ما يجرى فى غزة حالياً من غزو برى لشمال وجنوب القطاع مأساة لن يغفرها التاريخ، وهى سرقة فى وضح النهار، لمصير شعب يعانى منذ أكثر من سبعين عاماً ويلات وجرائم الاحتلال. عملية عربات جدعون التى ينفذها الاحتلال فى غزة حالياً بإصرار منقطع النظير، بدعم ومباركة أمريكية كاملة، يتم تغطيتها بخلاف ظاهرى للتمويه والمباغتة، وافتعال أحداث وموائد مباحثات، سرعان ما ينسفها نتنياهو وأعوانه تحت مبرر أمن إسرائيل. يجب على العالم أجمع أن ينتبه لتدابير أحيكت بليل، وليست وليدة اللحظة أو الظرف، عبر تفكير عصابى ممنهج، مثل من يفتعل حريقاً ضخماً فى كومة هيش خارج نطاق قرية، بهدف سرقة القرية بالكامل، وتصفية قضيتها للأبد. تفاءلنا خيراً باقتراب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار طويل الأمد فى غزة، وزاد التفاؤل وارتفع سقفه مع هدية حماس لترامب بالإفراج عن المحتجز الإسرائيلى الأمريكى عيدان ألكسندر، لكن حكومة الاحتلال التى لا عهود لها ولا وعود ترصد مكان التسليم فى موقع أسفل المستشفى الأوروبى بغزة، وتسويته بالأرض، فى غارات مدمرة لتقتل محمد السنوار وعشرة من مساعديه، وتواصل العدوان ليصل أعداد الشهداء إلى 500 شهيد فى 3 أيام. هكذا، كلما بدت طاقة نور يطفئها الاحتلال بصلفه ومخططاته والدعم الأمريكى غير المحدود واللا مشروط، لتستمر إسرائيل فى عربدة المواثيق وغرور التوسع والاستيطان والتهجير القسرى لأصحاب الأرض. الوضع الإقليمى والدولى يشهد أعلى درجات السيولة والضبابية والتشابك والتعقيد، وعلينا كعرب الانتباه لعدم الانجرار لمعارك جانبية تفرق أكثر مما توحد مواقفنا، أو الانشغال بما وراء الصفقات التريليونية، فالهدف الأساسى تشتيت النظر عن القضية العربية المفصلية، وهى قضية فلسطين.. والقادم أصعب.. فهل نستفيق؟