أسفرت أعمال حفائر البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار برئاسة عالم المصريات د. مصطفى وزيري ود. محمد الصعيدي مدير البعثة ود. محمد يوسف عويان مدير موقع الحفائر في الحافة الصخرية لمنطقة جنوب موقع البوباستيون عن العثور على كميات كبيرة من القرابين النذرية المُقدمة للإلهة باستت رمز القطة، فضلاً عن مئات التوابيت الخشبية المحفوظة جيدًا والتى شكلت على الشكل الآدمي والموجودة داخل حجرات دفن لآبار مقطوعة في الصخر على أعماق متفاوتة من 12-14متر. اقرأ أيضا | المتحف المصري الكبير.. صرح عالمي يسرد تاريخ الحضارة المصرية كما كشفت البعثة عن ورش كانت تتم فيها التحنيط. ويُحتمل أن يكون صاحب المقبرة المُكتشفة حديثًا قد عمل في مثل هذا المكان. الأمطار أرشدت عن الكنز كان موقع الكشف قد شهد هطول أمطار غريزة وذلك خلال شهري مارس وأكتوبر من عام 2022 حيث خلفت المياه شقوق عميقة في الرمال التي تغطي الحافة الصخرية والتي تبعد حوالي 500 متر جنوب البوباستيون حيث جرفت المياه الرمال وكشفت عن جزء من واجهة الصخر وهى مستوية نسبياً مما أثار حفيظة فريق العمل بامكانية وجود مقبرة صخرية فى هذا الموقع، بمراجعة المصادر لم يذكر أي معلومات عن وجود مقبرة في تلك المنطقة حيث لم يتم العمل فيها اطلاقا ويعتبر هذا كشفا جديدا. وقد تم العمل في الموقع لمنع أية أضرار مستقبلية محتملة بسبب الأمطار، حيث قررت البعثة استكشاف المقبرة بشكل مبدئي وإجراء أعمال الترميم الضرورية. موقع المقبرة تقع المقبرة المكتشفة حديثًا شمال مقبرة باكن رنف، وزير الملك بسماتيك الأول "حوالي 664-610 قبل الميلاد" من الأسرة السادسة والعشرين، والمعروفة بجدرانها المزخرفة بالنقوش البارزة مع مشاهد من كتاب الموتى والأمى دوات. تمكن لبسيوس عام1840 من الوصول إلى مقبرة ايرعاحور (LS 23) القريبة، وهو موظف في بلاط الملك نخاو الثاني (حوالي 610-595 قبل الميلاد). وواصلت بعثة إيطالية بقيادة إيدا بريشياني البحث في المقابر خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين. كما قام الفريق الإيطالي بحفر مقبرة باشيري (BN 12) التي تعود إلى العصر المتأخر (حوالي 722-332 قبل الميلاد)، وتقع شمال مقبرة باكن رنف. مقبرة باكن حوري كانت البعثة الأثرية المصرية قد بدأت أعمال التنقيب في المنطقة الواقعة شمال مقبرة باشيري في أواخر نوفمبر 2022. وبعد أيام قليلة، عُثر على كتل حجرية فى الرمال بعضها يحمل اسم صاحب المقبرة وهو باكن حوري (باك-ن-حري)، أي "خادم حورس". مكونات المقبرة تتكون المقبرة من فناء مفتوح يتوسطه عمودان مربعان، الشمالي كامل والجنوبي مكسور إلى قطعتين وكل منهما عليه نقوش لعمود الجد "وهي سمة شائعة في مقابر الرعامسة في جبانة منف والتى تمثل الإستقرار ويعلو كل منهما طائر "ال با"، وهو تمثيل للروح البشرية" يقارن تصميم العمودين بشكل استثنائي مع تصميم مقبرة نمتى مس، كبير أمناء منف والرسول الملكي لرمسيس الثاني والذى يقع قبره في الحافة الجنوبية للبوباستيون، كما زُين الجانبان الشرقيان بأعمدة "جد" منحوتة على كلا العمودين، وقد تم الكشف عنه بواسطة البعثة الفرنسية بقيادة آلان زيفي عام 1996) ونصوص دينية ونقش لصاحب المقبرة واقفا في وضع تعبدي وإلى اليسار من الفناء توجد مقصورة صغيرة من الحجر الجيرى عليها نقوش ومناظر للبقرة حتحور ويظهر أفريز الخكر وهو عنصر زخرفي يكون الإطار العلوي للنقش الفناء مفتوح يبلغ طوله حوالي 3.5 متر من الشمال إلى الجنوب ومترين من الشرق إلى الغرب وكلا الجدارين الشمالى والجنوبى بارتفاع 160 سم ويعلوه إفريز الخكر ويحملان نقوشا لصاحب المقبرة صاحب المقبرة جالسًا إلى جانب زوجته، "تاي-باكيت"، أمام مائدة قرابين، متجهًا نحو الشرق وقد نُقش فوقهم نصوص من الكتابة الهيروغليفية بشكل رأسي. البقرة حتحور شُكِّلت الواجهة الرأسية للمقبرة عن طريق قطع الواجهة الشرقية للمقبرة فى الصخر وفي وسط الجدار الغربي للفناء حيث يوجد مدخل يعلوه عتب منقوش، ويعلوه الكورنيش المصرى. وعلى جانبي الباب نقش ل باكن حوري، واقفًا ممسكًا بعصاه وتتبعه زوجته، متجهين نحو المدخل. يبلغ عرض المدخل 80 سم وعمقه 30 سم، ويؤدي إلى صالة منحوتة في الصخر ذات أعمدة، يبلغ عرضها 3 أمتار، وارتفاعها 2.2 متر. تم الكشف عنها جزئيا بعمق مترين فقط، وكان مليئة بطبقة كثيفة من الرمال المختلطة بكسرات من الحجر الجيري. تحتوي جدران الغرفة على زخارف بارزة محفورة في الصخر الطبيعي كما تحمل الوجوه الشرقية للعمودين نحت لعمود "جد" يعلوه رأس البقرة حتحور والتى تحمل قرص الشمس بين قرنيها. تحمل جوانب العمودين نفسهما نقشا لصاحب المقبرة واقفًا ويداه مرفوعتان في وضع تعبدى. "يتطابق أسلوب النقش تمامًا مع تلك النقوش الموجودة على اعمدة مقبرة "نمتى مس" القريبة من الموقع أيضا. الزاوية الجنوبيةالشرقية من صالة الأعمدة بها نفق صغير ضيق حفره اللصوص في العصور القديمة يؤدي إلى صالة أعمدة لمقبرة مجاورة حيث يرى عمود جد منقوش ملقى على الأرض ولا يزال الموقع في حاجة إلى مزيد من الاستكشافات في تلك المقبرة. صاحب المقبرة أسفر البحث على أن مقبرة باكن حورى لم تكن معروفة من قبل ولم يتم ذكرها في المصادر القديمة مما يدل على أنها كشف أثري جديد لم يتم حفره من قبل، ولا يُعرف هويته من مصادر أخرى. كما يتطلب الأمر استكمال الحفائر لمعرفة التخطيط المعماري للمقبرة ودراسة النقوش والنصوص لرسم صورة أوضح ل "باكن حوري" ، بالمقارنة بأعمدة "الجد" لمقبرة نمتى مس، الذي ورد اسمه في معاهدة الكرنك للسلام بين مصر والحيثيين، والتي وُقِّعت في السنة الحادية والعشرين من حكم رمسيس الثاني (حوالي 1279-1213 قبل الميلاد). تُرجِّح الأدلة القديمة تاريخ مقبرة باكن حوري في فترة لاحقة من حكم الملك رمسيس الثانى. يُرجَّح أن يعود تاريخ مقبرة باكن حوري إلى النصف الثاني من حكم رمسيس الثاني. ألقاب باكن حوري تسجل نقوش المقبرة الألقاب التي كان يحملها باكن حوري وهى: "الكاتب الملكي الحقيقي "الذي يحبه"، الذي أثنى عليه الإله الكامل كثيرًا، ومشرف كهنة الواب، والكاهن القارئ، ورئيس ورشة التحنيط (pr-nfr) الموجودة في المكان المقدس (s.t Dsr.t). ومن الملاحظ أن البعثة المصرية العاملة في الحافة الصخرية الجنوبية للبوباستيون قد كشفت عن ورش تحنيط. وفي حين أن التاريخ الدقيق لهذه المقبرة مازال يخضع لمزيد من الدراسة. زوجة صاحب المقبرة تجدر الإشارة إلى أن باكن حوري قد دُفن بالقرب من المكان الذي عمل فيه خلال حياته. وتكشف نصوص المقبرة والصور أيضًا أن باكن حوري كانت لديه زوجة تدعى تاي باكيت. كانت تحمل لقب مغنية آمون رع "الذي في الجزيرة" (Hr.y-ib pA iw). حماية المقبرة يذكر أن فريق الترميم بسقارة قام بمعالجة العناصر المعمارية المختلفة، مثل أعمدة " الجد" داخل الجزء الصخري من المقبرة. وبعد هذه الإجراءات، أُعيد ردم المقبرة بالرمال لحمايتها من العوامل الجوية. وقد توقف العمل مبدئيا فى المقبرة ولم يتم استكمال الوصول إلى بئر الدفن بعد كما لم يتم حفر المقبرة كلية للوصول إلى التخطيط المعماري الخاص بها وكذلك حجرة الدفن النقوش والنصوص التي تغطي جدران المقبرة لتحليل أدق في المستقبل على أن يتم عمل مشروع متكامل لحفر المقبرة في القريب العاجل . يذكر أن من أفضل المقابر المحفوظة بالموقع والتى كشفت عنها البعثة مقبرة "واح تي"، التي يعود تاريخها إلى عهد الأسرة الخامسة عصر الملك نفر إير كارع "حوالي 2415-2401 قبل الميلاد". منطقة البوباستيون يذكر أن "البوباستيون هوم عبد للقطة باستت والتى عبدت بالموقع ابتداءاً من عصر الأسرة 26 وحتى العصر اليوناني الروماني" والمنطقة المجاورة له جنوبًا حيث كان الحافة الصخرية في السابق جزءًا من مجمع معابد ضخم مُخصص للإلهة باستيت، بالاضافة وجود معابد أخرى منها معبد أنوبيس "ابن اوي وهو يمثل اله التحنيط فى مصر القديمة" حيث تمثل تلك المعابد الفترات الأخيرة من التاريخ الفرعوني.