أثار مشروع قانون تنظيم الفتوى المقدم من "عمرو حمروش" أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، غصب عدد كبير من السلفيين بعد موافقة اللجنة الدينية عليه، نظرًا لما ينصه القانون من تنظيم وتحجيم دور غير المختصين ومنعهم من صدور أية فتاوى، مؤكدين أن القانون نصوصه غامضة نظرا لما يحويه من نصوص غير عادلة قد تفرق بين عالم وآخر، فضلاً عن كونه مجزرة للعلماء الذين قضوا سنوات طويلة فى طلب العلم. وجاء نص المشروع فى مادته الأولى، بحظر أية صورة للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء المصرية، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقًا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون. وجاءت مادته الثانية، لتؤكد أن "للأئمة والوعاظ ومدرسي الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعظ والإرشاد الديني العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يٌعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة؛ والمادة الثالثة تقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام المصرح لهم من الجهات المذكورة فى المادة الأولى، ويعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة تكون العقوبة هي الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه". وقال "عمرو حمروش" أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن أخطر ما يواجه المجتمعات العربية والغربية هي الفتاوى التي تصدر بهدف أغراض سياسية وشخصية، وهو الأمر الذي كانت له أثار خطيرة على العالمين العربي والإسلامي، ومن دونهما مصر.. مؤكدًا أن مصر هي العروبة ولذلك ينبغي وأن يخرج كل تطور من مؤسساتها الذين يعدوا اكبر مؤسسات إسلامية فى العالم، مشيرًا إلى أن التطور الكبير للفتوى ترتب عليه كل تطرف وغلو وإرهاب، والتغلب عليه لابد وان يكون بمنع غير المختصين من الفتوى، وهذا لا يجوز إلا بقانون يحاكم كل من تسول له نفسه ويفتي فيما لا يعنيه، ونتيجة لهذا رأيت لا بد من التقدم بمثل هذا المشروع، وتابع "حمروش"، أن من يقوم بأعمال إجرامية لابد وأن يكون قد تلقى فتوى أو درسًا من غير ذي علم، ولهذا فقد يعالج القانون قضية معينة وهي "قضية تنظيم الفتوى العامة".. وقال"محمد مختار جمعة" وزير الأوقاف، إن هذا القانون يعد نقلة كبيرة فى ضبط شئون الفتوى فضلا على أنه يتسم بالاتزان الشديد وقابل للتطبيق على أرض الواقع، مؤكدًا أنه ينظم الحياة العامة والخاصة. فتاوى عامة وشاركه الرأي الدكتور "محمد الشحات الجندي" عضو مجمع البحوث الإسلامية، قائلاً: إن هذا القانون يعد تنظيمًا للفتوى العامة، أي الفتوى التي لديها مدلول وتحتاج لاجتهاد من العلماء، والتي سوف يكون لها معايير خاصة فى اللائحة التنفيذية للقانون، وهي تخص الشأن المجتمعي وتهم كافة الناس، والتي لابد أن تصدر من جهة مؤسسية، وليست الفتاوى الخاصة "كالزكاة، والوضوء، والصلاة، وغيرها من فتاوى خاصة وان هناك بعض الفتاوى كانت سببًا فى انقسام المجتمع. قانون غامض وعن الجانب الآخر قال "سامح عبد الحميد" القيادي السلفي: إن القانون فضفاض وغير مُحدد، لأنه يتكلم عن حظر التصدي للفتوى العامة، ولم يُوضح نطاق الفتوى العامة ما هي، وهل مثلا الكتابة على الحساب الشخصي فى الفيس بوك يُعد من الفتوى العامة..؟، وما هو الفرق الدقيق بين الرأي الفقهي والفتوى..؟، وما مدى ارتباط القانون بمناقشة المسائل الشرعية فى القنوات الفضائية..؟ وأضاف أن من الخطأ حصر الفتوى ومنعها إلا على جهات مُعينة ؛ لان ذلك به تعنت شديد على الشعب لأن الأغلبية العظمى من الناس لا يستطيعون التواصل مع الإدارات المذكورة فى نص القانون لأخذ الفتوى منهم، والصواب فى رأيي أن يتم فتح المجال للمتخصصين والمؤهلين من الأزهر وغير الأزهر؛ على أن تتم معاقبة من يُدلي بفتاوى شاذة لتضليل الناس، وتكون العقوبة على المخالفين سواء من الأزهريين أو من غيرهم. وفى السياق ذاته شدد "عبد الفتاح إدريس" رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر السابق، على ضرورة معرفة سبب أقصار الفتوى على هذه الجهات، ومن الذي اختار هؤلاء ليختصوا بالفتوى، مضيفا أنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الجهات هي المنفردة بالفتوى، مؤكدا أن هناك متخصصين ليسوا فى الجهات الأربع، مثل أعضاء هيئة التدريس فى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وأساتذة المواد الشرعية بكليتي دار علوم والحقوق، وهم من العلماء الذين حصلوا على أعلى درجات التخصص، فلماذا يٌحجم دورهم؟ ولماذا نُحجر عليهم ونقصر الفتوى على 12 أو 15 عالم فقط، خاصة وأن تساؤلات الناس لم تتوقف، مشيرا إلى أن هذا القانون يُعد مجازر للعلماء الذين درسوا أربعون عاماً فى الكليات الشرعية ولم يسمح لهم بالفتوى، وأخر المطاف يلقي بهم فى السجون، موضحا أن التصاريح الذي نصها القانون لمن يقوم بالفتوى تٌمنح لأشخاص بعينهم وتٌمنع لأشخاص بعينهم.. وتابع "عبد الفتاح إدريس" أن هناك عدة طرق للتخلص من الفتاوى التي تثير الفتن فى المجتمعات منها منعهم من الظهور الإعلامي، وليس منع العلماء غير الأزهرين من الفتوى. فتاوى شاذة بينما أشار "وليد إسماعيل" القيادي السلفي، أن قانون تنظيم الفتوى الذي اقره البرلمان كيف يطبق على من يفتون فى الزوايا والقرى، وهم ليسوا تحت سيطرة وزارة الأوقاف، مشيراً إلى أن الفتاوى الشاذة لا تصحح إلا بفتاوى صحيحة، فالقانون لابد وان يطبق على من يفتي بغير كتاب الله وسنة نبيه، وليس تطبيقه على أزهري أو غيره، خاصة وان العلماء أيام الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتفقوا جميعا على شيئا واحد ولكنهم اختلفوا ولم يٌكفر بعضهم بعضاً.