نعيش عصر العولمة بكل عيوبه، حيث لم تعد هناك دولة فى العالم بمنأى عما يحدث هنا أو هناك، فى داخل إقليمها، أو حتى خارجه، رأينا ذلك فى حرب أوكرانيا وروسيا التى لاتزال مشتعلة إلى يومنا هذا، وكانت ولا تزال تلقى بتداعياتها السلبية على سلاسل الإمدادات فى العالم، وفى الارتفاع الجنونى فى أسعار الحبوب، وهاهى إسرائيل تواصل عربدتها فى الإقليم لإعادة رسمه على هواها، وبدعم من أمريكا، استيقظ العالم فجر الجمعة الماضية على ضربتها الموجعة لإيران التى أفقدتها القدرة، وأصابتها بالشلل التام، من الواضح أن اسرائيل رتبت أوراقها وأعدت عدتها جيدًا، اعتبارًا من اليوم الذى أخرجت فيه كامل قدرات الجيش السورى من المعادلة، واستباحت سماءه وسماء العراق الذى لم يستعد عافيته بعد وعبرهما، وجه سلاح الجو الإسرائيلى ضربته، وقبل هذا وذاك أعدت اسرائيل عدتها بالعمل الاستخباراتى على الأرض فى الداخل الإيرانى، وراحت تصطاد تسعة من علماء المشروع النووى الإيرانى مثل العصافير، وفى الدقائق الأولى للعملية أسقطت قرابة 20 من كبار قادة الجيش الإيرانى. للاسف شظايا المعركة طالت كل دول المنطقة بلا استثناء، بل امتد تأثيرها ليطال العالم كله، فقفزت أسعار البترول، مع الساعات الأولى بسبب قلاقل تتعلق بخروج حصة النفط الإيرانى، ووضع مضيق هرمز الذى قد تغلقه إيران كورقة ضغط، ويمر عبره 20% من نفط العالم و25% من ناقلات الغاز، كما ارتفعت أسعار الذهب ارتفاعات قياسية، ومثلها مثل بقية دول المنطقة، سوف تتأثر مصر، وأول تأثير سلبى مباشر كان فى تأجيل افتتاح متحف مصر الكبير، الذى كنا فى أمس الحاجة لافتتاحه، لانشغال قادة العالم بالحرب، ولأن أغلب مطارات المنطقة قد أغلقت بسبب أجواء الحرب، والأمر مرشح للتصعيد. ما يهمنا بالدرجة الأولى أن تتوقف هذه الحرب المسعورة سريعًا، والعودة الى طاولة المفاوضات، وأن تتخلى إسرائيل عن مشروعها النووى تمامًا كما يطالب العالم إيران بعدم الوصول الى العتبة النووية. نهاية هذه الحرب مرهونة بتحقيق نتائجها من وجهة نظر إسرائيل وهى: أولًا القضاء على كامل القدرات النووية لإيران، وجعلها تعود إلى الوراء عشرات السنين، ثانيًا القضاء على القدرات العسكرية الإيرانية وتحديدًا الصواريخ البالستية ومعها المسيرات، وفتحت النتائج الإيجابية غير المتوقعة للهجمات العسكرية، شهية نتنياهو لوضع شرط ثالث يتمثل فى إسقاط النظام الإيرانى برمته .