لاحظ الاحتلال أن الحركة لا تزال متمسكة بمنطقة المخيمات المركزية فى النصيرات والمغازى والبريج ودير البلح على غرار حكاية مستر إكس الذى لا يموت أبدًا تتحول حكايات الأخوين «السنوار» إلى ما يشبه الأسطورة. لكن هذه المرة ليس الفلسطينيون هم الذين يروون الأسطورة، بل العدو المحتل. عشرة أيام تقريبًا امتلأت بالشائعات والأنباء المتضاربة عن نجاح الاحتلال الإسرائيلى فى استهداف محمد السنوار شقيق زعيم حركة حماس الشهيد يحيى السنوار وخليفته فى قيادة الحركة، بعدها أكدت مصادر الاحتلال صحة الأنباء عن استشهاد محمد السنوار فى 15 مايو الجارى. المفاجأة أن الاحتلال لم يلحظ أى تغير فى ممارسات حركة حماس، مع أن الظن كان قد ساد بأن التخلص من الأخوين السنوار يعد نجاحًا تكتيكيًا مبهرًا من شأنه أن يحيد الحركة ويخضعها. وقد لاحظ الاحتلال أن الحركة لا تزال متمسكة بمنطقة المخيمات المركزية فى النصيرات والمغازى والبريج ودير البلح. ولا يزال لها مقاتلون فى مدينة غزة، كما أن لها سيطرة محدودة على أجزاء أخرى من غزة. على عكس الظنون والتقديرات الإسرائيلية تبين أن حركة حماس رغم أنها فقدت سلسلة قيادتها بأكملها فى غزة، لكنها لاتزال تحتفظ بروحها القتالية. ففى كثير من الأحيان، قُتل قادة ألوية وكتائبها أكثر من مرة. وحلّت محلهم قيادات أخرى، فقُتلوا مجددًا! ومنذ السابع من أكتوبر، لم يُقتل البديل فحسب، بل من خَلَفه أيضًا. حتى فى الماضى. كانت حماس تعود فى كل مرة بعد ضرباتٍ مُوجعة، مثل فقدان الشيخ أحمد ياسين فى غارة جوية إسرائيلية، وعبد العزيز الرنتيسى. محمود عبد الرءوف المبحوح عام 2010. وقد رحل عن الساحة عددٌ كبيرٌ من قادة حماس. خلايا التفكير فى إسرائيل توصلت إلى نتيجة مفادها أن السنوار ساعد فى بناء حماس وتحويلها إلى قوة الإبادة الجماعية التى كانت عليها فى السابع من أكتوبر، ومع ذلك، يبدو أن وفاة الأخوين تأتى وتذهب دون تغيير كبير فى سلوك المنظمة. فقد طُورد يحيى السنوار وقُتل فى تل السلطان قرب رفح فى أكتوبر 2024. كان وحيدًا عند مقتله، وتشتت بعضٌ من آخر رفاقه. مع ذلك، يبدو أن حماس غير مستعدة للاستسلام. إن ما يُثير حيرة الاحتلال فى هذه الانتصارات التكتيكية على قادة حماس فى غزة، أن إسرائيل تتمتع ببراعة فائقة فى مطاردة قادة حماس والقضاء عليهم. ومع ذلك، يبدو أن الاستراتيجية الأوسع لم تُحقق نجاحًا تكتيكيًا. هذا يعنى أنه مع فقدان حماس لقادتها، لا يبدو أنها تستسلم فعليًا، ولا يزال غياب الانهيار بين كوادر حماس فى المخيمات المركزية لافتًا للنظر. وعلى الرغم من أن ترسانتها مستنفدة، ولم يتبقَّ لها الكثير منها حسب تقديرات جيش الاحتلال إلا أنها مع ذلك، تحتجز 58 رهينة، ويبدو أنها لا تزال قادرة على التواصل مع قادتها فى الدوحة فيما يتعلق بصفقات الرهائن. لا يعتقد المستوى السياسى فى إسرائيل أن شروط حماس ستتغير، رغم خسائر قياداتها، هذا ما دفع قوات الاحتلال إلى محاولة تغيير الأوضاع على الأرض فى غزة. بالتُركيز على خطة «عربات جدعون» بالهجوم المُكثّف والاستيلاء على الأراضى، بدلاً من استراتيجية الغارات التى طبقها جيش الاحتلال عام 2024. ثمة يقين لدى الاحتلال أن حماس تريد نهاية الحرب. ومع ذلك، لا يبدو أنها على وشك الانهيار وبالتالى تفترض حماس أن كل ما عليها فعله هو الانتظار وستحافظ حينئذ على نوع من السيطرة. حينها، يمكنها إيجاد السنوار التالى ليحل محل من سبقوه.