حبا الله مصر بالأزهر الشريف الممتدة جذوره فى التاريخ من ألف وخمس وخمسين سنة، وعلى مدار هذه القرون وهو يبّصر العالم بالعلوم الإسلامية، وتخرج فيه علماء أجلاء يشار إليهم بالبنان، وعلى رأسه الآن العالم الجليل المتواضع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.. فكيف يكون عندنا مثل هذا الصرح - أقدم جامعة فى التاريخ - ومازال هناك من يريد أن تتعدد مصادر الفتوى، إلا إذا كان يتعمد أن يتسلل الشك ويعم التخبط بين المسلمين.. ومع تطور وسائل الاتصال والإعلام، أصبح كل من «هب ودب» يفتى بعلم وبدون علم فى المسائل الشخصية والعامة، فتعددت وتضاربت الفتوى فى الشأن الواحد، ولحسم هذا التضارب والجدل، وافق مجلس النواب على قانون «توحيد مصدر الفتوى» وجعلها مقصورة على لجان فتوى بوزارة الأوقاف وفقًا لشروط وضوابط تضعها هيئة كبار علماء الأزهر، وفى حال وجود تعارض فى الفتوى تكون المرجعية والرأى الأخير لهيئة كبار العلماء.. ونص المشروع صراحة أن باب الاجتهاد يظل مفتوحًا فى الدراسات والأبحاث. وأرى أن هذا القانون قد تأخر كثيرًا، فكيف يُفتى والأزهر فى مصر؟! المثير للدهشة أنه لم تمر 24 ساعة على صدور القانون إلا وخرج علينا الدكتور المثير للجدل دائمًا على احدى الفضائيات ليعترض على القانون، ويتهمه بأنه يغلق باب الاجتهاد، ويطالب بألا تقتصر الفتوى على من تحدده هيئة كبار العلماء!، وهذا ليس بمستغرب عليه فهو من نادى بمساواة الذكر والأنثى فى الميراث ناسفًا نصًا قرآنيًا واضحًا، وضاربًا عرض الحائط بالقاعدة الشرعية «لا اجتهاد مع نص». وطبعًا هذا الدكتور ظاهريًا لم يخالف القانون، لأنه لم يصدر فتوى على الهواء، ولكنه قام بفعل أكبر وهو التشكيك فى سلامة القانون، لأنه يريد أن تظل الساحة مفتوحة لفوضى الفتوى، بحجة أن من حق المتلقى أن يختار من بينها، وهذا يُخرب المجتمع لأنه يطلق العنان لصدور فتوى شاذة، تمامًا كالقراءات الشاذة للقرآن، فيجعل الشك يتسلل لقلوب السائلين، وكأنك تجيب عن سؤال بسؤال!. أمثال هذا الدكتور هم الذين يسيئون للأزهر وعلمائه، ولابد أن يتصدى الأزهر بنفسه لمثل هذا الدكتور، فالأزهر أولى بتقويم أساتذته.