لفت نظرى «فيديو» بثته إحدى المؤسسات الخيرية بالتواصل فى الشارع مع بعض النماذج.. شاهدته بالصدفة منذ أيام قلائل.. المذيع أو مقدم البرنامج الحوارى السريع التقى بأحد الشباب يعمل «ديلفيرى» موزع منتجات إحدى الشركات على العملاء فى المنازل وربما أماكن العمل.. هذا النموذج الرائع طالب فى كلية التجارة يعمل ليس ليساعد نفسه فقط وإنما يدخر بعض الأموال لأسرته الفقيرة.. يمشى فى اليوم عددا كبيرا من الكيلو مترات متنقلا بين الأحياء والشوارع والأماكن التى يوصل لها «الأوردرات» مقابل مبالغ مالية لم يحددها ولكنه يحمد الله عليها.. سأله المذيع ألا تستطيع أن تشترى دراجة تساعدك على التنقل خاصة فى أشهر الصيف الحارة.. وقد تصادف ارتفاع درجات الحرارة فى يوم إجراء المقابلة.. قال الشاب إنه يحتاج لادخار راتب عدة أشهر ليوفر أربعة آلاف ثمن الدراجة وأن ذلك يتطلب حرمان والديه من المبلغ الذى سيشترى به الدراجة ولهذا يفضل المشى على عدم البر بوالديه.. الغريب فى الأمر أن هذا الطالب المجتهد ليحصل على مؤهل عال تردد فى قبول المبلغ المقدم وهو عشرون ألف جنيه مفضلا منحها لأى شخص آخر ربما يكون فى أمس الحاجة إليه أكثر منه.. هذا النوع من الرجال.. وهذا هو التوصيف الحقيقى للحالة.. فليست الرجولة منظرة وإنما فعل وعمل وقدوة.. وهذا ما أردت تقديمه لشبابنا التائه ما بين العيش فى رغد الحياة تحت جناحى والديه وربما انساق أو انجرف للكثير من المخاطر بسبب التدليل الزائد وعدم تحمل المسئولية وما بين الخروج مع الأصدقاء وأغلبهم - بكل أسف- نماذج سيئة والسهر حتى وجه الصباح على النواصى وأمام المنازل بما يقدمونه من إزعاج بألفاظ بذيئة وخروج عن الأدب والتربية ويكون السكان فى حاجة للراحة فبينهم المرضى والمرتبطون بأعمال مبكرة. هذا الجيل افتقد القدوة والمثل العليا التى تبثها وسائل الإعلام التى تعلمناها وتربينا عليها عبر ميكروفون الإذاعة وشاشة التليفزيون بما يقدمانه من رؤى وتجارب ناجحة وكذلك الصحافة بما تنشره من موضوعات خاصة بالشباب والتى تهدف فى المقام الأول للتربية الصحيحة.. لقد اختلط الحابل بالنابل.. وأصبحت الدراما المصرية التى نشرت الثقافة واللهجة المصرية بين الشعوب العربية تقدم النماذج السيئة عن مدمنى المخدرات وسلوكيات شاذة على أنه واقع الحال فى بلدنا ونسوا أو تناسوا أن المساجد والكنائس مفتوحة 24 ساعة وأنا شخصيا أشاهد العديد من الشباب فى صفوف المسجد فى صلاة الفجر وأغلب الصلوات تقريبا.. وأتابع كل لحظة تقريبا.. نماذج على «الفيس بوك» من حفظة القرآن الكريم بجانب المسابقات الدينية التى تنظمها وزارة الأوقاف.. وتحدث د.مصطفى مدبولى رئيس الوزراء على التوجه إلى إعادة افتتاح الكتاتيب فى كل ربوع الوطن لإعادة الحياة إلى اللغة العربية التى اندثرت بسبب البعد عن قراءة القرآن ومن المؤسف أن تجد البعض يتندر على الفكرة وكأن الرجل تحدث عن شىء سلبى أو شاذ.. ما يمكننى التأكيد عليه أن شعبنا طيب وسهل جدا رجوع شبابه إلى رشده إذا وجد القدوة الصالحة والمناخ الاجتماعى الذى يرعاه من البداية ابتداء من المنزل مرورا بالمدرسة والجامعة وأماكن العمل حتى فى المهن التى يعمل بها الشباب غير المتعلم.. لأن الأرض خصبة ونبتها طيب إذا أعدت بالشكل السليم نأخذ من هذا الشباب أجمل ما فيه ونضيف إليه علما وأدبا ودينا وخلقا وعندها يمكن القول إن مستقبل هذا الوطن واعد وليس مشدودا إلى عالم مجهول بلا رؤية أو فكرة ولا مستقبل.. هذا هو الخطر الحقيقى الذى يجب الالتفات إليه وبسرعة قبل فوات الأوان.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد!!