الشاي الأخضر هو الحل السحري لفقدان الوزن، فكرة انتشرت لسنوات وأصبح هو السلاح للكثيرين ممن يرغبون في إنقاص الوزن الزائد، لكن يؤكد الدكتور عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، أن هذا الاعتقاد غير دقيق، ويعود في الأساس إلى حملات تسويقية استهدفت تضخيم دوره في "حرق الدهون"، بينما فوائده الحقيقية تكمن في جوانب صحية أخرى أكثر أهمية وتأثيرًا. الشاي الأخضر، رغم أنه مستخرج من نفس نبتة الشاي العادي، إلا أنه يختلف في طريقة تصنيعه؛ فهو لا يؤكسد مثل الشاي الأسود، بل يجفف سريعًا ويسخن بعد قطفه مباشرة، ما يساعده في الاحتفاظ بتركيبته الغنية بمضادات الأكسدة. وأهم هذه المضادات مركب "EGCG"، والذي يمثل ما بين 50 إلى 80% من فعالية مضادات الأكسدة في الشاي الأخضر، ويعمل على مقاومة الجذور الحرة التي تضر بالخلايا وتسرّع من عمليات الشيخوخة. تشير الدراسات إلى أن الشاي الأخضر يمكن أن يلعب دورًا في الحماية من بعض الأورام السرطانية، خاصة تلك التي تصيب المعدة، القولون، الكبد، الثدي والبروستاتا، حيث يعتقد أنه يبطئ من انقسام الخلايا السرطانية ويحد من انتشارها، كما يحتوي الشاي الأخضر على الكافيين ولكن بنسبة أقل بكثير من القهوة، حيث تعادل الكمية الموجودة في كوب واحد منه حوالي ثلث الكمية الموجودة في كوب قهوة، مما يتيح تنشيط الجهاز العصبي المركزي وتحفيز إفراز مادتي النورأدرينالين والدوبامين، وهما المسؤولتان عن تحسين التركيز والانتباه. ولعل ما يميز الشاي الأخضر أكثر هو احتواؤه على حمض "ال-ثيانين"، الذي يعزز الاسترخاء العقلي ويوازن تأثير الكافيين، ما يمنح حالة من "الانتباه الهادئ" التي تجمع بين اليقظة والهدوء، كما يعرف عن هذا الحمض أنه يزيد من نشاط موجات ألفا في الدماغ، وهي مرتبطة بتحسين المزاج وتقليل التوتر. أما على مستوى القلب والأوعية الدموية، فإن الشاي الأخضر يساعد على منع أكسدة الكوليسترول الضار (LDL)، مما يقلل من تراكمه في الشرايين، وأظهرت دراسات أن تناول ثلاثة أكواب من الشاي الأخضر يوميًا يمكن أن يساهم في خفض خطر الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية، وذلك من خلال دوره في تنظيم ضغط الدم. ولا تتوقف فوائده عند هذا الحد، فقد ثبت أن الشاي الأخضر يعزز من وظائف الدماغ على المدى الطويل، ويقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل الزهايمر وباركنسون، حيث يتمكن من اختراق الحاجز الدموي الدماغي ويمنع تراكم البروتينات السامة التي تؤدي إلى تلف الخلايا العصبية، مثل بروتين "بيتا أميلويد". ويعد الشاي الأخضر أيضا وسيلة ممتازة للحفاظ على صحة الفم، إذ يعمل كمطهر طبيعي بفضل قدرته على قتل البكتيريا الضارة، كما يمنع التصاق هذه البكتيريا بسطح الأسنان وبالتالي يحد من تكوّن "البلاك"، وهي الطبقة التي تتسبب في التسوس، ويمكن استخدامه كغسول طبيعي للفم، بعد تبريده، خاصة لدى من يعانون من اللثة الحساسة أو التهابات مزمنة. لكن، ورغم كل هذه الفوائد، فإن المفاجأة تكمن في حقيقة دوره في تعزيز معدل الحرق، وقد كشفت دراسة منشورة في مجلة أمريكية أن شرب الشاي الأخضر زاد من معدل استهلاك الطاقة اليومية بنسبة 4% فقط، وهي نسبة ضئيلة لا تبرر الهالة الكبيرة المحيطة به كمشروب "تنحيف". أما عن الأضرار، فهي لا تظهر إلا في حالات الإفراط، وخصوصًا عند استهلاكه على هيئة مكملات، فتناول كميات كبيرة منه قد يؤدي إلى القلق والتوتر، كما يمكن أن يسبب ارتجاعًا في المريء إذا تم تناوله بكثرة على معدة فارغة، كما يقلل من امتصاص الحديد النباتي (مثل الموجود في الفول والعدس)، ما ينصح معه بتجنب تناوله أثناء الوجبات، خاصة لمرضى الأنيميا. وفي حال الإكثار من تناوله كمكمل، فقد يتسبب في تأثيرات سلبية على الكبد، لكن استهلاكه كمشروب طبيعي باعتدال يعد آمنًا تمامًا. وفيما يتعلق بالاختيار السليم للشاي الأخضر، يُفضل شراء الأنواع النقية الخالية من الإضافات الصناعية أو السكر، وقراءة المكونات بعناية، كما يُنصح باستخدام الشاي السائب بدلًا من الأكياس، لأنه يكون أنقى وأغنى بالفوائد. ولتحضير كوب مثالي، لا يجب غلي الماء، بل يستخدم عند درجة حرارة حوالي 80 مئوية، مع نقع الشاي لمدة تتراوح بين دقيقة إلى ثلاث دقائق فقط لتجنب الطعم المر، ويمكن تحسين مذاقه وفائدته بإضافة الليمون أو النعناع