البناء الدعوي والتنظيمي الصلب. وأضاف أن هذه اللحظة كانت فارقة، إذ استغلت الجماعة حالة الانقسام السياسي والفوضى لتقدّم نفسها كبديل منظم مستخدمة خطابًا دينيًّا مدروسًا يوحي فى ظاهره بالاعتدال ويخفى بداخله العنف والتطرف. لكن سرعان ما ظهر التناقض بين الخطاب السياسي العلني والخطاب التنظيمي الداخلي، الذي كان يؤمن بأن هذه اللحظة هي فرصة تاريخية للتمكين الجماعة من حكم مصر. ◄ محمد مرسي في الحكم: دولة التنظيم لا دولة القانون وأضاف الدكتور محمد خفاجي، أنه بفوز محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية منتصف 2012، بدا أن الجماعة حققت الحلم المؤجل منذ تأسيسها، لكنها فشلت في التحول من جماعة عقائدية إلى مؤسسة حكم، مشيرًا إلى أن حكم «مرسي» لم يكن حُكم شخص، بل كان امتدادًا للقرار الصادر عن مكتب الإرشاد. إذ عيّنت الجماعة عناصرها في مفاصل الدولة، خصوصًا المحافظين ومساعدي الوزراء، في عملية سميت إعلاميًّا ب«أخونة الدولة». وقد ظهر ذلك بوضوح في إعلان 21 نوفمبر 2012 الدستوري الذي حصّن قرارات الرئيس من الطعن، واعتُبر انقلابًا على القضاء. ◄ صدام الجماعة مع أجهزة الدولة والمجتمع وكشف عن أن الجماعة مع أجهزة الدولة ومؤسساتها أهمها القضاء، والشرطة، والإعلام، والنخب الفكرية. وبلغ التصعيد ذروته في أحداث الاتحادية حيث سُحلت المعارضة أمام قصر الحكم. موضحًا أن الممارسات القمعية والارتباك في إدارة الدولة كشفا الوجه الحقيقي لتنظيم لا يملك تصورًا مدنيًّا لإدارة شؤون البلاد، بل كان يهدف للسيطرة لا الإصلاح. ◄ سقوط قناع الجماعة في 30 يونيو 2013 وأكد الدكتور محمد خفاجي أنه في 30 يونيو 2013 اندلعت احتجاجات واسعة شارك فيها الملايين، ما دفع القوات المسلحة للتدخل في 3 يوليو. موضحًا أن سقوط «مرسي» لم يكن مجرد إزاحة رئيس، بل انهيار حلم التمكين الذي طالما سعت إليه الجماعة. كما أن الخطاب الذي تلا السقوط اتسم بالتحريض، والدعوة إلى ما أسماه مرسى «الشرعية أو الدم»، مما أكد للعامة أن مشروع الجماعة لم يكن إصلاحيًّا بل استحواذيًّا. اقرأ أيضا| أُسست على مبدأ السمع والطاعة.. كيف استخدمت الجماعة الإرهابية سلاح الفتوى لتبرير الدم؟ وتابع: «يمكننا أن نلاحظ بين الدعوة والدولة أن هذه الفترة تُظهر تحول الجماعة من خطاب المظلومية إلى ممارسة السلطة، ومعها تَعرّى التناقض العميق بين الشعارات الديمقراطية والممارسات السلطوية، إذ أثبتت الجماعة أن الدين لم يكن سوى وسيلة للوصول، لا غاية للبناء». ◄ العنف بعد سقوط حكم الإخوان وأشار الدكتور محمد خفاجي إلى أنه بعد سقوط حكم الإخوان ساد العنف منهم خاصة خلال الفترة التى تلت السقوط مباشرة، متابعا: «نجدهم من السقوط السياسي إلى العمل التخريبي وهذا تطور في الإستراتيجية لا في العقيدة». وأكد أنه عند اعتصام رابعة لم يكن احتجاجاً بل تحصين مسلح، وبعد عزل محمد مرسي، نظّمت الجماعة اعتصامًا في ميدان رابعة العدوية. ووفقًا للتقارير والشهادات الميدانية لم يكن الاعتصام سلميًّا بالمطلق، إذ تخلله وجود أسلحة بيضاء ونارية، وخطب تحريضية تهدد الدولة والمجتمع. وتم إنشاء حواجز ومتاريس، ومنصات إعلامية تدعو إلى إسقاط النظام بالقوة. وكان الخطاب مزدوجًا: خارجيًّا يتحدث عن «السلمية»، وداخليًّا يُعدّ الأنصار ل«الجهاد» و«الشهادة». ◄ تكوين اللجان النوعية الإخوانية بداية الإرهاب المنظم وأكد الدكتور محمد خفاجي أن تكوين اللجان النوعية الإخوانية بداية الإرهاب المنظم، وتفصيل ذلك أنه في أعقاب فض الاعتصام، أعلنت الجماعة عن انطلاق مرحلة «المقاومة»، وهو مصطلح استخدم للتغطية على عمليات مسلحة تخريبية. وتم إنشاء ما يسمى ب«اللجان النوعية»، وهي خلايا سرّية نفذت تفجيرات ضد أبراج كهرباء، ومراكز شرطة، وقضت على حياة عدد من رجال الأمن. وكشف عن أن هذه اللجان النوعية الإخوانية لم تكن عشوائية، بل مرتبطة تنظيميًّا بقيادات هاربة خارج مصر، في تركيا وقطر. واعتمدت الجماعة على أدبيات سيد قطب ومفاهيم مثل «الطاغوت» و«دار الحرب» لتبرير قتل رجال الجيش والشرطة الأبرياء البواسل الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن. ◄ التحالف مع التنظيمات الإرهابية وأوضح أن هناك أدلة ظهرت على تنسيق بين عناصر من الإخوان وتنظيمات تكفيرية في سيناء وليبيا. وتحولت سيناء إلى بؤرة للعنف، نفذ فيها تنظيم «أنصار بيت المقدس» - الذي بايع داعش لاحقًا - عمليات ضد الجيش المصري. وأظهرت بعض التحقيقات الأمنية أن الدعم اللوجستي والمعلوماتي كان يتم من خلال قنوات جماعة الإخوان، التي استخدمت غطاءها الإعلامي «قنوات الخارج» في الترويج لتلك العمليات بوصفها «مقاومة مشروعة». ◄ شبكة إعلامية موجهة والتحريض من الخارج واختتم الدكتور محمد خفاجي: «أنشأت الجماعة شبكة إعلامية موجهة من إسطنبول ولندن، لعبت دورًا أساسيًّا في التحريض على الدولة المصرية. من خلال قنوات مثل مكملين، الشرق، وطن، استخدمت الجماعة وسائل الإعلام لبث الأكاذيب، والتشكيك في مؤسسات الدولة، ودعوة الشباب للتظاهر والعنف. وروجت خطابًا دينيًّا يبرر «الخروج على الحاكم»، وفسّرت النصوص الشرعية على هوى السياسة». وتابع: «وهكذا خلال هذه المرحلة، انتقلت الجماعة من خطاب الدولة إلى خطاب الهدم. وقد دلّ هذا التحول على غياب المشروع الوطني، وترسخ عقيدة «الاستحواذ أو الفوضى». وبدل أن تراجع الجماعة أخطاءها، اختارت طريق التصعيد والعنف، مدفوعة بوهم «العودة القريبة».