انطلاقًا من مسئوليتها السياسية كدولة رائدة فى الإقليم ودورها التاريخى فى مساندة ودعم القضية الفلسطينية وما بذلته فى سبيل ذلك على مدار عقود من جهد ومال ودماء، انبرت مصر فور اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية فى غزة للدفاع عن حقوق أشقائها الفلسطينيين والذود عنهم بكل ما تملكه من أدوات سياسية وثقل إقليمى ودولى، فكانت أول من تحرك فى اتجاه تدويل القضية وتحميل المجتمع الدولى مسئولياته تجاه ما يحدث. وقد كان الموقف المصرى الراسخ الذى سجّله الرئيس السيسى فور اندلاع الأحداث هو حائط الصد أمام مخططات الاحتلال الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين قسراً وتصفية القضية الفلسطينية على حساب السيادة المصرية. ورغم الضغوط التى حاول البعض ممارستها تمكنت مصر من ترسيخ موقفها وإقناع الأطراف الدولية بعدالة المطالب الفلسطينية وأهمية فرض حل الدولتين كوسيلة وحيدة لتحقيق السلام والأمن المنشود لإسرائيل والمنطقة. وتنوعت المواقف التى اتخذتها مصر لنصرة غزة ما بين الدعم السياسى من خلال عقد المؤتمرات والقمم والسعى الدبلوماسى من خلال لقاءات ورحلات مكوكية مع عشرات الزعماء والمسئولين ، والمساعدات الإنسانية التى تمثلت فى إدخال مصر أكثر من 87% من إجمالى المساعدات التى دخلت القطاع المنكوب رغم تأثرها الاقتصادى الجسيم بمجريات الحرب. اقرأ أيضًا | الرئيس السيسي وماكرون يناقشان الأوضاع الإقليمية والتصعيد العسكري خلال اتصال هاتفي كما قادت مصر بشراكة قطرية - أمريكية جهود إقرار هدنة أسفرت عن الإفراج عن 50 من المحتجزين فى غزة مقابل 150 أسيرًا فلسطينيًا محتجزين فى إسرائيل.. وقدمت أكثر من مقترح للهدنة وتبادل الأسرى لاقى قبولًا وإشادة من أطراف دولية عديدة. وقادت القاهرة مفاوضات مكوكية بمشاركة وفود من حماس وإسرائيل لإقرار الاتفاق ووقف نزيف الحرب.. ورغم التعنت الإسرائيلى، ما زالت القاهرة تواصل جهودها لكسر الفجوات التى تعوق التنفيذ وتواصل اتصالاتها المكثفة مع كافة الأطراف الإقليمية والعربية والدولية، وهو يؤكد على أهمية الدور الذى تلعبه مصر والذى لا يمكن إيجاد بديل له أو المزايدة عليه. وكان أبرز المواقف التى اتخذتها مصر ما قامت به لحشد موقف دولى موحد ضد خطة الاستيلاء على قطاع غزة بعد تهجير سكانه قسراً، مستفيدة من ثقل دورها الإقليمى والعلاقات الجيدة التى تربطها بكل القوى المؤثرة فى العالم، وذلك انطلاقاً من إيمان مصر بدور المجتمع الدولى الفاعل والضاغط، ورغبتها فى تحميل المجتمع الدولى مسئولياته. ومن خلال جهود تشمل لقاءات وزيارات واتصالات أجرتها على أعلى المستويات استطاعت بلورة موقف دولى واضح داعم لرؤيتها الخاصة بمنع التهجير وطرح حل الدولتين. آخر هذه الجهود كان تأكيد الرئيس السيسى خلال اتصال هاتفى مع المستشار الألمانى فريدريش ميرتس ضرورة الضغط لوقف العمليات العسكرية فى غزة فوراً وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وتأكيده على الرفض التام «لمخططات تهجير الفلسطينيين»، مشيراً إلى أهمية توسيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما يتفق مع حل الدولتين. وقبلها بأيام أكدت مصر وإسبانيا خلال اتصال هاتفى بين الرئيس السيسى، ورئيس الوزراء الإسبانى، بيدرو سانشيز رفضهما القاطع لاستمرار العدوان الإسرائيلى على غزة، وضرورة العمل على حشد الدعم لخطة إعمار القطاع من دون تهجير سكانه وإنفاذ المساعدات الإنسانية. وقبلهم كانت الزيارة الناجحة التى نظمتها مصر للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وشملت جولة بالعريش تحدث خلالها عن ضرورة استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة المحاصر، مؤكداً دعمه للخطة المصرية لإعادة إعمار غزة. تأكيد مصر لمواقفها ومحاولتها لحشد الرأى العام الدولى تكررت فى أكثر من مناسبة ومع أكثر من زعيم ورئيس من بينهم رئيس قبرص نيكوس خريستودوليدس، الذى قال خلال زيارة لمصر إن الرئيس السيسى قاد جهودًا دبلوماسية بارزة لوقف إطلاق النار واحتواء التصعيد فى غزة، وأن قبرص تدعم بقوة هذه المساعى. وفى زيارة ممثلة أعرب رئيس الكونجرس اليهودى العالمى «رونالد لاودر»، بعد لقائه الرئيس السيسى عن تقديره لجهود القاهرة لاستعادة الاستقرار فى المنطقة، مشدداً على أهمية البدء فى إعادة إعمار غزة دون تهجير. وأبدى تأييده لدور مصر الريادى فى تحقيق السلام وتطلعه للمقترح المصرى/ العربى بشأن غزة، ومشدداً على أن السلام سيتحقق من خلال حل الدولتين. وفى اتصال هاتفى أكد سكرتير عام الأممالمتحدة أنطونيو جوتيريش للرئيس السيسى ضرورة الإسراع فى بدء عمليات إعادة إعمار غزة، ورفض إخلاء القطاع. وأشاد بالجهود المصرية، مؤكدًا على أهمية دور مصر باعتبارها إحدى الركائز الداعمة فى تحقيق الاستقرار فى المنطقة. وخلال لقائهما على هامش أعمال «الدورة ال28 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المُتحدة الإطارية لتغير المناخ» بحث الرئيس السيسى مع جورجيا ميلونى، رئيسة وزراء إيطاليا، تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، حيث تقدمت رئيسة الوزراء الإيطالية بالشكر إلى مصر على دورها الرائد فى دفع جهود السلام فى المنطقة. رئيسة وزراء الدنمارك عبرت عن موقفها فى اتصال مع الرئيس السيسى. وفى اتصال هاتفى أيضاً أشاد رئيس الوزراء الماليزى أنور إبراهيم. للرئيس السيسى بالجهود المصرية الحثيثة لدعم الأشقاء الفلسطينيين ولحقن الدماء واستعادة الهدوء. البابا الراحل فرنسيس بابا الفاتيكان أيضاً أشاد بالدور المصرى المحورى بقيادة الرئيس السيسى تجاه الأزمة الفلسطينية، كما أشاد بالتزام الدولة المصرية بتقديم المساعدات الإنسانية وتوفير الرعاية الصحية لأهالى غزة، داعياً دول العالم لمشاركة مصر فى التخفيف من آثار الأحداث التى يتعرض لها آلاف الأطفال الأبرياء.