ملعون هذا الطمع الذى يجتاح البشر ويبيد إنسانيتهم ويجعلهم يتقاتلون على ميراث من لا تزال على قيد الحياة ملعون هذا المال الذى يقطع الأرحام ويمزق أواصر عائلة محترمة يشار لها بالبنان. ملعون هذا الثراء الذى يكشف الستر عن هذه العائلة ويجعل سيرتها مضغة فى كل فم وعلى كل لسان. ملعون هذا الطمع الذى يجتاح البشر ويبيد إنسانيتهم ويجعلهم يتقاتلون على ميراث من لا تزال على قيد الحياة. ملعون هذا المال المكنوز فى مغارة على بابا الذى توجهت له الأنظار بعيون حاسدة وماكرة، مال معجون بالدم والجحود والنكران والفقد. هكذا مال قارون، لعل الذين تمنوا مكانه أو مكانها بالأمس يتعظون ويقولون ويُكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا. ست الستات ماما نوال التى ربت وعلمت نصف المجتمع القاهرى تقريبًا فى مدارسها وجامعتها، وخرجت أجيالًا من النخب فى كافة المجالات. ست الستات المثال الحى لسنة الله فى أرضه: «وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يُتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمُ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» «70 من سورة النحل» الآن بلغت أرذل العمر ويتخطفها هلافيت الغربان. يسلقونها بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ منهم من يحجر عليها ومنهم من يسيطر عليها ويحتبسها، ينهشونها بدلًا من أن يتوجوا رؤوسهم بها. لا يهمنى إن كانت مريضة شيخوخة أم لا، فالله تعالى وحده أعلم بحالها، ولا مَن من أحفادها الظالم ومن المظلوم، من الطيب ومن الشرير ولا إن كان حفيدها الراحل مؤخرًا مريضًا نفسيًا أم معافى، ولا إن كان مات منتحرًا أم مقتولًا مع كل العزاء لأسرته والدعاء بأن ينزل الله سكينته عليهم، مع ذلك فكل هذا فى رأيى حكايات ووقائع هى رهن التحقيقات وبين يدى السلطات المعنية، لكنهم عندى جميعًا مدانون مجرمون، لا أستثنى منهم أحدًا، اغتالهم الطمع وأعمى بصيرتهم فباتوا يتناوشون مع بعضهم البعض مع أن الخير كثير بل كثير جدًا. المصيبة أنهم جميعًا يرفلون فى هذا الخير الذى حصدته ماما نوال من مسيرة أكثر من نصف قرن من العمل والكفاح وشقاء السنين، وقد اسبغته عليهم جميعًا فهم كل من تبقى لها فى هذه الدنيا، بعدما رحل عنها رفيق العمر وفقدت فلذات كبدها وهى على قيد الحياة وهذا من أقسى ما يلاقيه الإنسان فى حياته. أما الأدهى والأمّر أن لا أحد من الأحفاد فقير أو محتاج وكلهم كما يقول المثل الدارج يعومون على بحر من الذهب، فماذا نقول عن الأشقاء الذين يتقاتلون على إرث لا يزيد عن آلاف الجنيهات أو من يقتل شقيقه أو والدته طمعًا فى بضع مئات منها؟ هؤلاء قد يرى البعض أن ضيق الرزق مبرر لجرائمهم فما هو عذر الأثرياء؟ الحقيقة أن تراجيديا سرقة مغارة كنز ماما نوال وتداعياتها المؤلمة تكشف عورة مجتمع، بَسطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ فَبَغَوْا فِى الْأَرْضِ. دعاء اللهم لا تجعل مصيبتنا فى ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. اللهم ارضّنا بما قسمت لنا، واجعلنا من القانعين، ولا تجعلنا من الساعين إلى ما لا خير فيه لنا.