بعد أن هدأت العاصفة، ورفع المندوب الأمريكى يده فى مجلس الأمن، مستخدمًا الفيتو لإسقاط مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار فى غزة. مشهد مكرر لا يدهش من يعرف أن أمريكا، لعقود، كانت الراعى الأول لدولة الإرهاب وذلك عندما يخدم مصالحها، خصوصًا ضد الشعوب المستضعفة. البيت الأبيض حاول الترويج لتوتر مزعوم مع نتنياهو، لكن الحقيقة أن واشنطن تدير هذه الحرب مع «إسرائيل»، وتغذيها سياسيًا وعسكريًا، بدعم مباشر وتواطؤ إقليمى. الخلل الحقيقى لا يكمن فى واشنطن وحدها، بل فى أنظمة عربية تدّعى «الضغط على أمريكا»، بينما تضخ تريليونات فى اقتصادها، وتغض الطرف عن المجازر، بل وتخشى انتصار المقاومة أكثر مما تخشى الاحتلال ذاته. العديد من هذه الأنظمة لا تريد هزيمة الاحتلال، بل تفضل بقاء القضية معلّقة، تُدار من خلف الكواليس، باعتبار أن تجميدها يحفظ لها سلطتها ومصالحها. الخشية الكبرى ليست فقط من زوال الاحتلال، بل من أن يقود انتصار المقاومة إلى نموذج حكم ديمقراطى ناجح، يفضح استبداد هذه الأنظمة ويفكك سردياتها المهترئة. الدعم العربى «لإسرائيل» لا يقتصر على التطبيع، بل يشمل تنسيقًا أمنيًا يخنق أى مشروع مقاوم، ويمنح العدو غطاءً إقليميًا. إن الخوف الحقيقى هو من ميلاد مشروع جديد فى المنطقة، ديمقراطى، تعددى، وحضارى، يكون خارج سيطرة أنظمة الهيمنة. مشروع ينبع من إرادة الشعوب لا من إرادة العروش. حينها، ستخفت أضواء الزعامة المصطنعة، وتتهاوى أنظمة خواء، ويظهر جيل يقود مشروعًا حرًا... لا يستأذن أحدًا.