لم أشارك أدباء وكتاب مصر فى التعبير عن مشاعر الرفض لإغلاق العديد من بيوت الثقافة، بل لم أحتمل حتى متابعة منشوراتهم التى تحولت إلى صرخات استغاثة، لكنى واظبت خلال الفترة الماضية على تناول جرعة إضافية من الأنسولين، وحافظت على مواعيد دواء القلب، تجنبًا لجلطة مفاجئة أو غيبوبة سكر نتيجة الانفعال الزائد. هناك!.. فى نقادة، قبل 25 عامًا، حين كانت الاتصالات «عزيزة»، كان الروائى الطيب أديب يبحث ويفتش وينقب فى قرى المركز ونجوعه ال20 عن الموهوبين ليضمهم إلى بيت ثقافة نقادة (غرفتين وصالة بالدور الأرضى مؤجرتين من المجلس المحلى) ويمنحهم عضوية جماعة إشراقة الأدبية ويصدر كتابًا يدفع به إلى الصحف والمجلات فى القاهرة أملاً فى نشر أشعارهم وقصصهم. كنت واحدًا من هؤلاء الذين التقطهم «أديب»، ومن خلاله تعرفت على الشقيقين: أيمن ومحمد حسين، وحمدى عمارة، ودسوقى الخطارى، ومهنى موسى، وحسام الدين حمادة، وفتحى حمد الله، وغيرهم من المبدعين، كما عرَّفتهم بصديقى محيى الدين الحمدانى. اختلطنا اختلاط الإخوة، وأصبحنا كالأهل، نتبادل الزيارات فى البيوت، ونقتسم الطعام، وننفق على إصدارات «إشراقة» من مالنا الخاص. مضت السنوات، وتحقق الحلم، وصار لبيت الثقافة «نادى أدب» أدبى، ما زلت أحد أعضائه. وهنا!.. فى القاهرة، قبل أسبوع، اتصلت بالصديق وائل الأسمنتى، رئيس نادى أدب نقادة، أسأله إن كان قرار الإغلاق سيشمل بيت ثقافة نقادة؟، وبمجرد أن قال «لا»، انزاحت الجبال من على صدرى ، وفرحت كما فرح الشيخ حسونة (يحيى شاهين فى فيلم الأرض) حين علم أن السكة الزراعية لن تمر بأرضه! وكل «أضحى» وأنتم بخير.